عندما نأتي على ذكر اللغة لابد لنا من ذكر مجمل مامرت به ،فاللغة العربية هي إحدى اللغات السامية التي انبثقت منها (هي ،هو ) من أرومه واحده نبتت في ارض واحده ولما خرج الساميون من مهدهم لتكاثر عددهم بدأت لغتهم الأولى بالاختلاف بسبب الانشقاق تاره والاختلاط بأقوام بصوره مختلفة تاره أخرى ،وقد زاد هذا الاختلاف انقطاع الصلة وتأثير البيئة وتراخي الزمن حتى أصبحت كل لهجه منها لغة مستقله عن الأخرى ،ويقال إن احبار اليهود هم أول من فطن إلى مابين اللغات السامية من علاقة وتشابه ولكن علماء المشرقيات من الاوربين هم اللذين اثبتوا هذه العلاقة بالنصوص حتى جعلوهاحقيقه علميه لاابهام فيها ولاشك ، حيث تتفرع اللغات السامية إلى الاراميه والكنعانية والعربية كما وتتفرع اللغات الاريه الى اللا تينيه واليونانية والسكسونية فالا راميه اصل الكلدانيه والاشوريه والسيريانيه والكنعانية مصدر العبرانية والفينيقيه ،والعربية تشمل المضريه والفصحى ولهجات مختلفة تكلمتها قبائل اليمن والحبشة، والعربية اقرب المصادر الثلاثة إلى اللغة إلام لأنها بانعزالها عن العالم سلمت مما أصابها من تغيير نوعا ما بحسب ما مرت به من ظروف كالحروب والهجرات وغيرها . والنصوص الحجرية التي أخرجت من بطون الجزيرة العربية لاتزال لندرتها قليله وبالعودة إلى ذكر ماتركه لنا الأجيال السابقة لابد من الاشاره إلى إن الإسلام لم يرفض حضارة الأسلاف بل عمل على تبني تلك الحضارات وعمل على تطويعها واقتباس أسلوب يحمله العصر الإسلامي من جماليات الخط وبهذا نتجت فنون الخط والزخرفة والرقش وقد نجد ذلك واضحا في الآثار الاسلاميه كالأندلس وقرطبة وهو دليل واضح على مدى استفادة العرب من الفكر الإسلامي . وعندما نأتي على ذكر موضوع الخط في اللغة العربية فنجد إن اللغة العربية حددت أسلوب التفكير لكافة الشعوب إلى درجه كبيره مع العلم إن فنون الإبداع رسما أو شعرا أو موسيقى تعتمد على مبدأ التكرار للإشكال مع تغييرات مفاجئه بالاضافه لبعض التحويرات. فالعلاقة بين لغة القران والفن تكمن في البحث عن جوهر الحقيقة المطلقة التي لاشكل لها واللغة العربية هي لغة صوتيه وهي تتكون عموما من الحدس السمعي والحدس التخيلي . وقد يجرنا الحديث إلى أوسع من ذلك ففن اللغة قد تخطى الكتابة إلى مانسميه بالرقش (الارا بسك) والذي يشمل بمعناه الواسع زخرفة أشكال نباتيه فهو يسير وفق نظام هندسي صارم فاللغة هي امتداد طبيعي لفن الخط ذلك الفن المتناغم الذي يسير على إيقاعيه مستوحاة من حضارات متعددة جاءت بالنهاية على شكل انسيابية خطيه حين نبحث عن أصولها نجدها في نموذج الخط المسماري ربما بحركة ما أو قد نجدها في الخط الهيروغليفي بإشارة أخرى فمن المؤكد وجود فنانين في تلك الفترة من التاريخ وقد قادتهم غرائزهم الطبيعية لاستلهام البيئة والتعبير عن شكل أي حرف أو خط ما لها .إن التنويعات أو الإلهامات الخطية لا حصر لها وخاصة عند إدخال فكرة تشكيل الخط مع تكوينات مجرده في اللوحة الفنية وبطريقه عفويه .
ولو نأتي على ذكر بعض نماذج من الخط ونشير إلى بعض مميزاتها نجد مثلا في الخط الياباني .أن الأسلوب الذي ظهر في اليابان هو (البوكوشو) حيث إن الخطاطين يطمحون إلى أقامة فن الخط على أساس الحوار وحده بين الحبر والفضاء الأبيض فالخطوط لديهم كانت موجهه بهيكلية الحرف وان الفضاء الأبيض لم يكن ليتوصل إلى أن يتحول إلى فراغ مشبع بتلك الخطوط أي فراغ تشكيلي. وهو بهذا يعطي مسحة الأثر في الفضاء الياباني اللغوي ،فاللوحة تتشرب بالإحساس أو بالمبدأ الكوني على نحو كامن أو مطروح للحدس أو قد نجد خطوطهم تتشرب بعمق ما وراء الفضاء الذي يتوغلون فيه، وقد نجد في لوحه أخرى وجود رمزين لخطين صغيرا حداهما واضح والأخر غير واضح انه يعطينا شعور بوجود فضاء بعيد وقد نجد ذلك واضح عند (الفنانين اليابانيين) . إن أسلوبية الخط هذه تنتمي إلى حدسية الفضاء الفارغ في لوحة الخط والخطوط تستخدم تحت تأثير الرسم الغربي . إن هذا الفراغ في لوحة الخط لم يعرفه من الرسامين اليابانيين إلا الأوائل منهم وخاصة الرسامين بالحبر الصيني والخطوط المميزة لمرحلة الخط هذه هي الخط بصوره عاموديه وهي متاثره بالرسم الصيني لعهد السونغ (القرن العاشر- القرن الثاني عشر)، وان الإيقاع الناجم عن رصف الخطوط ألعاموديه والنقاط لهو اقرب إلى الإيقاع الموسيقي . حيث شهدت الخمسينات في اليابان تفتح حركة الخط التجريبي لديهم . (عن مقال بعنوان التشرب والخط – توشياكي مينمورا)
فالسفر عبر أنماط الخط وشحن طاقته وزجه في متاهات اللغة ربما هي وسيله تعبير غريبة على الثقافة الغربية والشرقية وهذا الأسلوب يعطي فنان الخط الاحقيه بالتمتع بمختلف أنواع الخطوط كاليونانية أو العربية الاوربيه فهو يصبح على علاقة أكثر بها من الخطاطين أنفسهم .فهو على دراية بزمن الخط ورموز الخط الشخصية و اللاشخصيه وكيفية استخدامها في فضاء اللوحة بشكل يمثل تمرين للفكر بقصدية الخط .وهو هنا مقتطع من حيث زمانه ومكانه من داخل فترته الحداثويه أي يمثل روح العصر الذي يعيش فيه . حتى تخلق شفره خاصة بتلك التقنية في ألكتابه أي ،من اليمين إلى اليسار في اللغة العربية أو من اليسار إلى اليمين بالانكليزية أو من الأعلى إلى الأسفل أو من الأسفل إلى الأعلى و بالاضافه إلى استخدام أفكار وأساليب عولميه تحمل سمة غير مالوفه لتشكل نقطة تحول في روح التجديد للمفاهيم الخطية في الكتابة لشتى أنواع اللغات ،حتى نصل إلى اعتبار الخربشة في الخط لغة نستطيع التفاهم بها وربما تهجينها مع خطوط في لغات أخرى فتتلاشى في داخل وجوديتها وداخل أزمنتها والمادة الناتجة من الخط هو مايدون من أفكار لغويه داخل فضاء وعلامة ولون مستوحاة من جذور تكنيكيه جديدة .
إن الخربشة ،عبر طابعها الشعبي ونزوعاتها المضادة للثقافة ،تخدم كنقطه وصل فطريه بين حقول تشكيليه وقوميه متعددة وبقدر ماهي متناقضة فنحن حاليا في مابعد الحداثة ونحن في ميدان ماتحت الكتابات والمسودات والخربشات الاستحواذية في الرسم هذا حسب رأي الفنان (ريشار كونت)في الخربشة .
والمشار إليه أنها نقطة تلاقي نوع من أفكار غير مرئية فيها نوع من الشعور با الأنا والذات الانسانيه وتسجيل لفكره معينه فتظهر على شكل رموزا شاريه فهي تختزل كل مايجول في خاطر الشخص المعبر عنها جالبه الانتباه له .وفي فن الرسم بالكتابة نجد إنسانية اللغة تتجلى في الخربشة مع النظر إلى الكتابة والحرف مع كلماته أو الحرف بذاته حتى بالنسبة إلى الأرقام والنوتات ألموسيقيه كلغة خربشيه ،فالنتيجة هنا إن الحرف كشكل بصري أو شكل مستحث قابل على الاستنطاق والدخول بتوليفه متناسقة من اللاشعور والرسم بتلك الطريقة من الكتابة تعطي نتائج عن أنباء غامضة عن العالم بحيث تعطي إيعاز للمتلقي مهمة الإصغاء إليها .