العالم يواجه أخطر شخصية رئاسية وصلت إلى إدارة البيت الأبيض، وهو الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب.
إنّ العقيدة السياسية للرئيس الأمريكي الحالي تندرج تحت قانون “البيع والشراء” أو بعنوان آخر “تجارة السياسة ” أي بمعنى وسيلة للربح المادي فقط.
مَن يطّلع على تاريخ هذه الشخصية وبالذات حياتها المهنية، يجد أن الرجل “ترامب” منغمس في مجال المال والأعمال التجارية إلى حد النخاع، وفكره وسلوكه التجاري نقله إلى عالم السياسة- وأبو طبع ما يبدل طبعه- فإذا كان ترامب ” 40″ سنة لم يغير تسريحة شعره مثلما قيل عنه، فكيف يغير من سلوكه وعقليته التجارية؟!
كتبت “موناليزا فريحة” في النهار اللبنانية:( إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستخدم العقوبات الاقتصادية أداة مدمرة في مواجهة خصومه ووسيلة ضغط لإجبارهم على تقديم تنازلات أو الجلوس إلى طاولة المفاوضات).
دونالد ترامب، حدد بوصلته السياسية بوضوح، منذ خطابه أمام آلاف العمال الأمريكيين بمدينة مونيسين في ولاية بنسلفانيا، ومما جاء في كلمته:( يجب إعادة الإقتصاد الأمريكي لسابق قوته من خلال القتال لأجل إقامة علاقات تجارية عادلة، واصفاً السياسات السابقة في واشنطن بالفاشلة، والسبب في تدهور الإقتصاد الأمريكي،الذي تعاني منه الطبقة الوسطى بالتحديد) وجاء هذا خطابه بعد وصول العجز التجاري الأمريكي إلى نحو 500 مليار دولار، وفق ما أوردته وكالة “أ ف ب” الفرنسية.
أتخذ الرئيس الأمريكي “ترامب ” سياسة إحمائية وإجراءات مالية، تهدف إلى حماية الإنتاج الوطني من المنافسة الأجنبية، ووقع مرسومين بشأنها، من خلال تحديد الجهات التي تغرق السوق الأمريكية بالبضائع الرخيصة، وقد حددت هذه الجهات ببعض دول امريكا الشمالية، والأوربية، وشرق آسيا.
الخطوات العملية التي مارستها الإدارة الأمريكية الحالية على ضوء السياسة الإحمائية: فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من الصين، والإتحاد الأوربي، و المكسيك و كندا، وردت هذه الدول بخطوة مماثلة، ووصف هذا التصعيد الأمريكي بحرب تجارية عالمية، والذريعة بهذا الشأن أن هذه الدول لم تفتح أسواقها للمنتجات بشكل أكبر للمنتج الأمريكي.
فرض حزمة عقوبات على كوريا الشمالية، وأخرى ضد طهران، ومثلها على شخصيات وشركات وصناعات روسية، ومعاقبة تركيا إقتصادياً على خلفية القس الأمريكي، التهديد بالإنسحاب من الاتفاقيات، كأتفاقية “نافتا” في أمريكا الشمالية، ومنظمة التجارة العالمية، وحلف الناتو، ومعاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى مع روسيا مؤخراً، وكلها تحت عناوين ومسوغات سياسية، وإقتصادية بالدرجة الأولى.
قبل بضعة أيام لوّح “ترامب” بنفس هذه السياسة على العراق، وقال ما مؤداه:” نحن لم نأت إلى العراق ونضحي بأرواح جنودنا من أجل أن تتعاقد الحكومة العراقية مع شركة سمنز “! وتكرر منه مثل هذا القول.
السعودية ليست بمنأى عن سياسة ترامب، فالرجل يحسن أغتنام الحدث السياسي “صغر أم كبر” وتوظيفه لمكاسب تجارية، لكن هل يستطيع فرض عقوبات اقتصادية على السعودية؟ أعتقد هذا الأمر مستبعد لخمسة أسباب ذكرها مدير الإعلام السعودي”فيصل الدخيل” في مقالة كتبها، تمنع أمريكا من فرض عقوبات إقتصادية عليها.
ربما تكون حادثة مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” ورائها بضعة سيناريوهات، منها: قد يكون الأمر مدبر من قبل تركيا وقطر بأستدراج وأستغفال ولي العهد السعوي لقتل”خاشقجي ” للإطاحة بأبن سلمان، ضمن صفقة سياسية مع أمريكا، لإنهاء الحصار عن قطر وعودتها إلى الحضن الخليجي، والقطريون جاهزون لدفع الأموال.
مهما يكن السيناريو، فبالنتيجة وقعت السعودية في شباك ترامب المستفيد أولاً وآخراً من هذه الحادثة التي ستعود عليه بالنفع والربح المالي الوفير.
يجب على حكومات العالم أن تتعامل بحذر شديد مع دونالد ترامب، وأن لا تعطيه أي مبرر سياسي ليتخذه وسيلة ضدهم، فالرجل يتصيد العثرات والكبوات السياسية لصالح سياسته التجارية.