في ربيع عام 1978 ، كنتُ في زيارة للهند لحضور ندوة فكرية تعقد في العاصمة (نيودلهي) . الندوة تنظمها جهة كورية شمالية (ديمقراطية) حول : الطريق الوطني الخاص . وباللغة الكورية يسمونها (زودشَهْ) . ولا أدري من يكون ، او من تكون (زودشَهْ) .
صعدنا الطائرة من مطار بغداد ليلاً باتجاه نيودلهي حيث وصلناها في الساعة التاسعة صباحاً . ومن المفيد ان نقدم معلومات ضرورية عن الهند . تزيد نفوسها على المليار نسمة ، وفيها (827) مليوناً يتبعون الديانة الهندوسية ، موزعين على الاف الطوائف . وفيها (150) مليون مسلم ، وعدد لا يحصى من الاقليات .
(بوذا) يبتسم
واتذكر انني كتبتُ ، في سبعينات القرن الماضي ، ولمناسبة العيد الوطني الهندي , كتبتُ تقريراً في احدى الصحف اليومية البغدادية : جمهورية اسمها الوطني (بهارات) . وللان لا اعرف ماذا تعني هذه الكلمة . وربما يذهب الذهن ، فوراً ، الى المقبلات الحارة التي تضاف للطعام . وتوجت الهند نهضتها العلمية بتفجير قنبلتها النووية ، ودخلت تكنلوجيا غزو الفضاء . وكانت كلمة السر لتفجير القنبلة الهندية النووية ، هي : بوذا يبتسم .
وعلى هامش الندوة ، نظمت سفرة الى مدينة أكرا ، ولست ادري موقعها على الخارطة . وتضم المدينة اثراً اسلامياً مهماً ، هو : تاج
محل . فمن المعلوم ان المغول دخلوا العراق متوحشين . وعادوا الى بلادهم مسلمين ، وبصحبة مهندسين (معماريين) خاصة . لذلك كان جامع (تاج محل) تحفة معمارية – رخامية مدهشة . يقال ان الملك المغولي (شاه جهان – وتعني ملك العالم) بناه ليحتضن رفات زوجته الجميلة (تاج محل) ، كما دفن ، هو ، الى جانبها . تعلو هذا الضريح ايات قرآنية بخط عربي جميل .
لقاء لم يتحقق مع انديرا غاندي
في تلك السنة ، أُزيح حزب المؤتمر الهندي عن السلطة ، اثر انتخابات برلمانية ، فاز فيها حزب (جنتا) اليميني . وخسرت (انديرا غاندي) رئاسة الوزارة الهندية . ومع ذلك تحركتُ عن طريق الملحق الصحفي في السفارة العراقية هناك ، زميلنا الاعلامي بيتر يوسف ، تحركتُ للقاء السيدة غاندي . وعندما طلبتُ مؤازرة سفير العراق في الهند (وكان لبناني الجنسية) لتحقيق هذا اللقاء ، نصحني السفير بالعدول عن ذلك . مشيراً الى ان انديرا غاندي اصبحت جزءاً من الماضي ، وقال ما مضمونه : لا فائدة من الحديث مع موتۍ !! . ونفذتُ نصيحتهُ . ولكن بعد اشهر ، اكتسحت انديرا وحزبُها الساحةَ السياسية في الهند ، وحقق حزب المؤتمر الاغلبية في البرلمان ، وعادت انديرا غاندي رئيسة لحكومة الهند . و(صَدَقَتْ) توقعات السفير ! .
زودشَه : الحاضر الغائب
مساء يوم وصولنا الى نيودلهي ، عُقدتْ جلسة اجرائية لعقد الندوة في اليوم التالي . ولان مصر كانت محاصرة عربياً ، بعد اتفاقية كامب ديفيد ، لذلك اصرت الوفود العربية على عدم السماح للوفد المصري
بحضور الندوة . ومن ابرز المطالبين بذلك كانت وفود العراق وسوريا وفلسطين . وتحقق ما ارادته الوفود العربية .
في الجلسة الافتتاحية ، رفعت صورة كبيرة للزعيم الكوري الشمالي . وصفق الحاضرون وقوفاً . وعلى هامش الندوة تعرفت على شخصيات عديدة ، ابرزها السيدة القبرصية اليسارية (مونيكا) ، مديرة التلفزيون القبرصي . وقد التقيتها ، مرة اخرى في نيقوسيا ، اثناء زيارتي لقبرص نهاية عام 1979 . وفي مقال قادم سأحدثكم عن زيارتي لتلك الجزيرة .