23 ديسمبر، 2024 2:02 ص

السفير الياباني في العراق

السفير الياباني في العراق

انتشرت في الآونة الاخيرة مقاطع فيديو للسفير الياباني في العراق فوميو ايواي وهو يتحدث اللغة العربية ويصوم الايام الثلاث الاخيرة من رمضان ويفطر على الكاهي والقيمر الأكلة الشعبية العراقية مصباح عيد الفطر.. وقبلها قام هذا الرجل وسفارته بنشاطات اجتماعية وسياسية مهمة منها: مشاركة الأيتام مأدبة الإفطار وتوجيه كلمة باللغة العربية الى الجمهور الرياضي العراقي قبل مواجهة منتخب بلاده بيوم واحد اضافة الى تدشين مشاريع القروض واللقاءات السياسية وحتى بيانات الاستنكار للتفجيرات والاستعداد لمعالجة الضحايا.

وكل ما تقدم يدل على ان الدول اصبحت تهتم بسفاراتها الخارجية واختيار الاشخاص الذين يمثلونها ضمن صفات تختلف من زمن الى آخر.. فقبل عدة عقود كانت اغلب السفارات مقرات استخبارية تهدف الى معرفة أحوال البلدان والاطلاع عن قرب على أوضاعها اضافة الى القيام بالمهام القنصلية ورعاية المصالح ، لكن مع التقدم التكنلوجي والعولمة والانفتاح المطلق وتبادل المعلومات مجانا عبر الانترنت او الاطلاع على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ، تغيرت معها معايير اختيار السفراء ومهام السفارات ذاتها.

ويبدو ان كوكب اليابان مثلما يحلو للبعض تسميته ، من السباقين دائما في هذا المجال وكل مجال.. فالسفير الياباني يتحدث العربية ويمارس العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية ويندمج مع كافة فئات المجتمع حتى الرياضي منه لينقل صورة ناصعة ومبهجة عن سياسة بلاده.

واذا كانت اليابان مثالا في التطور التكنلوجي فإنها تبغي التفوق في كل شيء.. ولا نجد ضيرا في التعلم من هذه التجربة الفريدة في الميدان الدبلوماسي ، لكن وللأسف الأمنيات شيء والواقع شيء آخر ، فتجربة السفارة العراقية في الخارج تعتبر من الكوارث المغيبة عن الاعلام ، فالمحاصصة والقرابة والرجل غير المناسب في المكان المناسب بعيدا عن الخبرة والكفاءة والمعرفة بشؤون ولغة الدولة المبتعث سفيرا اليها قد تكون أسبابا تقف وراء هذه التجربة المؤلمة يضاف اليها مسألة مهمة اخرى تقف وراء هذا الفشل؛ وهي الولاء ، فاغلب سفراء العراق يحملون جنسيات غير عراقية ، والاغرب ان بعضهم يحمل جنسية البلد الذي يمثل العراق فيها… لذا نجد ان سفير عراقي مثلا يحث اعضاء سفارته للتظاهر ضد قرار الحكومة المركزية لأنها تناقض توجهات كتلته ، وسفير آخر يستغل السفارة لأغراض حزبية وآخر لغايات شخصية واخر يبيع مبنى السفارة او يسيء للبلد بإحالة بعض افراد عائلته للقضاء ، فمتى تستفيق وزارة الخارجية من هذه الكارثة وتتعلم من تجارب الاخرين في إدارة سفارات بلادها بالخارج بعيدا عن المحاصصة الحزبية والطائفية ، وتضع شروطا للسفراء وضوابط لعملهم واختيارهم يعجز معها دعاة المحاصصة من ايجادها الا في اصحاب الكفاءة ومنها: شهادة عليا رصينة ومتخصصة ومعرفة تامة بأحوال ولغة وتاريخ وعادات الدولة المبعوث اليها والاهم من كل ذلك ان يكون مستقلا ولا يمت بأية قرابة لأي من المسؤولين او يحمل جنسية غير الجنسية العراقية.

عندها وعندها فقط؛ يمكننا القول ان العراق وسفاراته في الخارج قد وضعن على الطريق الصحيح وان تجاربنا في نقل صورة ايجابية عن بلادنا ناجحة مثلها مثل سفارات وسفراء اليابان.