تخطيط الغرب كان محكما، او ربما حدس كريستوفر ديفيدسون صاحب كتاب ما بعد الشيوخ “سقوط المماليك الخليجية” في محله، عندما توقع السقوط في بداية 2018، فالأحداث الجارية المتسارعة بين قطر والسعودية حبلى بالمفاجئات، بالرغم من انها لم تكن متوقعة، ولم تكن بحسبان احذق المحللين السياسيين.
قبل زيارة ترامب وعقده اللقاءات والرقصات والمؤتمرات السريعة، قال السيد عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة رأي اليوم، بأن ترامب جاء لمنطقة الخليج لكي يحلب بقرة الخليج، ويدشن اول خط ملاحي جوي بين الرياض وتل أبيب، في إشارة واضحة لصفقة مئات المليارات، وإلى مد جسور المحبة مع إسرائيل علنا، وفعلا حصل ذلك، لكن ما لم يذكره هو المحور الثالث للزيارة وهو تأزم الأوضاع الخليجية، وصعود محمد بن سلمان الى ولاية العهد في السعودية والذي باركاه كل من امريكا واسرائيل.
هذا الصعود المفاجئ هنا، والمخطط له هناك هو ضمن خطة محكمة، أبرزت الوجوه او الممثلين القادرين وبسلاسة على لعب هذا الدور القذر بالنسبة لدول المنطقة وقطر، والبطولي بالنسبة لإسرائيل وأمريكا، فنجما هوليود الجدد هما محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، جاءا على ركام ملكين عاجزين.
الملكان “الممثلان” الجديدان عهدت لهما عدةادوار، ما يهمنا هو دورهما في العراق، وبالتأكيد ستكون هناك مواقف سياسية قادمة لهما بهذا الشأن، قد تكون متشددة او متقاربة مع ما يطمح له ساسة العراق، وبالطبع مساحة النفوذ الإيراني ستكون أولى الأولويات.
بعد مغادرة ترامب مباشرة، تعالت أصوات حكام السعودية، وطفح كيلها، وطفحت معه كل الاختلافات على سطح الفضائيات، وتلاشت الأخوة وغطست الى مستوى لم تبلغه سابقا، وبرز العداء ونفذت التعليمات التي طرحها او فرضها ترامب على مؤتمرات الرياض العربية والاسلامية. بمغادرته الرياض محملا بالمليارات، بدأت لعبة حصار وشيطنة قطر وجزيرتها الاخبارية والوثائقية، وطرد السفراء من الدول المقاطعة وأصدقائهم التابعين للدولار الاخضر، وتقديم الشروط التعجيزية الثلاثة عشر، ورفضها من قبل العنيدة قطر إذ تحركت بدورها، وطلبت المساعدات من ايران وتركيا، وبات وزير خارجيتها لايفارق واشنطن صباحا ولامساءا، الى ان وصلت صفقة ال 13 مليار، ووصلت معها القوات التركية إلى الدوحة، بعد أن أعلنت تواجدها في شمال كل من سوريا والعراق ولو بصورة صورية.
قد تسقط قطر او تحرر كما سرب من بعض مسؤولي السعودية، لكن المخطط ليس هي لأنها ليست الكبرى، ومقومات سقوطها أقل بكثير من البحرين والإمارات والسعودية كما يقول ديفيدسون، والقرار ستخطه انامل العم “سام” هناك في البنتاجون والبيت الأبيض وليس في قصور الرياض وأبو ظبي.