22 ديسمبر، 2024 10:29 م

الســـياسـيون .. بين المبـاديء .. والمصالـح النـفـعـية

الســـياسـيون .. بين المبـاديء .. والمصالـح النـفـعـية

المـعروف عن الـكـثـير من الذيـن يتـعاملون بالـسياسـة في العراق بـالوقت الحاضر هـمهـم المـصلحـة الضـيـقة ، والنـظرة الـنـفـعـية ،
نـراهـم يـقيمون مـعاييرهم مـنطلقين من هذه النظرة ، فالقـضـية الاسـاسية بالنسـبة اليهـم هي تـحـقـيق مصالحهم الضيـقة ومنافـعـهم الخاصـة ، وذلـك
بـغض النظر عن المبـاديء .
وبـهـذا تـصبـح المبـاديء برقـعـا ً جميلا ً يخـفي وراءه وجهـا ً بشـعا ً ، وتـغدو كلاما ً على اللسـان معسـولا ً يـغطي فـعلا ً أثـيما ً ، وهكذا يـقـعــــــل
الذين يركضون وراء المصالح الضـيقة ركضا ًجاعلين النظرة النـفعية الخاصة نـبراسـا ً لهم ، بغـض النـظر عـن المبـاديء او العـقائـد أو المثل العليـا .
لقـد اصـبحـت العـلاقـة بين السـياسـة والمبـاديء في اكثـر الحالات ، علاقة التـنافـر والـتباعـد .. فـقـلما نـرى من يـقيـمون سـياساتهم وفق منظومـــة
من المباديء التي يعترفـون بها هم انفسهم ـ فلا يـحيـدون عنها مهما كلف الامر . وقلما نرى التماسك في تطـبيق تلك المباديء على الحالات التي تقع
ضمن نظاقهـا ، فـالـدنـيـا تقــوم وتـقـعـد حـين يـنـتهكـها الخصـوم ، وتـصـبح مـنـسية حين يـنتهكها هو نفسـه او صديقـه او حليـفه ..
لنـأخذ على سـبيل المثال …. مـبـدأ رفـض التـدخـــل فـي الشـؤون الداخـليـة للدول الاخرى .. فـنرى الجـميــع يـعلن انـه يـؤيـده ويـتبناه ويعـتبـره
أسـاسا ً للعـلاقـات الدوليـة .. ولكــن نـرى عـددا ً من السـاسـة من بين هـذا الجميـع يسـوغون انـتهاكه في هذه الحالة ، ويـنزلونـه علـى قــلوبهــــــم
بــردا ً وسـلاما ً ، ثـم يرفـضون انـتهاكـه في حالة اخـرى مشـابهـة رفـضـا ً قاطـعا ً ، ويـعـتبرونـه أمـرا ً خـطيرا ً وشـرا ً مسـتطيرا ً ، أمـا كيـــــــف
يفسـر هـذا التـلاعب بالمبـاديء .. ؟! فالبعض لا يـرى في ذلك حاجـة الى تفـسير ، فـهـذه هـي الحيـاة ، وهــذا قـانونهــا ، فالكل مـن طيـنة البشـر ،
او لـنقل هـذا هو الواقـع . وهناك من يعطي تفسـيرا ً لذلك مسـتـنـدا ًالى الموضوعـية القائلة ان كل حالة تقع ضمن ظروفها ، فتراه يبحث عن تفاصيل
شكلية في في قلب الحالات المشابهة ـ ليفـرق بينهـا من أجـل ان يـحـرم الحــلال ، ويحـل الحـرام … فما دامـت بعض التـفاصـيل التافـهة مـوجودة فهذا
يـعني ان الجوهـر اخـتلف ، ومن ثم يسـوغ انـتهاك المـبـدأ ، ولا يسـمي ذلك انتهاكا ً ، بـل قـل يسـمي ذلك عـملا ً مـبدئـيا ً …
فـان المبــاديء تقــوم لتـحكم حالات تـختلف عن بعضـها في التفالصيل كثيرا ً او قـليلا ً ، ومن ثـم فان من السـهل اضـاعـة المـبـدأ في الدهـاليز.