مشهد صادم لفئة قليلة تجمعت أمام الباب الرئيسي لوزارة الكهرباء تندد وتتوعد بالإضراب ومن ثم العصيان ان لم تتراجع الحكومة عن سلم الرواتب الجديد وكذا فعل قسم من أساتذة جامعات القطر بقطع الطريق على المارة والسيارات ..المستغرب والمعيب ماذا أبقت هذه الطبقة لبقية الشرائح أن تفعل وبماذا تدين ؟ ولا ادري أين كان هؤلاء عندما كانت الدنيا زاهية وسائبة لنهب الأموال المخصصة لتحسين منظومة الكهرباء أفي آذانهم وقر أم على عيونهم غشاوة عطايا الفاسدين ..فساد الوزراء والمدراء العامين وفساد المفتش العام . تعرفونهم بالأسماء والمناصب والألقاب ..وكل الأسرار تحويها ملفات مستشارية الأمن في الوزارة ..أحقا تطالبون بشرعنة فساد ان يستمر على حساب الغلابة من الناس ؟وانتم جالسون في مكاتب فخمة لا تنقطع عنها الكهرباء ولا الماء..مخصصات مهنة للاختصاص مقبولة ..ولكن مخصصات صرف البانزين ..ومخصصات النقل ومخصصات الطعام والساعات الإضافية ..ومخصصات الخطورة من الهواء والماء البارد صيفا لالتهاب {اللوزتين}والهواء الساخن شتاء لحماية الموظف من {النشلة} اضافة لما لا يعلم ما حصل ما في الصدور من مخصصات السفر والايفادات الى كوريا وماليزيا وايران ..كل هذه هي التي يحتج عليها الاخوة ..كما لم يحتجوا من قبل وصمتوا الصمت الرهيب على الفساد والخراب والسرقات التي حلت في مفاصل الوزارة ومديرياتها ومحطاتها منذ عام 2003ولحد الآن !!..
التغافل عن الليل والنقد في النهار لا توصلنا وتقربنا الى حقيقة سرقات اللصوص لنا ونحن نقترب مرات ومرات من موت السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وننتظر الموت ستين يوما لاستلام راتب زهيد ..ولا نعرف السراق في رحلة قاربت أكثر من عقد من الزمن !! فلا تغضبوا من عملية المؤاخاة وتقريب المسافات بيننا وبينكم ..على الرغم من ان الاستقطاعات التي ستشملكم محدودة .. إنها حقيقة صمت عنها الآخرون وغضوا الطرف عن الرواتب الخيالية الموجعة والمؤلمة للبرلمانيين والرئاسات الثلاث..عدم الاعتراف بالخطأ ومن سنة التغيير والى الآن موروث ؟ أم الرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل ؟ لعل اضطراب الوضع السياسي والعنف المستشري وارتفاع أسعار النفط لأكثر من 120 دولار للبرميل أنتج الشيء الكثير من مشاريع كانت فيها أهواء الكسب السياسي حاضرة .. تمتعت خلالها الكثير من الفئات بمزايا ومكاسب غير واقعية وتضاعفت رواتبهم دون الرجوع الى قوانين تشرع تلك الزيادات فلماذا يعطوننا الوجه الآخر وكأنهم غرباء عندما يتعرض البلد الى أزمة قد تفرج وتتحول المسارات لصالح الجميع .
التعامل مع الحالة العراقية الراهنة تتم بأحاسيس الوجع لوطن يتعرض لهجمة شرسة من داعش والناصبة وسياسي المصالح الشخصية وتآمر دول الجوار والفاسدين ..فلا نصفق للجشع ونتغنى للاستغلال ..ونتخلى عن وجودنا عندما يتعرض البلد الى ظروف قاهرة ولا نتراجع أمام باب الترف ..الوطن مقدس وتربته قبورنا وارتباطنا به الدلالة على تجاوز ماهو زائل من مدخرات مضاعفة وتنافرها مع تضحيات عميقة الجذور من أبطال الحشد الشعبي مستمدة من معنى الدفاع عن البلد بالنفس ..فكانت شراع في بحر الوطن تتجلى فيه روح البذل والعطاء .. وليس التجمع ورفع اللافتات عندما تشتد الأزمات ..انا لست بالضد من الممارسات الذاتية في الوقت والمكان الصحيحين بقدر ما نحتاج الى التفاعل مع الوطن بالمشترك في القضايا والتحديات والالتزام في ما ننشده من التغيير وتحقيق ملامح الواقع الجديد .. للعراق الجديد .