السفارات لهم… وراتب الرعاية لنا!

السفارات لهم… وراتب الرعاية لنا!

‏هنا، في بلد العجائب والغرائب… هنا في العراق، تجد ما لم تكن لتسمعه في السابق من أمورٍ عجيبةٍ وغريبة.
‏لقد أصبحنا نعيش يوميًا مع مسرحية جديدة، لا نعرف متى كُتبت فصولها، لكننا نعرف تمامًا من هم أبطالها: إنهم أنفسهم، تلك العائلة السياسية التي تمسكت بالسلطة عبر المصادفة.
‏هنا، لا عدالة…
‏لا استحقاق…
‏ولا رجل في المكان المناسب.
‏في عراق اليوم، إن كنت أميًا أو جاهلًا، أو لا تعرف حتى كيف تتحدث في مجلسٍ بسيط، لكنك تمتلك قريبًا من “حيتان الفساد”، فأبشر: ستصبح سفيرًا يومًا ما، وربما وزيرًا، أو حتى مديرًا عامًا!
‏هنا، لا تُبنى الأمور على الأحلام والكفاءات، بل على الوجاهات، والمداهنات، والمديح… وحتى الذمّ له مكان.
‏الجميع يعيشون في سفينة واحدة، ولكنها بطابقين:
‏الطابق الأول: للنخبة السياسية، وعائلاتهم، وأقاربهم.
‏الطابق الثاني: لأبناء الشعب المحرومين من أبسط الحقوق.
‏لا نعلم متى تنتهي هذه المسرحية…
‏ولا نعلم متى سيكون هناك عدلٌ واستحقاقٌ حقيقي بين أبناء هذا الشعب المنهك.
‏لقد دُبّر الأمر بليل…
‏فتم توزيع السفارات على أساس “صلة القُربى” بالمسؤولين، وكأنها أصبحت ملكية وراثية، لا مؤسسة دبلوماسية تمثّل دولة بحجم العراق!
‏نعم، نحن نعيش اليوم في نظام يُشبه “السياسي الوراثي”، وأبطاله مجموعة من الطفيليين الذين صدّقوا أنفسهم بأنهم رجال دولة، وهم في الحقيقة مجرد لصوصٍ في وضح النهار، يسرقون قوت الشعب.
‏أصبحنا نعيش زمن “تكميم الأصوات”…
‏زمن الخوف من قول الحق،
‏زمن أن ترى الخطأ وتسكت،
‏وإن تكلّمت… فأنت المخطئ!
‏لماذا تتعامل معنا الأقدار بهذه الطريقة؟
‏هل يُعقل أن يمثل العراق سفيرٌ لم يعمل يومًا في السلك الدبلوماسي؟
‏أو لا يعرف حتى الهيكل الوظيفي داخل السفارة؟
‏أسئلة كثيرة… ولا إجابة.
‏ومن أين تأتي الإجابات؟
‏وقد جلس البعض في المنطقة الخضراء، يوزعون سفارة “فلان” لفلان، وسفارة “علان” لابن فلان، وهكذا… للأخ، والنسيب، والأقارب!
‏هنيئًا لنا بشهاداتنا الأكاديمية، من ماجستير ودكتوراه، التي نضعها على الرف، بينما يجلس أصحابها في بيوتهم عاطلين عن العمل… وغيرهم، في “رمشة عين” وتوقيع قلم، يصبح سفيرًا بمستوى وزير!
‏هنيئًا لنا بـ”الديمقراطية الجاهزة” التي سلّمتها لنا أمريكا، ملفوفة بورق “مسلفن”، ووضعتها بيد من لا يستحقها.
‏يا لك من مسكين، أيها العراق…
‏إما ديكتاتور جلاد،
‏أو ديمقراطي فاسد!
‏يا لك من مسكين، أيها العراق…
‏وأنت تعيش تحت سُلطة لا ترحم،
‏ولا توزّع ثرواتك بعدالة.
‏مسكينٌ أنت أيها العراق…
‏تبحث عن العدالة، فلا تجدها.
‏تصرخ من الوجع، فلا يسمعك أحد.
‏تبقى أنت وحدك… تدفع الثمن!

أحدث المقالات

أحدث المقالات