23 ديسمبر، 2024 4:08 ص

السفسطة الديمقراطية عراق ما بعد داعش

السفسطة الديمقراطية عراق ما بعد داعش

يجب ان تخطط جيدا للآتي كي لا نفرط  بما تحقق ولنبدأ مستقبلا مدعما.. إقتصاديا وعسكريا بعقول “قائلة فاعلة” لا تجتر الطروحات ولا تفرط بالعراق من أجل مصالح شخصية وفئوية ولا تشتغل خطا مائلا يحمل في الداخل ضده!
درسنا معلمون مؤدلجون، في الإبتدائية، أننا دولة إشتراكية، توزع الثروات بالتساوي بين الشعب، يقارنونها بالاتحاد السوفيتي، قائلين ان إشتراكيتنا أحسن من إشتراكيتهم؛ لأن إشتركيتنا “زينة” وإشتراكيتهم “مو زينة” بسبب كون إشتركيتنا نابعة من الواقع وإشتراكيتهم “ما” نابعة من الواقع.
وسواء أكانت “زينة” أم “مو زينة” لم توزع الثروات بالتساوي، إنما على طريقة رواية “حديقة الحيوانات” لجورج اورويل: “البعض أثر تساويا”!
سفسطة لغوية لا تؤدي الى قناعة، إزاء عقولنا الغضة، التي تمتاز بـ “لوثة” الوعي المبكر؛ إستعدادا وراثيا، وتنشئة أصيلة، في أزقة الاعظمية، حيث أباؤنا وأعمامنا ومعارفهم، يصححون الخراب الفكري الذي تحدثه مناهج الدراسة الموضوعة من وجهة نظر بعثية جاهلة، تلجأ للتهديد والعنف في تمرير طروحاتها الهوجاء.
تجمعات الكبار، في أفياء المدن الشعبية، تضم أخلاطا متسقة من المثقفين المتبايني الآراء من دون ان تفسد للود قضية.. بروليتاريون “كادحون” فمثلا والدي.. علوي “سيد بن محمد” يجالس في عصريات الصيف، على دكة الرصيف، بلاشفة “شيوعيون” وليبراليين” يؤمنون بأقصى مديات الحرية الشخصية” ومتدينين وقوميين “وهؤلاء هم الأغلبية العظمى في حينا” ولا منتمون.
يصححون سوء الفهم الملتبس الذي ظل ينافي الواقع، وخلق شخصيات “تحمل في الداخل ضدها” الا ما رحم ربي، بمن تسنى له معرفة الحقيقة بمجساته الشخصية، بعد النضج، وبمساعدة “جوقة رصيف الصيف” التي تعلمنا منها كيفية البحث عن المصادر المعرفية التي تقوم وعينا، وترتقي بسلوكنا، في الحوار والادائين الاجتماعي والوظيفي.
أما من تشبع بأفكار المدرسة، وظن في العراق.. زمن البعث، معلما يكاد يكون نبيا ويستحق ان يوفه التبجيل، فأقام على تفاهة “إشتراكيتنا أحسن من اشتراكيتهم لأن إشتراكيتنا زينة وإشتراكيتهم مو زينة” حتى 9 نيسان 2003، بعده سقطت الديكتاتورية التي تنص على ان “واحد يظلم الشعب” فعشنا ديمقراطية طبقت على أساس “مجموعة يظلمون الشعب”! وليس كما وردت في قاموس علم السياسة “الأخذ برأي الأغلبية مع إحترام رأي الأقلية”.. أي مراعاة خصوصية للأقليات بحيث لا يهمل وجودهم ولا تخترق مصالحهم المادية والمعنوية.
 
فظاعة الصدمة
وتداعت الاحداث تحت هذه الفظاعة، الى ان بلغنا صدمة “داعش” التي ثلمت قناعة المواطن بالدولة، فلا خبر جاء ولا… جيش ودولة وعلم مرفوع وشعارات ديمقراطية، وإنتخابات ودستور، كلها وضعت على طاولة المساومة، وبلغ أفراد حدود بغداد، بعد أن إحتلوا الموصل والانبار وتكريت وسامراء وديالى، في غفلة من جيوش مدججة بالأسلحة يصلها ألذ الطعام، كل وجبة في موعدها، من دون تأخير.. يعملون في الجيش مدللين، كما لو في الجنة “لهم فيها ما يدعون” وحين توجب على تلك الالوف ان تصد بضعة أفراد، لا يحملون سوى اسلحة بسيطة، هربوا تاركين أسلحة فتاكة! إستولى عليها العدو وإستخدمها ضدنا!
 
تلاحق خسارات
هل كتب على هذا الشعب، ان يخسر “الاشتراكية” نظير سطوة البعث البشعة، ويمرر فساد مالي مجنون، بإسم الديمقراطية، بعد 2003، والان نقاتل كي نحرر محافظات كانت بين ايدينا.. ملكا صرفا للعراقيين؛ لأن الجيش المدلل لم يشأ ان يقاتل، وآثر الهزيمة من موقع الاقتدار، على مواجهة أفراد غير مسلحين بشكل كافٍ.
 
خطط مستقبلية
ولكي لا نضطر للدوران، تبع محورية التاريخ، الذي يعيد نفسه، والا نضيع الوقت والجهد بالملامة؛ أتمنى ان توضع خطط مستقبلية مدروسة من علماء متخصصين كل في ميدانه، تبسط نتائجها نزولا الى فهم المشرعين والمنفذين، تحت قبتي مجلسي “النواب” و”الوزراء” وتطبق من زواياها كافة.
فأولادنا يصلون الليل بالنهار قتالا؛ حرروا آمرلي وتكريت والانبار وديالى، وفي طريقهم الى الموصل، ينزفون دماءً شابة؛ بأي آلاء، نعيد خسارة ما حققوا، ونبثه هباء منثورا في الريح!
 
الهباء المنثور
أما كيف يتحول جهد المقاتلين الذين حرروا ما أغتصبته “داعش” هباءً؛ فهذا الآمر له وجهان، اولا بإستمرار الفساد المالي الذي حولنا الى دولة فقيرة، يتعذر على الشعب إيجاد لقمة خبز فيها، بينما الساسة يثرون من دون وجه حق، والثاني إعادتها من جديد “وفوقها شوية بعد” لجهة محتلة أخرى او “داعش” نفسها.. وهذا وارد ومحتمل وممكن، إذا ظل الجيش مدلل، يقف في السيطرات وموبايله بيده لا يحاسب موضع الشك؛ خوفا منه، إنما يتعفرت على المسالمين، خاصة إذا بنات في السيارة!
خططوا جيدا لما بعد “داعش” كي لا تفرطوا بما تحقق، ولنبدأ مستقبلا مدعما.. إقتصاديا وعسكريا، بعقول “قائلة فاعلة” لا تجتر طروحات ” مهزلة إشتراكية البعث!؟” ولا تفرط بالعراق من أجل مصالح شخصية وفئوية، ولا تشتغل خطا مائلا، يحمل في الداخل ضده!