لم يشكل فوز حزب العدالة والحرية الذي يترأسه رجب طيب اردوغان مفاجأة للغرب والدوائر الاخرى ، بقدر ما شكل صدمة حقيقية لأنه افشل مشروعا كان يستهدف المنطقة كلها ممثلة بآخر حصن لها وهي تركيا الاسلامية المعتدلة ، والتي عملوا كل شيء من اجل ادخالها في اتون الحرب والتورط فيها مع سوريا ،ثم نقلوا المعركة الى داخل العمق التركي بإحداث تفجيرات اجرامية الهدف منها تخلخل الاوضاع الداخلية ، بعد ان افشلت الانتخابات السابقة حكومة اردوغان في الحصول على الاغلبية المطلقة لتشكيل حكومة يقودها حزب العدالة ، بنظام رئاسي يضمن لاردوغان وحزبه البقاء في السلطة فترة اطول ، فمن يقف وراء اخلال الامن والأوضاع في تركيا وإبعاد اردوغان وحزبه عن السلطة ، وتفجير الاوضاع في تركيا من الداخل بعد ان فشلت ادخالها في حرب مع سوريا بحجة محاربة تنظيم داعش وغيرها ، هنا قراءة في نتائج الانتخابات التي اخرست العالم الاخر الذي خطط لإفشال اردوغان في الحصول على مقاعد تؤهله لتشكيل حكومته ، كما فعلت في حزيران الماضي ،فماذا حدث وكيف افشل اردوغان بحكمته وحنكته السياسية ،ووعي شعبه ،لعبة الامم ومخططيها ، قراءتنا تكشف جوانب منها ، وتأثيراتها على المنطقة كلها ، وإخراجها من منظومة الحرب الى منظومة السلام ، وإفشال مخطط الارهاب الدولي التي تحمل رايته امريكا وايران وروسيا في المنطقة ، وإدخالها في اتون الحرب العالمية على اسس طائفية وعرقية واثنيه وقومية ، كمبرر لتقسيمها ، وتجزيئها الى دويلات صغيرة ، للهيمنة على مواردها النفطية والطبيعية وموقعا الاستراتيجي ، في اكذوبة لا تنطلي على احد هي (عودة الحرب الباردة) بين امريكا وروسيا ، في الهدف هم غير ذلك تماما ، ابتداء لا يمكن فصل ما يجري في تركيا قبل الانتخابات الاخيرة عما تواجهه المنطقة من صراع بين ارادتين ارادة الارهاب وإرادة السلام وتجنب المنطقة ويلات الحروب التي غاصت فيها لعقود طويلة دون نتائج على الارض سوى الخراب والدمار والقتل والتهجير والحرب الطائفية ، وبروز ظاهرة الارهاب الدولي بصناعات متنوعة الرؤوس مناه تنظيمات اسلامية غاية في الغلو والتطرف مثل داعش والنصرة وفتح الشام وأحرار الشام وميليشيات طائفية غاية في الاجرام والتطرف الطائفي ،وكلها اسستها ايران ودربتها وسلحتها لقتال طائفي في المنطقة ، ولم تسلم تركيا من ويلات هذا التطرف الاسلاموي الجديد على المنطقة والذي كان احد وابرز افرازات غزو العراق واحتلاله بعد 2003،والتفجيرات التي حصلت في تركيا دليل على اصرار الدول العظمى ادخال تركيا كطرف فيها في مواجهة الارهاب والحرب عليه بالدخول الى سوريا وافتعال حرب معها بحجة محاربة داعش وإسقاط الاسد،هذا هو وجه اللعبة الاممية التي تقودها امريكا وروسيا الان في المنطقة ونجحت في العراق وسوريا وتريد ان تنفذها مع اردوغان وتركيا ، لذلك وضعت الانتخابات حدا لهذا الاستهتار العالمي بحياة الشعوب ، وجاءت نتائج الانتخابات مخيبة لآمال أمريكا وروسيا وحلفائهما ،لقد اظهر اردوغان قدرة فائقة في احتواء الاحزاب المنافسة له والتي تحظى بحضور في الساحة السياسية ، فكانت حكمته وحنكته وخبرته السياسة كفيلة بإقناع الاحزاب التركية والشعب التركي كله ، ان ما يحيط تركيا من مؤامرة يستهدف تركيا وشعبها ولا يستهدف اردوغان وحزبه، وان من اسماهم الاصدقاء هم من يروج لتفتيت تركيا وشق الصف السياسي وتمويل الاحزاب المناوئة لاردوغان وحزبه،وان تركيا تواجه لعبة دولية رؤوسها امريكا وروسيا وايران ، وهذه الدول تغذي التطرف في المنطقة فأمريكا تدعم وتسلح تنظيم داعش والجيش الحر والنصرة وفتح الشام وأحرار الشام وغيره ، في حين تدعم ايران حزب العمال البككا الكردي في تركيا وتسلحه كما تدعم ميليشياتها في ألعراق اما روسيا فهي تجاهر بمحاربة كل من يعارض وجود الاسد ونظامه في الحكم ويعمل على ازاحته ، في اشارة واضحة الى اردوغان تحديدا، وكانت تحرشات الطيران الروسي لتركيا واضحا ، وأسقطت تركيا طائرة روسية في رد مباشر على تحرشات روسية وقحة لإجبارها على الدخول في تحالفها الرباعي ، وتحجيم دورها المحور الهام في المنطقة وإخراجها من التحالف الامريكي بإغلاق قاعدة انجرليك بوجه الامريكان ، فكانت سياسة اردوغان واضحة وصارمة ، داخليا وخارجيا، لقد اصر على ان تكون الحكومة المقبلة بيده ، كي لا تفلت وتخترق تركيا من قبل دول المحور وتذهب الى مناطق الصراع الاقليمي ، لذلك عمل اردوغان على الاعلان للشعب التركي وأحزابه قائلا ان تركيا امام خيارين لا ثالث لهما اما الخرب والانفلات والدمار اذا لم يفز حزب العدالة والحرية ، وأما ان تكون تركيا للجميع وتهزم مشاريع الدول المشبوهة التي تريد الشر بتركيا وتخطط لتدميرها كما دمرت سوريا والعراق وليبيا واليمن ولبنان وغيرها ، عندها كانت تحذيرات اردوغان بحكمته وكشفه خيوط المؤامرة ضد تركيا وليس ضد اردوغان في لحظتها التاريخية الحرجة ، واستلمتها الاحزاب ووعاها الشعب التركي ، وهكذا فاز ليس اردوغان وحزبه ،بل فازت الاحزاب كلها والشعب التركي كله ،وحما اردوغان وحزبه شعب تركيا من الانزلاق وراء المخططات المشبوهة ،للدول العظمى في لعبتها ،تدمير الشعوب وإشعال الحروب بين طوائفها وقومياتها ومذاهبها، كما يحصل في العراق وسوريا، اذن وعي الشعب التركي العالي بالمسئولية وإدراك الاحزاب المنافسة لاردوغان، هو من افشل لعبة الامم ألقذرة التي ارادت لتركيا اشعال الحرب داخلها ،بعد ان فشلت في ادخال تركيا في حروب خارجية خاسرة ، لقد انتصر الشعب التركي بحكمة وحنكة اردوغان وإيثار الاحزاب المؤتلفة معه ، بفوز اذهل العالم ، افرح الصديق وأغاض العدو (وما اكثر اعداء النجاح)، لكن ما هو انعكاس فوز اردوغان على المنطقة ، نقول ان فوز اردوغان يشكل بداية عصر جديد للمنطقة عصر يعم فيه السلام ، لان استقرار تركيا مرتبط باستقرار المنطقة كلها والعكس صحيح، لان تركيا تمثل الان دورا محورا ضامنا للمنطقة ، فلا العراق ولا سوريا ولا دول الخليج لها التأثير القوي عسكريا ودبلوماسيا في مواجهة الغول الامريكي الذي يغذي الارهاب والتنظيمات المتطرفة الاسلاموية ، وهاهي اصبحت ظاهرة تهدد حتى امريكا في عقر دارها بعد ان صنعتها امريكا بيدها وجعلتها تهدد العالم كله بتطرفها وجرائمها ، الا ان تركيا قد نجحت في لجم منظومة الارهاب وحصنت شعبها ويلاته ، بالرغم من تعرضها الى تفجيرات استطاعت تجاوز اثاره بسرعة ، وتمضى الى الامام في التنمية والتطور والتحديث في كل المجالات ، ويعد اردوغان مؤسس تركيا الحديثة وباني نهضتها الصناعية والاقتصادية والاجتماعية وهذا ما يقلق أعداؤه لذلك تعتبر نتائج الانتخابات وفوز اردوغان هو مفتاح السلام القادم في المنطقة ، لأنها افشلت اكبر مخطط عدواني وآخر حلقة من حلقات التآمر الدولي في المنطقة التي تقوده امريكا وروسيا وايران ، اجزم ان تركيا القادمة ستكون عنصر اعادة السلام للمنطقة وخاصة دولنا العربية التي تعد تركيا ضمن منظومتها الاسلامية المعتدلة ، وجزءا من تاريخها وحضارتها ،ان فوز اردوغان يعد فوزا للعرب (لو يفقهون)، لأنه صمام امانهم ، ضد المشاريع التدميرية التي تنفذها الدول العظمى في المنطقة ، والدول العربية ساحتها وحكامها هم اول من سيكتوي بنارها ودمارها ، اعتقد ان تركيا ستكون عامل استقرار مهم في المرحلة المقبلة بعد ان تجاوزت مرحلة الخطر التي رسمتها الدوائر الامبريالية لها ونصبت لها فخاخ التآمر والحروب ، نعم السلطان اردوغان افشلها جميعها وهو يهزأ بهم في اول خطاب له بعد الفوز ان تركيا انتصرت وهزم اعداؤها ، هكذا تمضي الشعوب الى مراقي التطور والتقدم وعبور الازمات وتجنب الحروب ، وما موقف الاحزاب التركية وتضامنها مع شعبها ومع اردوغان ، إلا ضمانة لبقاء تركيا موحدة وقوية ومتماسكة بوجه اعصار ولعبة الامم القذرة ، السلطان اردوغان يعيد عثمنة تركيا ويعيد لها مجدها ، ويهزم الطغاة ، فتحية لشعب تركيا العظيم وتحية لأحزاب تركيا وتحية للسلطان اردوغان الذي اعادة لتركيا هيبتها وأنقذها من مؤامرات الاعداء ……