المقدمة :
كثر الحديث عن صفقة ألاسلحة التي عقدها السيد نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية مع كل من :-
1- روسيا ألاتحادية بقيمة مايزيد على ” 4″ مليارات دولار
2- جمهورية التشيك بقيمة ” مليار دولار
3- وأذا أضفنا لها صفقة السلاح مع أمريكا بقيمة ” 12 ” مليار دولار
يكون مجموع المبالغ المالية التي سوف تدفع لمشتريات السلاح ” 17 ” مليار دولار .
ومن المعلوم أن هذه المبالغ سوف لن تدفع فورا ولكن الخزينة العراقية بشخص وزارة المالية هي من تقوم بالدفع والتحويل للوزارات المعنية حسب أصول الصرف .
ومن هنا تثار أعتراضات وهي محقة , ومفاد تلك ألاعتراضات هو :-
1- هل نحن بحاجة لكل هذا السلاح ؟
2- هل تمكنا من تغطية حاجة المواطن العراقي ونقلناه من حالة الفقر والعوز الى حالة ألاكتفاء كبلد نفطي وارداته النفطية في تصاعد ؟
3- هل أستكملنا قواعد البنى التحتية حتى ننتقل لقواعد البنى الفوقية ؟
4- هل تمكنا من سداد مابذمتنا من ديون تركها بذمتنا النظام السابق مع أنظمة عربية تبيت للعراق سوء النوايا ؟
هذه ألاسئلة وغيرها يحتج بها البعض تارة لنوايا ومواقف وطنية صادقة , وهي بحاجة الى حوار هادئ يأخذ بالحسبان حالة العراق الذي يعاني من تكالب يثير بوجهه ألازمات .
وتارة تنطلق تلك ألاسئلة من جهات وأطراف وأفراد لايستحضرون ألا المشاكسة وأضعاف الحكومة بأثارة الفرقة والفتنة الطائفية ممن لم يضعوا وحدة العراق هدفا لهم , ولا قوة العراق تعنيهم .
وهناك من يرى عكس مايراه أصحاب الموقف ألاول على تنوع خلفياتهم , فهو يرى :-
1- أن العراق دولة خرجت من حروب عبثية أنهكتها خارج أطار رغبة الشعب العراقي مما جردتها من كل مقومات القدرة الدفاعية الازمة لآي دولة .
2- والعراق وقع تحت أحتلال دمر دولته ومحا جيشه وحرمه من القدرة على التحكم بفضائه ومياهه وحدوده , ولابد للدولة العراقية من أستعادة خصائص الدولة ومفهومها القانوني .
ومع وجود مثل هذه التساؤلات في الساحة العراقية والتي لايمكن التقليل من أهميتها ونحن نصبوا الى حالة من الديمقراطية جعلناها شعارا في دستورنا الذي نأمل أعادة النظر ببعض مواده – فعلينا أن نستمع الى كل ألاراء ووجهات النظر , وأن يكون البرلمان محطة لطبخ وتنضيج ألاراء لاسيما في القضايا التي تهم حياة الشعب العراقي ومستقبله , وعندما يجد البرلمان صعوبة في توفير ألاراء المناسبة من داخله عليه ألاستعانة بأهل الخبرة والمشورة من خارجه وهو أسلوب متبع لدى الدول المتقدمة حتى لايكتب على نفسه عدم القدرة على تشخيص متطلبات الدولة والمرحلة كما حدث في موضوع ” البنى التحتية ” فالتهرب من مناقشة مثل هذه المسائل الحيوية هو فشل سياسي وتعارض مع المفهوم ألانتخابي لتمثيل المواطنين يعرض النائب من الناحية الشرعية ومن الناحية ألاخلاقية الى المساءلة .
ولحسم مثل هذه المواضيع لابد من معرفة أستدلالية حتى نبقى في أطار العقل والمنطق وهي نعمة علينا أن لانزهد بها , ومن أضاءات ألاستدلال قوله تعالى : ” وأعدوا لهم من قوة ” وهذه ليست دعوة لآثارة العداء , ولكنها تقرير واقعي لما يواجه العراق من تحديات أولها : ألارهاب الذي لابد له من ردع بالقوة , وثانيها تحديات المحيط وألاقليم وحتى العالم الطامع بالثروة , والعراق يملك ثروة لابد من حمايتها يقول الشاعر :
تعدوا الذئاب على من لاكلاب له
وتتقي مربض المستنفر الحامي ؟
فشراء السلاح بهذا المفهوم أمر مقبول , لاسيما وأن الجيش العراقي تركه ألاحتلال بلا غطاء جوي .
ومن الجانب ألاخر وهو حاجة المواطنين للطعام والسكن : نجد ألاستدلال حاضرا وشديد الحرص على كرامة ألانسان أولا : يقول النبي “ص” مما نقله عنه أهل البيت عليهم السلام : ” ماللبيوت يحرم على المساجد ” ؟
أي أذا كانت الناس لاتملك بيوتا للسكن , يجب بناء البيوت للناس أولا ثم يتم بعد ذلك بناء المساجد , ونحن اليوم نرى المعادلة معكوسة نبني كثيرا من المساجد الخالية من المصلين أحيانا ونترك الناس بلا سكن يحفظ كرامتهم , والدولة يجب أن تهتم بسكن المواطن وطعامه وتعليمه وصحته قبل كل شيئ
فأذا كان ماللبيت من مستلزمات تتقدم على المساجد ذات ألاهمية القصوى في ألاسلام , فأنها تتقدم بالضرورة على غيرها من ضروريات السلاح ألا أذا كنا في معركة لاقدر الله فأن السلاح يتقدم على بقية الضرورات , ومن هنا عندما أراد النبي “ص” تزويج علي بن أبي طالب من فاطمة منعه من أن يبيع سيفه وأمره ببيع درعه قائلا له : أن سيفك تذب به عن ألاسلام ؟
فنحن أمام ضرورتين هما :
1- الحرص على كرامة الناس بتوفير : ” الطعام والسكن والتعليم والصحة ” وهذه هي التنمية البشرية , وكرامة ألانسان عند الله أفضل من كرامة بيت الله ” مكة المكرمة ” قال تعالى ” وكرمنا بني أدم ”
2- الدفاع عن الوطن : وهو دفاع عن العرض والكرامة
والخلاصة : أذا كان الوطن مهددا بألاعتداء من قبل الاعداء فأن شراء السلاح مقدم على ألاشياء ألاخرى قال الشاعر :
يهون علينا أن تصاب جسومنا
وتسلم أعراض لنا وعقول
وأذا لم يكن الوطن مهددا بالحروب وألاعتداءات , فأن حق المواطن في الطعام والسكن والتعليم والصحة مقدم على ألاشياء الاخرى .
وبما أن المواطن العراقي بحاجة ماسة للسكن ومستلزمات العيش الكريم فيجب أن تكون هذه الحاجات مقدمة على غيرها , ثم أن واردات العراق النفطية تجعله قادرا على تلبية الحاجتين ولكن ذلك يحتاج الى تخطيط سليم وايادي أمينة , وبهذا ألاستدلال نكون قد رسمنا حلا يرضي جميع المتحاورين نأمل من الحكومة ومجلس النواب ألاخذ بهذا السياق من الحلول المبنية على المعرفة , والمعرفة خير .
رئيس مركز الدراسات والابحاث الوطنية
[email protected]