12 أبريل، 2024 1:12 ص
Search
Close this search box.

السفير المهرج

Facebook
Twitter
LinkedIn

 اثار خبر تناقلته وسائل الاعللام يوم  9 / تموز / 2014 حول ابلاغ سفير العراق لدى الامم المتحدة في نيويورك محمد علي الحكيم في رسالة موجهة للامين العام بان كي مون  بتاريخ 30 / حزيران / 2014  بان حكومة بلاده فقدت السيطرة على منشأة سابقة للاسلحة الكيمياوية لصالح مجموعات مسلحة وانها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية لتدمير المواد السامة هناك . وان منشاة المثنى ( 72 شمال غربي بغداد )قد سقطت في 11 من يونيو / حزيران وان بقايا برنامج سابقة للاسلحة الكيمياوية موجودة في غرفتين محصنتين تحت الارض هناك “. وان كاميرات المراقبة قد رصدت فجر الثلاثاء 12يونيو / حزيران نهب بعض المعدات  واجهزة المشروع قبل ان يعطل المسلحون نظام المراقبة .
وكعادتها فقد سارعت وسائل الاعلام الى تناقل الخبر الذي كان مصدره وكالة رويترز للانباء يوم الثلاثاء 8 تموز الجاري بان سفير العراق لدى الامم المتحدة في نيويورك محمد علي الحكيم قد بعث برسالة ( مذكرة رسمية )مؤرخة في 30 حزيران 2014 الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان منشأة المثنى شمالي بغداد سقطت في 11 يونيو / حزيران بيد المسلحين. واضاف ان بقايا من برنامج سابق للاسلحة الكيمياوية موجودة في غرفتين محصنتين تحت الارض هناك . واستنتج السفير المذكور ان الدولة التي يمثلها قد اصبحت عاجزة عن السيطرة على الوضع الامني حاليا , وان العراق غير قادر على الوفاء بالتزاماته الدولية لتدمير الاسلحة الكيمياوية بسبب تدهور الوضع الامني , مضيفا ان العراق سيستانف التزاماته عندما يتحسن الوضع الامني ولشعبه السيطرة على المنشأة .
وتطور الخبر ليصبح مثل كرة الثلج , وسرى سريان النار في الهشيم  , فنقلت صحيفة السفير اللبنانية يوم 9 / تموز ان العراق يؤكد سقوط منشأة كيمياوية سابقة . ونقل تلفزيون ( دويتشه فيله ) الالماني يوم 9 تموز الجاري ان بغداد تؤكد سيطرة ” ارهابين على موقع كيمائي مؤكدة ان المشروع السابق يعود لعهد صدام حسين وعجز الحكومة على تدمير ترسانتها الكيمياوية حاليا . وتبعها موقع سويس انفو في نفس اليوم , ثم قناة الجزيرة القطرية , ثم قناة الشرقية العراقية . واضافت قناة البي بي سي العربية الى ان المجمع يضم بقايا صواريخ محملة بغاز الاعصاب ” السارين ” وغيرها من غازات الاعصاب القاتلة .
ثم نقلت لاحقا صحيفة الواشنطن يوست عن وكالة الاسوشيتد برس في 10 حزيران بان الجكيم قال بان مواد  نووية قد تمكن الارهابيين مع توافر خبرة اضافية أو باضافتها الى مواد اخرى لاستخدامها باعمال ارهابية أو تضيع اسلحة دمار شامل . واضاف بان المواد قد تهرب الى خارج العراق وطلب المساعدة ل “تفادي التهديد باستخدامها من قبل الارهابين في العراق او خارجه “. وفي رسالة وزعت الثلاثاء ، قال الحكيم بان مجموعة الدولة الاسلامية قد سيطرت على منشأة سابقة حيث تضم بقايا 2500 صاروخ كيمياوي تعود لعقود خلت مع غاز عامل الاعصاب القاتل السارين كانت مخزونة منذ  فترة طويلة مع غيرها من عوامل الحرب الكيمياوية.
ثم نقلت قناة العالم الايرانية يوم 10 تموز الجاري بان السفير العراقي لدى المنظمة محمد علي الحكيم قال بان ” حوالي 40 كيلو غراما من مركبات اليورانيوم كانت موجودة في جامعة الموصل ” .
وسرعان ما نقلت كل مواقع الانترنيت المعنية هذا الخبر على علاته , فنشرت شبكة اخبار العراق ان حكومة المالكي في اعلان لها عاجزة عن توفير الامن في العراق . وهكذا جرى موقع واي نيوز , وحتى مواقع اخرى مثل البعث نت , والبوابة نيوز, وموسوعة القوة الصامتة , مع اخطاء فاضحة , فموقع البعث نت وضع صورة سفير العراق في واشنطن لقمان عبد الرحيم الفيلي بدلا من صورة سفير العراق في نيويورك محمد الحكيم . ووضع موقع البوابة نيوز صورة شخص اخر تحت اسم محمد علي الحكيم . فيما نشرت مواقع اخرى صور سابقة للمنشاة المذكورة قبل اكثر من عقد من الزمن.
ويثير هذا الخبر المستند على رسالة السفير العراقي اشكاليات قانونية وسياسية كبيرة وتقود الى استنتاجات خطيرة ابرزها : –
1 . ان العراق يمتلك اسلحة دمار شامل رغم عجز الامم المتحدة وفرق تفتيشها لاكثر من 13 سنة من التقصي والتفتيش وكذلك عجز الولايات المتحدة عن اثبات ذلك منذ 11 سنة من البحث داخل العراق .
2 . ان العراق قد انتهك التزاماته المقررة بموجب اتفاقية حظر الاسلحة الكيمياوية لعام 1993 والتي دخلت حيز النفاذ عام 1997, وانظم اليها العراق في عام  2009 ليصبح الدولة العضو رقم 186 من مجموع الاعضاء ( 190 ) دولة .
3 . ان العراق لم يتقيد بالتزاماته الدولية تجاه المجتمع الدولي ومنظمة حظر الاسلحة الكيمياوية ( OPCW)  ومقرها لاهاي في هولندا , ولم يدمر جيع مخزوناته من الاسلحة الكيمياوية ولم يخضع لنظام التحقق الشامل ولم يمتثل لاجراء ( التفتيش  بالتحدي ) الذي تجريه الوكالة الدولية بشكل مستعجل بمجرد قيام الشك على ذلك. وهذامضمون  ماصرح به السفير الحكيم  باقراره بعدم قدرة بلاده على الوفاء بالتزاماتها بتدمير الاسلحة الكيمياوية.
4 . ان الوكالة الدولية قد قصرت في واجباتها ولم يوفد المدير العام للمنظمة الدولية اي فريق تفتيش لضمان تقيد الدولة الطرف بالالتزامات المقررة بموجب الاتفاقية اعلاه , في الوقت الذي لا تملك الدولة حق رفض مثل هذا الفريق أو غيره .
5 . ان تصرف السقير العراقي هو تجاوز لاختصاصاته الوظيفية حيث ان المعني بهذا الامر هو ممثل العراق لدى منظمة حظر الاسلحة الكيماوية في لاهاي السفير سعد عبد المجيد ابراهيم العلي الذي لم يصرح أو يعلق على الموضوع في ظل هذه الفوضى الاعلامية والصخب الدعائي .
6 . ان منظمة حظر الاسلحة الكيماوية كجهة راعية لاتفاقية حظر الاسلحة الكيمياوية لعام 1997 , لم تصرح بشي حول الموضوع ولم يصدر عنها اي تعليق ولم ينشر اي شي على موقعها الالكتروني , وكانما هذا الصخب لا يمت الى الواقع والحقيقة باية صلة . وان السفير العراقي قد احدث هذه الضجة المفتعلة من باب التباهي والظهور الاعلامي بشكل مهرج .
واخيرا جاء القول الفصل والكلمة الحاسمة من بغداد  عاصمة السفير , حيث صرح علي الحيدري عضو التحالف الوطني , الاربعاء 9 تموز بانه لا صحة لتصريحات سفير العراق لدى الامم المتحدة واعتبر تصريحات سفيره الاممي ” مدفوعة الثمن ” او كما يعرف بالانكليزية  ( paid statement ) وهذا ينطوي على شك في ان يكون السفير المذكور قد تقاضى مبلغا من المال من جهة معينة لقاء هذا التصريح .
وقد قال الحيدري في حديث ل ” السومرية نيوز ” , ان تصريحات سفير العراق لدى الامم المتحدة محمد علي الحكيم بشأن سيطرة مجموعات ارهابية مسلحة على منشاة المثنى الكيمياوية شمالي بغداد عارية عن الصحة ” . مشيرا الى ان العراق لا يمتلك اي سلاح اونشاط كيمياوي  حتى لغرض التدريب ” .
واضاف الحيدري ” نحن تداولنا ذلك الموضوع داخل التحالف الوطني وتم الاجماع على ان ذلك التصريح بحاجة الى اعادة نظر وتدقيق من قبل المسؤولين في بغداد ” لافتا الى وجود جهات معادية للعراق دفعت للحكيم للادلاء بهذا التصريح المدفوع الثمن .
ثم الحقته  وزارة الخارجية العراقية ( دائرة السفير المذكور ) بتوضيح خلا من اسم السفير الحكيم مبينة ان وسائل الاعلام قد تناقلت بلغة محرفة ومبالغ فيها , حول وجود اسلحة كيمياوية ومواد تدخل في اسلحة الدمار الشامل في العراق …. مشيرة الى التزام العراق بالاتفاقات الدولية ( التي من ضمنها بطبيعة الحال اتفاقية حظر الاسلحة الكيمياوية ) , وما يفرضه الدستور العراقي لعام 2005 بمنع حيازة ونقل واستخدام وتخزين اسلحة الدمار الشامل والمواد الداخلة في صناعتها ( المادة 9 الفقرة اولا / هـ  من الدستور) .
ومنذ ظهور التصريح للوهلة الاولى , فقد استعانت وسائل الاعلام بخبراء مختصين من الامم المتحدة اولا ومن الاختصاصيين في مجال الاسلحة الكيمياوية واسلحة الدمار الشامل في مؤسسات الدفاع . فوكالة رويترز التي نقلت التصريح اولا , قد استأنست برأي الاميرال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية الذي قال : مهما كانت المادة الموجودة هناك فانها قديمة جدا وليس من المرجح ان يتنسى الوصول اليها أو استخدامها ضد اي شخص الان .
وكانت المتحدثة باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية جيل تودور قد ردت على رسالة سفير العراق الحكيم وقللت من التهديد المذكور .
واشارت الوكالة الدولية الى ان المواد المذكورة محدودة القيمة ولا تشكل اي خطر امني او انشطار نووي . بحسب وكالة الاسيوشيتد برس . كما صرح مصدر بالحكومة الامريكية على دراية بالموضوع ان المواد المذكورة من غير المعتقد انها يورانيوم مخصب ، لذلك سيكون من الصعب استخدامها لتصنيع السلاح . وقال مسؤول امريكي اخر على دراية بالمسائل الامنية انه لا علم له بان هذا التطور يثير ازعاج لدى السلطات الامريكية ( بحسب موقع واي نيوز ).
ولمعرفتي الشخصية بهذا السفير وهو من مواليد 1952 درس في بريطانيا واميركا ويتمتع بالجنسية الامريكية  وواحد من الذين جاءوا الى العراق مع الحاكم المدني بول برايمر عام 2003 , عين وزيرا للاتصالات في حكومة اياد علاوي لمدة ستة اشهر , بعد ان كان يعمل لدى شركة برامجيات في مدينة بوسطن الامريكية واسمها  ( Boston technology corporation   ) وعين سفيرا في مركز الوزارة منذ عام 2006 , نقل عام 2010 كممثل للعراق في جنيف وارتكب هفوات كبيرة هناك، واساء الى دبلوماسيين كثيرين  ادى الى نقل العديد  منهم وخاصة من السنة .وقادت تصرفاته الى مشاكل كثيرة للعراق منها هجومه على جامعة الدول العربية في اول اجتماع له معها في نيسان 2010 مما ادى الى تشنج مجلس سفراء الدول العربية في جنيف بحيث تعذر عليه المشاركة في الاجتماع التالي . وتحدثه بصيغة ( المجتمع الدولي ) في العديد من اجتماعات السفراء في جنيف , فرده سفير صربيا ذات مرة قائلا بانه لم يرشحه احد لرئاسة كل دول العالم ولو رشح فانه اول من لن يصوت له . ومرة اخرى في لقاء عقده رئيس مجلس حقوق الانسان ممثل تايلاند في المجلس السفير سيهاساك عام 2011مع رؤساء المجوعات الاقليمية لبحث موضوع تقييم عمل مجلس حقوق الانسان وموضوع ليبيا . فبدأ يتحدث باسم كل الدول ويرفض اي مقترح وانه باسم جميع الدول يعلن بانها لن تقبل بذلك . فتقدمت سكرتيرة المجلس لتطلب منه الحديث وفقا لصلاحياته الوطنية أو ما يسمى بلغة الدبلوماسية ( National capacity).
وعلى الصعيد العراقي ، كان يجيد اللعب على الجميع , ففي كل زيارة الى العراق يلتقي بكتل سياسية وشخصيات مختلفة متجاوزا كل الاصول الوظيفية كما لو كان وزيرا للخارجية. وفي احدى زياراته الى العراق , زار السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان العراق بتاريخ 14 تموز 2011 , ونشر اللقاء مصورا على موقع حكومة  اقليم كوردستان . وقد نبهت شخصيا وزارة الخارجية  الى تصرفات هذاالسفير الا ان ردّهم كان سلبيا . وقد نشرت مقالا على موقع كتابات بتاريخ 1 / 5 / 2014 بعنوان ( سفير ضد الدولة التي يمثلها ) حول واحدة من اعقد الاشكالات القانونية التي ادخل هذا السفير العراق فيها . ولم يهتم احد في حينها ، أمل ان يصدقوني الان , لاني مازلت مقتنعا ان ما بني على الباطل باطل ولد بعد حين .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب