19 ديسمبر، 2024 2:54 ص

السعودية العلمانية تتقبل العراقي الشيعي !

السعودية العلمانية تتقبل العراقي الشيعي !

العداء السعودي للعراق سيطر لفترة كبيرة على عقل صانع القرار السعودي، اذ حملت السعودية راية المدافع عن التسنن في العالم الاسلامي، لتقف بالضد من رمز التشيع في المنطقة، العراق بثقله التأريخي وعدد المراقد الشيعية فيه، اضافة الى القيادة الروحية للعالم الشيعي تجسدت في مرجعية النجف الاشرف، جعل منه الند الموازي للأول، وان كان يفتقد لأدواته وسلطته المادية، ليحكم العداء والتكفير والتفجير السياسة السعودية تجاه عراق ما بعد التغير، وبعد سنين من السياسات السعودية الفاشلة في المنطقة، وما ترتب عليها من خسائر فادحة بالاموال ومساحات النفوذ والدعم الدولي، نشاهد السعودية تستقبل رئيس الوزراء العراقي الشيعي، استقبالاً لم يكن ينتظره اكثر المتفائلين بأمكانية تطور العلاقات بين البلدين .
البحث عن خلفيات الانفتاح السعودي الكبير على العراق، يجعلنا نجمل سببين أساسيين في هذا الانفتاح والتطور السريع، اذ يرتبط السبب الاول بالتطورات الداخلية في السعودية، اذ بعد تولية محمد بن سلمان بولاية العهد، وانتهاج الاخير نهجاً لم تعرفه العربية السعودية سابقاً، وهو الذهاب بأتجاه بناء دولة علمانية تفصل بين الدين والسياسة، وتمنح المجتمع السعودي قدراً من التحرر، وتقوم بالتضييق على علماء الدين المتشددين والمتطرفين وحبس بعضهم، تحاول إرسال رسائل تطمينية الى دول الجوار لتغيير الصورة المرسومة عنها، من خلال الانفتاح وتقبل الاختلاف وتعميق الصلاة السياسية والاقتصادية والثقافية، وفي مقدمة الدول التي تسعى الى كسب ودها هو البلد الأكثر تضرراً من سياساتها السابقة !.
السبب الثاني قد لا يرتبط بالعربية السعودية، بقدر ارتباطه بالعراق الذي يستعيد مكانته السياسية الاقليمية والعربية، بعد خروجه منتصراً من التحدي الاصعب في حربه ضد داعش، وادارته لأزمته بحنكة وقدرة عالية على الخروج منتصراً من التحديات السياسية الداخلية، سواء المرتبطة بكيان التحالف الوطني ذو الاغلبية بعد عام حافل بالمؤسساتية والدبلوماسية في حل الازمات، ام في ادارته الرائعة لأزمة استفتاء اقليم كوردستان، وكل هذه التحديات وغيرها قبل ان تكون انتصارات داخلية، فهي تشكل رسائل خارجية مهمة ذات دلالات واضحة، وهي ان العراق يستحق ان يعود الى مكانته التي لم يشغلها أحد غيره، وان يتم استقباله استقبالاً يليق بالمنتصر وان كان رئيس وزرائه شيعي !.

أحدث المقالات

أحدث المقالات