تلعب الادارة الأمريكية لعبة قذرة بالاشتراك مع الحكومة الإيرانية لتمزيق وحدة الشعب العراقي وتقسيم العراق , وقد كانت هذه الأجندة واضحة منذ اليوم الأول لاحتلال العراق , وكانت تقوم على اقصاء السنة واستعداء العراقيين من الطائفتين وبث الفرقة بينهما , وقد كان هذا السلوك واضح من خلال غض الطرف عن عمليات القتل والتهجير الطائفي التي كانت تمارس بشكل علني وعلى اعلى المستويات وكذلك الاعتقالات التي استهدفت المكون السني حين كان البلد يدار تحت المراقبة الامريكية كما ان الإدارة الأمريكية كانت تتواطأ مع شخصيات شيعية كانت تمارس القتل بشكل مفضوح ومعلن مثل جلال الدين الصغير وباقر جبر صولاغ وحازم الأعرجي وأسماء اخرى كثيرة , ومن الجرائم الكبرى التي تغافلت عنها الادارة الامريكية جريمة تفجير مرقد الإمام علي الهادي (ع) في سامراء الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر التآخي الشيعي السني , ذلك ان احتضان السنة لهذه المراقد وادارتها كانت تشكل عائقا امام المشروع الامريكي – الصفوي الساعي لتقسيم العراق .
بالأمس خرج السفير الأمريكي بيكروفت وهو يرد عن الاتهامات الموجهة الى واشنطن والتي مفادها بأنها هي من زودت الحكومة العراقية بأشرطة العمليات الإرهابية التي تزعم الحكومة قيام السيد طارق الهاشمي وعناصر حمايته بها، ومصدر هذه الاتهامات هو التوقيت الذي خرجت به والتي تزامنت مع الزيارة الأخيرة لنوري المالكي لواشنطن والتي اعطت له الأضواء الخضر لاستبعاد ما تبقى من تمثيل حقيقي للسنة في الحكومة , ففي اليوم التالي من عودة السيد المالكي من أمريكا وجهت الاتهامات للهاشمي ولفوج حمايته بالوقوف وراء جرائم العنف في العراق بدون مقدمات وبدون سابق انذار, اللهم إلا مساومات اشار الهاشمي إلى تلقيها من خصمه المالكي , تتمثل في ثلاثة شروط منها سحب تأييده لمطالب المحافظات السنية بالفدرالية والكف عن التلويح بسحب الثقة من المالكي والتوقف عن التصريحات الاعلامية المناوئة للنفوذ الإيراني .
وقد تضمن حديث السفير في الجزء المهم منه بأنه عمل في العراق 18 شهراً ولم تسجل ادارته أي نشاط مشبوه أو مسلح للهاشمي أو أفراد حمايته , وان بلاده تحرص على ان تتطابق هذه الاتهامات مع المقاييس الدولية والقوانين العراقية وان تتسم بالشفافية , وكذلك تعبيره عن رغبة واشنطن في ترحيل هذه الأزمة الى ما بعد نهاية ولاية المالكي , وهذه مراوغة خبيثة فيها تلميح إلى ان القضية سياسية كيدية تهدف إلى التسقيط السياسي ومع انها تحمل اتهام ضمني للمالكي بالوقوف ورائها , إلا ان الجميع كان ينتظر من السفير الأمريكي تسمية الأشياء بمسمياتها والتصريح برأي السفارة الامريكية في بطلان التهم المنسوبة للهاشمي , وذلك لان القوات الامريكية كانت مسؤولة عن حماية وحركة كافة الشخصيات الرئاسية دون استثناء ولسنين طويلة ولم يسجلوا خرقا واحدا على الهاشمي او حمايته أو قيامهم بأي نشاطات غير قانونية, وهذا يؤكد براءته وحمايته من التهم المنسوبة اليه , كما ان السفارة الأمريكية تعلم أن الهاشمي رجل آمن بالعملية السياسية كحل وحيد للنهوض بالعراق ولم يختر العمل المسلح , مع ان التهم التي ساقها المالكي وقضاءه المتحيز للهاشمي قضايا لا ترتبط بسلوك سياسي بل انها ترتبط بسلوك اجرامي وليس له اهداف سياسية كما انها تنم عن سلوك يمتاز بالعنف الذي كان الهاشمي ضحية له بعد ان خسر ثلاثة من اخوته , بهدف ازاحته عن العملية السياسية , وان ما فشل العنف والإرهاب في تحقيقه , نجح المالكي به من خلال تلفيق اتهامات وأباطيل نزعت بالتعذيب وراح ضحيتها لحد الآن أربعة من عناصر حماية الهاشمي , فلم يكن من خيار ثالث لهؤلاء المساكين , اما الاعتراف بما ينسب لهم أو مواجهة مصير الموت كما حصل للشهيد عامر البطاوي ورفاقه .
لقد كان حري بالجانب الامريكي وسفيرهم التساؤل عن الدوافع وراء اصرار القضاء العراقي على عدم نقل الدعوة الى المكان الذي حدده المتهم مع أنه طلب قانوني سبق للقضاء العراقي ان استجاب لطلبات نقل قضية وزير التجارة وقضايا اخرى لشخصيات تحظى بحماية الحزب الحاكم , وحري بالإدارة الامريكية التحقق من سلامة مجريات الترافع القضائي , والبحث في أسباب رفض المحكمة لطلب فريق الدفاع في الاستماع إلى شهادة السيد رئيس الجمهورية ونائبه عادل عبد المهدي ونصير العاني وبعض النواب باعتبارهم شهود للنفي والذين طلبهم فريق الدفاع عن الهاشمي وحمايته وكذلك الجانب الامريكي نفسه الذي كان يسيطر لسنين طويلة على التفاصيل الامنية برمتها … والتي كان فريق الدفاع يأمل منها التأكيد للمحكمة والرأي العام كذب الاتهامات السياسية التي سيقت ضد الهاشمي والتي تم الترويج لها اعلاميا لتظهر كأمر واقع مع انها كانت اعترافات أولية لم تكتسب الدرجة القطعية … كما ان تصريح السفير بأن الوضع الديمقراطي في العراق معقد بسبب اختلاف وتباين رؤية الاحزاب والسياسيين وتمسكهم بآراء وأفكار معينة , هي أيضاً مراوغة تهدف الى التلاعب بالحقائق دون الإقرار بها , كما ان الإدارة الأمريكية تمتلك الحق في التدخل وإجراء التحقيق بنفسها باعتبارها المسؤول عن الملف الأمني في المدة التي وقعت فيها الجرائم ونسبت للهاشمي ولديها تصور واضح عن طبيعة العملية السياسية والقائمين عليها , ولديها معلومات عن الجهات والشخصيات التي مارست العنف والإجرام بحق العراقيين لأنها كانت تمسك بالملف الأمني وكانت تستعين بالنشاط الاستخباري الذي يوثق الدور المشبوه لكل من مارس العنف بحق العراقيين وثمة إشارات تحصل بشكل يومي في أروقة القضاء العراقي تعزز اتهامنا للقضاء العراقي بالنكوص والفشل تتمثل في طابور المدعين بالحق الشخصي وهم يحضرون امام القضاء للتنازل عن دعاوى اقامها الادعاء العام على مجرمين افتراضيين اعترفوا تحت التعذيب بارتكابهم لتلك الجرائم والتي قد تتكرر مع أكثر من معتقل يعترفون على قضية محددة , يعرف ذوي الضحية أن هذه الاعترافات إنما انتزعت بالتعذيب وتكرار قضايا من هذا النوع تكشف عن مدى انحطاط القضاء ومدى ضعف الثقة بالقائمين على ادارته .