عندما يعلن “محمد جواد ظريف” وزير الخارجية الإيراني بدعوة بلدان المنطقة الى التعاون والمملكة العربية السعودية الى العمل معاً لأرساء السلام في المنطقة والجلوس الى طاولت الحوار ، وكذلك أعلنها مخضرم السياسة الإيرانية هاشمي رفسنجاني بانه على استعداد لزيارات السعودية لفتح الابواب أمام الدبلوماسيين من كلا البلدين ، الدارسين في حقل السياسة يعرفون انه لا يوجد هناك قطع وإعلان نتائج تامة وحقائق نهائية بل دائماً ما تعلن نتائج نسبية وإنصاف حقائق .
لو رجعنا الى الحقبة الماضية من العلاقات الايرانية السعودية ، وقبل نصف النجاح الذي حققته الدبلوماسية الإيرانية مع مجموعة الدول ٥-;-+١-;- ، سنجد ان تلك الحقبة هي حقبة تصارعية بين ايران والسعودية وهذا التصارع يظهر على عدت اشكال من ابرزها التصارعات التي تخرج تأثيرتها على العراق وبعض البلدان التي تعيش الحالة العراقية .
الجميع يتفق على ان العراق يعيش حالة الأمن المفقود منذ التغيير الذي أحدثته الولايات المتحدة فية ، ولم يحدثهُ الجوار العراقي على امتداد خمسة وثلاثون عاماً من حكم البعث ، على الرغم ان دول الجوار كانت تعاني من حكم البعث ، بسبب الازمات التي كان يخلقها والسياسات التي كان يتبعها . هذا الأمن المفقود الذي تعاني منه البلاد دون إدنى شك هو بسبب المحيط الغير متجانس ، حيث ان العراق كبلد والعراق كمكونات منذ وقت بعيد تقوم بصراعات نيابتاً عن الآخر ، الأكراد كان يدعمهم شاه ايران لقتال النظام العراقي حتى أجبر العراق بالتوقيع على معاهدة الجزائر عام 1975م واعطي نصف شط العرب الى الايرانيين وفق ما نصت عليه المعاهدة ، وبعد ذلك توقف دعم الشاه لملا “مصطفى البرزاني” مما ادى الى اخماد الصراع المسلح للأكراد ، والتي من يومها اصبح العراق تقتطع أجزاء كبيرة من أراضيه بصورة قانونية تحت عنوان “اتفاقات تسوية ” أمام أنظار أبنائه الذين يدخلون حروب العبث ولم يدخلون حروب الدفاع عن أراضيهم ، وكذلك في وقتنا الحاظر وخاصة عندما ترى السعودية نفسها هي زعيمة المكون السني في العالم ، وترى ايران هي العمق الاستراتيجي لشيعة المنطقة على اثر هاتين النظرتين المتضاداتين تحول العراق الى ساحة لفرض الإرادات وزج المكونات في صراع طائفي يزداد يوم بعد يوم يمر بمراحل سبات كانار تحت الرماد . فالأمن العراقي هو رهينة المحيط لان أبناء البلد لم يذهبوا نحوا تحصين بيتهم ضد العواصف التي تضرب به ” حصن قلعتك من الداخل يخشاك العدو من الخارج ” بل يتأثر بكل ما يحيط به وخاصة تأثيرات الأزمة السورية التي يلعب بها طرفي التضاد ايران والسعودية كالاعبين إقليمين نيابة عن الاعبين الكبار ” الولايات المتحدة الامريكية و روسيا ” ، ودخول الطرفين في عدة جبهات للعمل على فرض الإرادات وخاصة في العراق وسوريا ولبنان وأيضاً في البحرين واليمن اضافة الى دول اخرى تقل بها وتيرة الصراع ، كل هذا يضعف من احتمال توصل الطرفين الى سلام شامل بل حتى الى سلام مؤقت لان أكثر الملفات لم تحسم بل تحتاج الى وقت طويل وحوارات أطول ، ودخول عدت أطراف دولية لإقرار هذا السلام والخروج باتفاق شامل عامل يؤدي الى تحقيق السلام ، كذلك من معوقات السلام ، ان لا يوجد هناك إجماع تام داخل كلا الطرفين فالسعودية منظمة الى مجلس التعاون الخليجي الذي توجد فيه اعضاء لهم خلاف حاد مع ايران حول بعض المسائل المشتركة في الخليج العربي التي تصر ايران على تسميته ب”الخليج الفارسي” وعدم حسم تبعيت الجزر المختلف عليها والتجاوزات المتكررة على المياه الإقليمية من قبل الأطراف والتواجد المريب للقطاعات العسكرية الإيرانية التي تتخوف منه دول الخليج قاطبتاً وكذلك وجود تيارات اصولية متشددة داخل البلدين ترفض هذا التقارب جملتاً وتفصيلا . فجراء ذلك لا يرشح قيام سلام حقيقي وان قام فان قيامه يكون شكلي ظاهري مع السماح للفصائل المسلحة الموالية ان تقوم بالصراع نيابتاً عن الأطراف مع استمار الصراعات غير المباشرة مما يؤدي الى بقاء الوضع الامني في العراق على ما هو عليه اليوم مع انه مرشح ان يزداد سوءأً في الايام المقبلة وخاصة انه يتاثر بموضوعين هما الانتخابات والملف السوري لا يُستبعد دور ايران والسعودية فيه ، فكل من الطرفين يسعى الى دعم قوائم سياسية تحقق لها مصالحها في العراق وتكون موالية لها . وكذلك الملف السوري الذي تعتبر به وسائل الحل متعثرة ويرمي بتاثيرته على العراق يوماً بعد يوم وخاصة فيما يخص انتقال المسلحين من والى العراق مما يؤدي الى صناعة فجوة امنية كبيرة او سحب العراق الى ساحة الصراع السوري . وعلى القوى السياسية ان يوقفوا تاثير كلا البلدين في العراق ويحولون العلاقة العراقية اتجاه ايران والسعودية من علاقة اطراف وقوى ومكونات الى علاقة دولة بدول اخرى .