تعد قضية المليشيات المسلحة في العراق ، من أبرز القضايا الخلافية السلبية ، سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً ، وفي مختلف مناحي الحياة ، التي لا يمكن أن تسير بنهج صحيح ما دام السلاح المنفلت هو الحاكم المطلق ، فلا قانون ولا حريات ولا ما تدعى العملية السياسية ، أمام الموت المتربص من مختلف الجهات .. ظهور ( داعش ) هو السبب في بروز المليشيات ، وإن ( الحكم المليشياوي ) كان أحد أهم عوامل ظهور تنظيم داعش وإمداده بالقوة التي مكنته من السيطرة على أكثر من ثلث مساحة الأراضي العراقية ما يعني أن هناك ترابطاً في المسببات والنتائج , تؤكد الوقائع التاريخية ، أن ولادة بعض المليشيات يرجع إلى ما قبل الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 ، بينما أسهمت الأوضاع المضطربة والتعقيدات ، التي رافقت إسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين في ولادة بعضها الآخر ، وجميعها تتمتع بقدرات مالية وبشرية كبيرة ، ومعظمها تتلقى الدعم من دول الجوار و تزداد الخشية اليوم من العصابات المليشياوية التي تفرض قوانينها على أبناء
( بلاد الرشيد ) وقد أمتهنت هذه العصابات القرصنة والنهب والسلب والنصب والقتل وجمع المغانم والمكاسب والسيطرة على مراكز القوى في كافة دوائر الدولة وابتزاز المواطنين وإشاعة الفساد وممارسة التهديد والوعيد والاغتيال والمطاردة والرقابة والسرقة والسيطرة التامة على صناع القرار حسب طريقة نفع واستنفع , البعض من الأحزاب اليوم في بعض مدن العراق تحولت إلى ميليشيات مسلحة جديدة يؤدي الى مراكز قوى تعيق بناء العراق ، وتتسابق القوى السياسية لاستمالتها واستخدامها للأغراض ابتزازية ونفعية , خصوصا أن الطائفية السياسية في بلادنا تتبع السبل النفعية غير النزيهة لجمع الإتباع والدعاية للإعلام , ونهج فقدان بوصلة الوطن وإقامة الولائم والمؤتمرات التحشيديه وهمسات النفاق ، ولا تمتلك أحزاب الطائفية السياسية ، لا تجربة ولا تراكم معرفي ولا اعتراف بالجدل والمعرفة العلمية ، هي نفسها عشائر وطوائف أكثر منها أحزابا ، وهم مشايخ أكثر منهم سياسيين وقادة , تجعل الحزبية العشائرية السياسية اليوم حالة صعبة من الصعب على العراقيين قبول سلطة مركزية لعشيرة واحدة على بقية العشائر والشرائع العشائرية غير المكتوبة سارية المفعول في القرى والنواحي البعيدة ، ويختلط فيها الكرم والخلق الشخصي والمساعدة المتبادلة والتقاليد البالية القاسية والعنيفة , فالاحترام والهيبة والخوف هي العناصر الغالبة على العلائق ، وكل فرد في العشيرة يعرف مركزه ومتشبث بمبدأ الولاء المطلق , وتسيطر المشايخ السياسية في العراق الجديد على مخازن الذخيرة والأسلحة وبحوزتهم الأموال ويستحوذوا على المكانة التي تغدو بغمضة عين أنقاض وركام في الاحتراب العشائري وبالقنابل الساقطة والتفجيرات الإرهابية ومارسوا عرضيا سلطات حق تقرير الحياة والموت بالنسبة للإتباع , ولا تستمد سلطة الشيخ السياسي وجودها وقوتها من التقاليد العشائرية وحدها بل تستمدها مما يكون له من وضع اقتصادي يستطيع به الغلبة على منافسيه والسيطرة على الإتباع عبر تقديم المنافع المادية والخدمات المعيشية ، وينهمك هؤلاء بتكديس الثروات وتنمية ملكياتهم الخاصة تحت شعار عودة الإقطاعية من جديد بفضل جهود شيوخ المال والجاه المسيطرون على اقتصاد العراق