19 ديسمبر، 2024 1:13 ص

السفارة أمانة

السفارة أمانة

عندما بدأ عود الإسلام يشتد مع بداية الدعوة الإسلامية ، فإن أول مافكر به رسولنا العظيم محمد ( ص ) أن يقوم بعمل ما قام به من قبل ذلك في تاريخ الدعوة بمكة، وهو إرسال سفير  الصحابة المكيين إلى أرض يثرب ، حتى يمهد الأمر لقيام دولة إسلامية في هذا المكان ، وإن يكون صورة متحركة للإسلام وقدوة للمسلمين وغير المسلمين وأن  يمثل رسول الله  ( صلى ) وأن لا يكون  هذا السفير،  سلبيًا ينقل الرسائل فقط بل له مهام أخرى جليلة، وأن يرتفع بالمؤمنين إلى أعلى درجات الإيمان فلا يكفي فقط أن يقنع الناس بالارتباط بهذا الدين فما أكثر المرتبطين بهذا الدين ولا يعملون له! بل ما أكثر المرتبطين بهذا الدين ويعملون ضده ويحاربونه ويكيدون له! ولا بد أن يكون من الرجال المستقرين نفسيًا الذين لا يحُبَطون بالمعاداة والتكذيب، ولا بد أن يكون من الرجال المخلصين جدًا الذين لا يستقطبون إلى غيرهم بإغراء من اغراءات الدنيا مهما عظم، ولا بد أن يكون هادئًا سهلًا لبقًا في كلامه دبلوماسيًا في حواره .
     أسوغ هذه المقدمة وأنا أتطلع  الى تصريح النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي , والذي تناولته وسائل الإعلام وقوله بان السفير العراقي في روسيا فائق عبد العزيز نيرووي يعمل “وفق ولاءه لقوميته الكردية على حساب ولاءه للعراق .”
      في بداية القول أقول باني والحمد لله لا توجد بيني وبين السفير العراقي في موسكو اي ضغينة ولا سوء فهم ،  ولا مشكلة  ،  ولا تربطني بالاحزاب العراقية اي رابط او علاقة تعاون ( وهذه خصلة اعتز بها ) فالإستقلال بالرأي ( نعمة ) من الله  ، ولكني ممن يؤمنون بان ( الساكت عن الحق شيطان أخرس ) هكذا علمنا ديننا الحنيف ، وإني إذ اكتب موضوعي  أرجو أن لا يفهم باني أعادي هذا لأجل ذاك وأدخل في دوامة الحقد والكراهية والعمالة لأنه  ( والحمد لله ) صفة العمالة لدى العراقيين جاهزة ( ومعلبة ) ويمكن إطلاقها على اي شخص دون التفكير بتوابعها لأنهم أصلا لا يفهمونها !!
   علاقاتنا المتميزة في موسكو بالوسط الدبلوماسي العربي والعراقي من بينهم ،  وإهتمامي بالأمر والفضول في تمكنت من خلاله الحصول على بعض المعلومات  والتي  تؤكد جميعها بإن  تصريحات البرلماني العراقي تجاه سفير العراق في موسكو فايق نوري نيروي صحيحة ودقيقة بشأن إستغلال السفير لمنصبه لأغراض تصب فقط في صالح قوميته دون العراق وكأنه سفير للإخوة الكرد وليس لبلد اسمه العراق  !!!  ، وبالفعل  لقد كان على دراية كاملة بالمباحثات التي يجريها وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي في موسكو وقام  قبيل سفره بتكليف القائم بالاعمال جابر حسون عنوز بإستقبالهم في المطار وإقامة دعوة عشاء لهم ، وكان من أشد متابعيها ليس حرصا على اتمامها ، لأنه  غير مقتنع أصلا  بروسيا ودورها الكبير في الأمم المتحدة ولاحتى في إمكانياتها ( لأنه غربي الهوى )   ، وينظر لها على إنها تتخلف عن الغرب بالكثير ولا تستطيع ان تقدم شيء يخدم العراق  ( وهذا ما سمعته منه بنفسي  ولم يبلغني به أحد ) ، ولكن متابعته للمباحثات وإن  كانت عن بعد  ، فهي تأتي وللأسف الشديد في معارضة الأخوة الأكراد  لأي   مباحثات تنجم عن  شراء أي سلاح وضد أي محاولة لتأسيس جيش عراقي جديد  يمكن له ان يدافع عن العراق بعربه وأكراده وأن يحمي حدوده  ، في وقت يسعون هم  فيه الى شراء سلاح لتدعيم ميليشيات ( البيشمركة ) سواء من بلغاريا او تشيكيا وحتى من روسيا حيث يتردد بان مسعود البارزاني سيزور موسكو لهذا الغرض  !!
   وتأكيدا على ذلك فإن   السفير العراقي كان يتصنع السفر قبل  اي زيارة  يقوم بها السادة المسئولين العراقيين من غير القومية الكردية وللأسف الشديد ،  والغريب في الأمر إن إجازاته جميعها تبدأ قبل يوم او يومين من زيارة أي مسئول أو وزير عراقي ، حيث سبقت زيارة وزير الدفاع ومباحثاته زيارة وزير الشباب  ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ومسئولين عراقيين آخرين ومن مختلف المستويات لم يكن السفير حاضرا أو مرافقا او مستقبلا لهم حتى ثار الروس هذا الأمر في إحدى المباحثات الرسمية وتسائلوا حينها أين تمثيل السفارة في هذه المباحثات !!!! سؤال وضع أحد السادة الوزراء في موقف محرج !  ، وعلى عكس  هذا الأمر فإن قدم الى موسكو رجل أعمال ( كردي ) أو رئيس جامعة أربيل مثلا  فنراه يتسابق لفتح له ( صالة الرجال المهمين في المطار ) ويخصص لهم السيارات الفارهة الموجودة في السفارة !! .
   وحتى على المستوى الشعبي في روسيا سجل الطلبةالعراقيين الدراسين  هذا الأمر على  السفير العراقي حين رفض لهم طلبهم بدعم السفارة لمشاركة العراق في أسبوع الثقافة العربية بحجة عدم وجود تخصيصات مالية لهذا الأمر ، إلا إن هذه المخصصات ظهر عندما حجز السفير بنفسه صالة مطعم     ( غالتغتيكا ) كاملة للإخوة الأكراد في إحدى إحتفالات عيد نوروز  !!   ناهيك عن محاولاته ( أكردة  ) طاقم السفارة والملحقيات الفنية التابعة لها !! أمور تجعل من الصعب التصديق بأن مثل هكذا سفير هو للعراق !
   لقد أختار الرسول العظيم ( ص ) مصعب بن عمير كأول سفيرا له في يثرب لأنه يعرف جديدا بان من أختاره له الخبرة في التعامل مع الأغراب ، والتعامل مع عادات وتقاليد مختلفة ، وإنه كان يستطيع التعامل مع أهل الحبشة – وهم ليسوا عربا أصلا – ويدينون بدين لا ينتشر في مكة – فهو ولا شك يتسطيع ان يتعامل مع اهل يثرب وهم من العرب ويدينون بدين مألف له !! وهذه أمانة وضعت في رقبة السفير !!! والحليم بالإشارة يفهم .