خلال الانتخابات البرلمانية الثامنة منذ غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، كانت نسبة العراقيين الذين شاركوا في هذه الانتخابات أقل من أي وقت مضى. وتعزى قلة الحماس لهذه الانتخابات إلى قلة الثقة بالأحزاب القديمة التي لاتزال تحكم العراق، والشخصيات التي تقودها. لقد كان ذلك صحيحاً بالتأكيد، ولكنْ ثمة شيء أكثر جوهرية يفسر فتور العراقيين إزاء هذه الانتخابات، مفاده أن معظم العراقيين يعرفون أن الرصاصة أكثر قوة من الانتخابات. ولا يقتصر الأمر على استخدام الدولة للقوة والعنف ضد المنتقدين والمحتجين، وإنما هناك أيضاً الميليشيات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة والمحاسبة العامة.
وخلال العامين الماضيين، انضمت قوات الأمن والميليشيات معاً لقمع المحتجين، واغتيال الناشطين المشاركين في تظاهرات ضد الحكومة. واندلعت تظاهرات غير مسبوقة في بغداد، للمرة الأولى، في الأول من أكتوبر 2019، ثم انتشرت نحو جنوب العراق. ووصل تعداد القتلى جراء قمع هذه التظاهرات إلى نحو 1000 شخص، في حين تم اغتيال نحو 34 شخصاً من القادة البارزين لهذه التظاهرات، واختفى العشرات من العراقيين الذين تم حبسهم لدى الميليشيات.
ونتيجة اليأس والخوف، دعا المعارضون للحكومة والرافضون للميليشيات إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية. وتقدر نسبة المشاركين في الانتخابات بنحو 41% من العراقيين الذين يحق لهم الانتخاب، وهي أقل من الانتخابات التي تمت عام 2018، التي بلغت 43%. وتساءلت الباحثة العراقية ربى الحساني، من «معهد تحرير من أجل سياسة الشرق الأوسط»، ومقره في الولايات المتحدة، قائلة «كيف نتوقع من الناشطين أن يقوموا بحملات من أجل انتخابهم في حين أن البنادق موجهة نحو رؤوسهم؟ بالنظر لعدم تأمين الحماية للناشطين المعرضين للخطر، تكون الحكومة قد سمحت بحملة القمع».
وأسباب الاحتجاجات معروفة بالنسبة للعديد من دول الشرق الأوسط، إذ إن 13% القوى العاملة العراقية عاطلة عن العمل. وكان من بين المتظاهرين العشرات من الشبان العاطلين عن العمل، وأصبح ربع العراقيين الذين تراوح أعمارهم ما بين 16 و24 عاماً بلا عمل، ويعيش ثلث العراقيين حالياً في حالة فقر مدقع، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
وإضافة إلى العمل، كان المتظاهرون يطالبون بالخدمات الأساسية، مثل الماء النظيف، والكهرباء، وهم يلقون باللوم على السياسيين الفاسدين لحدوث كل المشكلات في حياتهم، كما أنهم دعوا إلى إلغاء نظام الطائفية السياسية في العراق، الذي يقسم الغنائم وفرص العمل استناداً إلى العرقيات والطوائف الدينية..
وكانت ردة فعل الميليشيات العنيفة، التي تعمل خارج سيطرة الدولة، ولكنها مرتبطة بالأحزاب السياسية، تهدف إلى الحفاظ على الذات، وكان المتظاهرون يريدون تفكيك هذه الميليشيات، والتخلص من نفوذها الخطر على الحكومة وإرهابها للمواطنين العاديين. وهاجم المتظاهرون إيران، التي ترعى كل هذه المجموعات المسلحة، وتمارس ضغوطاً سياسية على الحكومة، وتهاجم بقايا القوات الأميركية التي لاتزال تعمل في الدولة. وتعرضت الولايات المتحدة للانتقاد أيضاً، فهي لاعب مؤثر في العراق أيضاً، باعتبارها جهة أجنبية عن العراق..
وتسيطر على مشهد الميليشيات العراقية مجموعتان رئيستان، تنتميان إلى الطائفة الشيعية في العراق، وكلتاهما هاجمتا الناشطين ضد الطائفية واتباعها. الأولى هي «سرايا السلام»، ويترأسها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي كانت جماعته قد حاربت جنود الاحتلال الأميركي بعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين. والثانية هي الميليشيات الأكثر قوة ونفوذاً، وهي «الحشد الشعبي»، وهي مجموعة مدعومة من إيران، ظهرت إلى الوجود إثر ظهور تنظيم «داعش»، واحتلاله مدينة الموصل العراقية عام 2014.
وخلال بداية التظاهرات المناهضة للحكومة، قامت وحدات الحشد الشعبي بهجمات وحشية ضد المتظاهرين. وأمر قادة طهران «الحشد الشعبي» بمساعدة الحكومة العراقية في قمع التظاهرات، لأن التظاهرات كانت مشابهة للتظاهرات المناوئة للحكومة في طهران، وتلك التي جرت في لبنان ضد «حزب الله»، وهو ميليشيات تابعة لإيران، وجزء من الطبقة الحاكمة الطائفية الفاسدة في بيروت. ووصف القائد الأعلى في إيران، على خامنئي، التظاهرات في العراق بأنها «مؤامرة للأعداء».
وفي بداية اندلاع التظاهرات، أيّد الصدر المتظاهرين، ولكن بعد نحو عام، وخوفاً من انتقاد سياسته الطائفية، انضم إلى وحدات «الحشد الشعبي»، لبث الرعب في قلوب المتظاهرين. وخلال الانتخابات التي جرت في الأسبوع الماضي، قدم كل من مجموعة «سرايا السلام» التي يقودها الصدر، ومجموعة «الحشد الشعبي» التي يقودها ائتلاف يطلق عليه ائتلاف الفاتح، مرشحيهما.
وكما كان متوقعاً، لم تسفر الانتخابات عن أغلبية، وفتحت الطريق أمام مقايضة الوزارات والوظائف والأموال، وهي ممارسة تعتبر على نطاق واسع بأنها أصل وجذور الفساد العراقي. وقال الناشط العراقي، طلال الحريري، الذي أسس حزبه غير الطائفي، وأطلق عليه اسم «حزب حركة 25 أكتوبر»، والذي لم يشارك في الانتخابات «الضرائب التي ندفعها للطائفية كبيرة جداً».
وأشارت النتائج الأولية إلى أن مجموعة الصدر تتصدر البرلمان بمقاعد بلغت 75 مقعداً. والفتح حصلت على 16 مقعداً، ما دفع قادتها إلى الشكوى من حدوث تزوير في الانتخابات. وكانت المجموعتان الأخريان، اللتان حققتا مقاعد كبيرة، هما كتلة التقادم وهي حزب كردي، والثانية منظمة شيعية يترأسها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، الذي قام خلال وجوده في السلطة في الفترة ما بين 2006 و2014 بالتحالف مع الميليشيات الشيعية.
ومن حيث الواقع، تبدو الأحزاب التي هيمنت على السياسة العراقية مستعدة للاحتفاظ بالسلطة. ويلح المحتجون المخضرمون على أنهم سيحافظون على الضغط من أجل التغيير خارج البرلمان، مع التوقع بأن العراق سينتقل من سياسة الهوية إلى سياسة القضايا. وكتب مركز تمكين السلام في العراق، وهو منظمة بحثية مقرها واشنطن «لا يمكن لإطار عمل سليم لفهم العراق أن يتجاهل دور هذه الحركة الشعبية، ولا يمكنه الحفاظ على تركيز حصري على النخب السياسية القديمة في العراق أو مصالحها أو مواقفها وحساباتها. ويجب أن تنتبه لذلك الأطراف في شتى أنحاء الأرض من طهران إلى واشنطن».
ومع ذلك، فمن دون المحاسبة عن الجرائم المرتكبة في الماضي ضد ناشطي التظاهرات واتباعهم، فعلى الأرجح أن مثل هذا العنف يمكن أن يتكرر، بل سيتكرر، ويجعل السياسة تحت رحمة الرصاصة.
يتجه التحالف الممثل للحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران، نحو تسجيل خسارة مدوية في الانتخابات التشريعية مع فقدانه ثلث عدد نوابه، ما يؤشر الى تخلّي ناخبيه عنه بسبب رفضهم لسلطة السلاح ومطالبتهم بتعافٍ اقتصادي سريع “.
وبعدما كان القوة الثانية في البرلمان السابق مع 48 مقعداً، حاز تحالف الفتح، الحليف القوي لطهران، نحو 15 مقعداً فقط في انتخابات العاشر من أكتوبر، بحسب النتائج الأولية.
وندّد قياديون في التحالف بـ”تزوير” في العملية الانتخابية، وتوعدوا بالطعن بها، فيما يتوقع أن تنشر النتائج النهائية خلال الأسبوع الجاري.
ويرى خبراء أن هذه النتيجة المحرجة لتحالف الفتح والحشد الشعبي الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في العام 2018 مدفوعاً بالانتصارات التي حققها الى جانب القوات العسكرية الحكومية ضد تنظيم داعش، تفسّر بإخفاقه في تلبية تطلعات ناخبيه.
ويؤكد كثيرون أن أبرز أسباب عزوف جماهير الفتح والحشد عن التصويت لهما هو العنف والممارسات القمعية المنسوبة للفصائل الموالية لإيران والمكوّنة للحشد الشعبي الذي يتألف من نحو 160 ألف مقاتل، بحسب تقرير فرانس برس.
يضاف إلى ذلك غياب الخطط الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد في بلد غني بالنفط ولكنه يعاني من تردّ في الخدمات العامة وفساد مزمن، بعد عامين من انتفاضة شعبية طالبت خصوصاً بتغييرات على مستوى المعيشة”.
وكان حصول المالكي، زعيم ائتلاف “دولة القانون” على ما يفوق الثلاثين مقعداً، مفاجأة أيضا.
أن أبرز أسباب “تراجع الفتح هو اعتماده على السلاح”. أن “إعلانه بأنه حليف إيران أضر بشكل كبير بشعبيته”.
وظهرت فصائل الحشد، بالنسبة اليه، في أكثر من موقف، وكأنها “فوق الدولة، وهذا ما لم يكن مقبولا من جمهورها”.
إنه لا تزال هناك مؤشرات على استمرار النفوذ الكبير لطهران في العراق بعد أن حقق رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي “وهو صديق لطهران، مكاسب مفاجئة كبيرة، بحلوله ثالثا في ترتيب الفائزين” مع نحو 37 مقعدا مقابل 24 فقط في الدورة السابقة.
و إن قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، كان في بغداد وقت إعلان النتائج الأولية، ولا يزال يبحث عن طريقة لإبقاء حلفاء طهران في السلطة.
بعد الاحتجاجات الشعبية التي هزّت العراق في أكتوبر 2019، كان العشرات من الناشطين ضحايا عمليات خطف واغتيال ومحاولات اغتيال اتهمت الفصائل الموالية لإيران بالوقوف خلفها، ولم يحاسب أحد عليها حتى الآن
و تبادل قيادات سياسية داخل الحشد اتهامات بشأن هذا التراجع الانتخابي، من سوء إدارة الماكينة الإعلامية وطريقة توزيع المرشحين على الدوائر الانتخابية، ما أسهم في تشتيت الأصوات وضياعها.
وانعدام التجانس داخل تحالف الفتح ومحاولة جميع الأحزاب داخل الفتح فرض مرشحها في منطقة واحدة احيانا أضاع الأصوات”.
لكن رغم هذا التراجع، قد يظلّ الحشد قادراً على تشكيل كتلة وازنة في البرلمان، إذا ضمّ إليه “مستقلين”، ومن خلال لعبة التحالفات، لا سيما مع نوري المالكي.
وجذب أصوات طبقات اجتماعية استفادت باستفاضة من حكومته في مجال التوظيف، والزبائنية، حين كانت أسعار النفط أعلى”.
ويتخوف البعض من توترات سياسية وربما أمنية بعد الانتخابات.
ورفعت أحزاب شيعية مساء السبت النبرة، متهمةً في بيان المفوضية الانتخابية بأنها “لم تصحّح انتهاكاتها الجسيمة” التي ارتكبت خلال عملية عدّ وفرز الأصوات، واتهمتها بإفشال العملية الانتخابية.
وحذرت تلك الأحزاب في الوقت نفسه من “الانعكاسات السلبية” لذلك “على العملية الديموقراطية” في البلاد.
في الوقت نفسه، اتهمت الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية التي تضمّ فصائل موالية لإيران بعضها منضو في الحشد، في بيان الأحد، “أيادي أجنبيّة بالتلاعب في نتائج الانتخابات” وبـ”تزويرها بإشراف حكوميّ”.
وأظهرت النتائج الأولية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات الاثنين الماضي أن التيار الذي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر هو أكبر فائز في الانتخابات بحصوله على أكثر من 70 مقعدا في البرلمان من أصل 329.
في المقابل، حصد تحالف الفتح الذي يتزعمه رئيس منظمة بدر هادي العامري على نحو 20 مقعدا، وهو عدد قليل مقارنة بالانتخابات الماضية التي حل فيها ثانيا بـ 48 نائبا في برلمان 2018.
والواضح أن “الخسارة التي تعرض لها الموالون لإيران تعد بمثابة ضربة قاصمة للجانب المسلح الذي يمثله تحالف الفتح في البرلمان العراقي”.
وأن “المشكلة التي ستواجه العراق مستقبلا هي أن هذه القوى تمتلك نفوذا عسكريا وسياسيا لا يستهان به وبالتالي لن تقبل بالخسارة بسهولة”.
وبالرغم مما ذكر وتم التأكيد عليه فهناك اصوات وسلاح والغام تقول ولها طروحاتها بعد ان غادر القطار ولربما هذه الانتخابات تجسيد للديمقراطية وان وجدت واعترف بها من اصلا ينكرها :::- ما حقيقة تلاعب الإمارات بنتائج الانتخابات في العراق؟
ما حقيقة تلاعب الإمارات بنتائج الانتخابات في العراق؟
اتهم أحد النائبين الخاسرين بالانتخابات “الإمارات وأذنابها داخل العراق بإبعاده عن البرلمان
وجهت قوى سياسية عراقية اتهامات إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتدخل والتلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في 10 من الشهر الجاري، الأمر الذي تسبب بإقصاء جهات وشخصيات سياسية بعينها، مقابل رفع أصوات أطراف أخرى.
ومنذ إعلان مفوضية الانتخابات في العراق النتائج الأولية بعد 24 من انتهاء عملية التصويت، تواجه هذه النتائج يوميا اعتراضات من قوى سياسية، ولاسيما مع إعادة الفرز يدويا لعدد من الدوائر الانتخابية، التي غيّرت بشكل ملحوظ في عدد مقاعد القوائم الانتخابية.
النائب السابق والمرشح الحالي عن تحالف “الفتح” عبد الأمير التعيبان، قال؛ إن “الإمارات وأذنابها داخل العراق هم من خططوا لإبعادي من ساحة البرلمان، لأنني فضحت خططهم لتدمير وطني. لن نسكت وسوف نزلزل الأرض تحت أقدام الخونة والمارقين”.
وطالب التعيبان في تغريدة كتبها، الثلاثاء، على “تويتر” المفوضية العليا للانتخابات في العراق بالعد والفرز اليدوي لضمان عدالة النتائج، و”عدم السماح لدولة الإمارات بالتلاعب في النتائج”.
وفي السياق ذاته، قال رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء؛ إن “الفوارق بالأصوات حتى بعد إعادة الفرز اليدوي لم تكن عشرات أو مئات، بل الآلاف، وتزوير الانتخابات لم يكن عراقيا بل سيبرانيا، وهذه لا تنفذها سوى دول، وليس بمقدور القوى العراقية فعل ذلك”.
من جهته، قال فالح الخزعلي النائب السابق المرشح الحالي عن تحالف “الفتح” في حديث لـ”عربي21″؛ إنه “عندما أثير موضوع تدخل الإمارات، طالبنا بتشكيل لجنة تحقيقية للتحقيق في الأمر، ومن ثم الأمر متروك للجهات المعنية بالكشف عمن يتدخل سواء كانت الإمارات أم غيرها”.
وأضاف الخزعلي، قائلا: “نعتقد أن مخرجات هذه الانتخابات مهمة لتشكيل حكومة، ونحن ماضون بإعطاء صبغة وطنية وشرعية عليها من خلال عدم التدخل الخارجي، والآن الأمر متروك للجهات الأمنية المختصة وبانتظار النتائج”.
وأكد النائب السابق: “لا نستطيع البت في الموضوع، فالخبر يحتمل الصدق والكذب، وأن نتائج التحقيق ستثبت الحقائق، وعلى المفوضية العليا للانتخابات أن توضح هذه الاتهامات”.
وتابع: “ما يهمنا اليوم هو إعطاء مصداقية للانتخابات وإعادة الثقة لها من خلال إعادة الفرز يدويا وإن كان بنسبة معينة، وبحضور وكلاء الكيانات السياسية. وما يهمنا أيضا هو جهاز التصويت الإلكتروني وقبوله للبطاقات، إذ قد يكون جرى برمجته مسبقا لرفض بعض أسماء المرشحين”.
اولفت الخزعلي إلى أن “الشكوك ضد الإمارات العربية المتحدة بالتدخل في الانتخابات، لا يمكن تبديدها إلا بوجود معلومات تنفي ذلك، وأن المفوضية العليا للانتخابات عليها أن توضح أكثر من ذلك”.
وفي نيسان/ أبريل 2021، قال زعيم “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي؛ إن “الإمارات الآن تتحكم بالكامل بنتيجة الانتخابات لأنهم سيطروا على المنافذ التي تؤدي للتحكم بنتائج الانتخابات”، مشددا على أن “الانتخابات إذا كانت بيد حكام الإمارات، فإنه لن يقبل بها، ولن يسمح بها”.
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، حسين السبعاوي، في حديث لـ”عربي21″؛ إنه “من حيث المبدأ، فإن قضية التزوير في الانتخابات العراقية أمر وارد، لأنه بالأساس لم تحدث أي انتخابات منذ 2003 وحتى الآن بصورة حرة ونزيهة وشفافة”.
وأردف: “لكن أن يكون تحديدا الدولة الفلانية متورطة بالتلاعب والتزوير، فهذا الأمر يحتاج إلى دليل، رغم أن حلفاء الإمارات في العراق قد فازوا بشكل فوق المتوقع، وهنا تدور الشبهات”.
وبيّن السبعاوي أن “الجهات غير الحليفة للإمارات تتحدث عن التزوير، فعليه، الموضوع يحتاج إلى أدلة، لأن الشكوك موجودة والتزوير ثابت ولا يشك فيه أي مواطن عراقي، وذلك من نسبة التصويت إلى قضية إبطال بعض المحطات الانتخابية بحجة وجود تزوير، وصولا إلى إبقاء 6 بالمئة من الأصوات غير مفروزة، وتأخيرها وكأنها ذخر تعطى لمن يزعل”.
ونوه الخبير السياسي إلى أن “العملية الانتخابية في العراق تبقى عرجاء بهذه الطريقة، طالما هناك مليشيات ومال سياسي فاسد وتدخل خارجي في الانتخابات، لا تستطيع المفوضية ولا والحكومة أن تمنعه”.
وأشار السبعاوي إلى أن “وجود لوبيات أمريكية وغربية في أبو ظبي ودبي، هي التي تعمل وتقوم بهذه الأعمال باسم الإمارات، لذلك فإن الأخيرة تتحمل المسؤولية كونها هي من تأويهم، فضلا عن أنها راضية بكلل ما يجري، فقد ساهمت في الانقلابات وعمليات تجسس وتاريخها مليء بهذه الأحداث”.
وأظهرت نتائج الانتخابات حتى وقت كتابة التقرير أن “التيار الصدري حصل على 71 مقعدا، تقدم 38، دولة القانون 36، الفتح 20، العزم 15، الديمقراطي الكردستاني 33 مقعدا، الوطني الكردستاني 18 مقعدا، امتداد 9، الجيل الجديد 9، العقد الوطني 5، والمستقلون 37”.
وعلى ضوء ذلك، أعلن الحزب الإسلامي العراقي، رفضه لنتائج الانتخابات البرلمانية، مؤكدا أنها غير صحيحة، وأن مرشحيه لم يخسروا، بل تم استبعادهم بجهود مشتركة بين أطراف مختلفة في الداخل والخارج، لا تريد لمشروعه الوطني والإسلامي أن يكون له حضور في الساحة العراقية.
وبين الحزب في بيان، الثلاثاء، أن استهدافه جاء لضرب تمثيل الهوية الإسلامية الوطنية سياسيا، قائلا: “نرفض النتائج التي أعلنت تماما، ونؤكد أنها مزورة مسبقا وبتدبير يراد منه كما يبدو إعادة تشكيل الساحة السياسية العراقية لغايات معينة”.
وأشار إلى أن الاعتراف بهذه الانتخابات التي تحيط بها الشكوك والشبهات من أولها إلى آخرها خطأ كبير، علينا ألا نقع فيه وعلى القوى السياسية عدم الرضوخ له، معلنا دعمه ووقوفه مع القوى التنسيقية الرافضة لعملية الانتخابات، وما نتج عنها من نتائج مزورة.
ونوه الحزب إلى أن “جمهور الحزب الإسلامي وتنظيماته ثابتة منذ عدة دورات، وعلى الرغم من زيادة هذا الجمهور وتأكدنا من خروجه للانتخابات وتصويته لصالح مرشحينا، إلا أننا لم نجد هذه الأصوات في نتائج المفوضية، وهو أمر يعزز الشكوك التي تثار بخصوص عملية الانتخابات ومجرياتها ومخرجاتها”.
وفي بيانات منفصلة، الخميس، سجل تحالف “عزم” بقيادة السياسي خميس الخنجر، وحزب “للعراق متحدون” بزعامة نائب الرئيس العراقي الأسبق أسامة النجيفي، اعتراضهما على نتائج الانتخابات التي أعلنتها المفوضية، مطالبين بضرورة إعادة العد والفرز يدويا.
وأكد الجانبان في البيانات أن “المفوضية تسرعت بإعلان نتائج غير مكتملة، مما ساعد على إثارة شكوك مشروعة، حيث ظهرت بعد إعلان النتائج الأولية دلائل موثقة بالصور والفيديوهات، تشير إلى وجود محطات غير رسمية واستخدام سيئ للبطاقات وغياب أسماء من حدثوا بطاقاتهم”.
وشدد “عزم” و”متحدون” على ضرورة مراجعة الإجراءات كافة وتقاطع البصمات واعتماد أساليب علمية شفافة وقابلة للتحقق أمر شديد الأهمية لكسب ثقة المواطن، وكذلك العد والفرز اليدوي بحضور وكلاء الكيانات السياسية والمراقبين الدوليين والمحليين.
يشار إلى أنه رئيس البرلمان الأسبق سليم الجبوري، قد كشف خلال مقابلة مع قناة “السومرية” المحلية في أيار/مايو 2018 إنه كان فائزا في الانتخابات البرلمانية عام 2018 وفق جميع المعطيات بالشواهد والأدلة، وكذلك تلقى اتصالا من الإدارة الانتخابية تؤكد فوزه، لكن عندما خرجت النتائج كان خاسرا.
واستدرك الجبوري، قائلا؛ إن “خميس الخنجر (سياسي عراقي) أبلغه قبل أسبوعين من الانتخابات عام 2018 بتدبير أمر معين في الإمارات يتعلق بوضع الانتخابات؛ لأن السيرفرات الخاصة بالاقتراع كانت هناك”، مشيرا إلى أن “الخنجر أكد بأن النتائج ستكون صادمة بالنسبة له”.