18 ديسمبر، 2024 9:32 م

السعودية ، وآخر مسمار في نعش القومية العربية

السعودية ، وآخر مسمار في نعش القومية العربية

منذ العام 1991 ، وبعد فرض الحصار المجرم على بلدنا من قبل ما يسمونه المجتمع الدولي ، وما سببه من تكريس للفقر وموت للأطفال بالجملة بسبب فقدن الدواء والغذاء ، وبنفس الوقت عاد بالنفع الكبير على تكريس السلطان الجائر ، والقائمون على فرض هذا الحصار -الجريمة ، لم تغب عنهم هذه الحقيقة على الإطلاق ، فعلمت أن القومية العربية خرافة مهلهلة قابلة للزوال ، وأن ثمة عوامل أقوى بكثير منها كالمصالح ، ولكن بعد العام 2003 ، والسماح لجيوش الإحتلال بوطء أراضي أولاد العم لإنزال الخراب والدمار بأرض العراق ، وأبناء العم بالأمس القريب ، لم يخفوا تشفّيهم بما مر به العراق ، حتى علمت أن لم تكن المصالح وحدها أقوى من القومية ، إنها الطائفية والمذهبية ، هكذا طُمرت القومية العربية تحت رمال المصالح والطائفية وأشياء أخرى ،لأنها لم تكن قوية راسخة ، وإنها لم تكن سوى مادّة لمتاجرة السلاطين العرب هي الأخرى مثل القضية الفلسطينية ، فمُسحت أمام هذه المسميات ! .

اليمن على موعد يومي مع حرب الإبادة التي يشنها تحالف العار العربي ، بشكل وحشي وعشوائي ، ولا أجد أي مبرر آخر لشن هذه الحرب ، سوى الدافع الطائفي-المذهبي ، إلى درجة أن المجتمع الدولي الأعور ذو المعايير المزدوجة ، والذي يشرعن حصارا هنا ، وحربا هناك ، قد استهجن وحشية وهمجية هذه الحرب ، وقد ملأ الدنيا ضجيجا وإحتجاجا على هذه الحرب ، وأن هنالك أسلحة محرمة استوردتها السعودية من الدول “الراعية” لحقوق الإنسان كبريطانيا ! ، بريطانيا وغيرها تعرف جيدا كيف تعطي أذنا طرشاء أزاء إحتجاجات منظمة العفو الدولية مقابل صفقة سلاح مغرية ، تصب النار والموت على رؤوس الفقراء ، كل ذلك ، والرأي العام والدبلوماسية العربية ، خرساء تماما ، ولم تستيقظ القومية في الضمائر لانها ميتة ، والسعودية تنفق الأموال بسخاء قل نظيره في التاريخ ، لا لتؤي مئات الالاف من طائفة (الروهينغا) المنكوبين ، لا لتخفف عن ملايين اللاجئين بسبب الصقيع العربي الذي صنعوه ، لا لأطعام ملايين الجوعى ، لا لأجل قضايا العرب الكبرى ، لا لأجل التنمية في بلد فقير ، لا لأجل قضايا العرب الكبرى ، لكن لتشتري السلاح بمليارات الدولارات ، ، لتكريس الجوع والكوليرا والحصار وذبح الطفولة في اليمن ، كيف لا ودول المد القومي (رحمها الله) ، وبالذات العراق وسوريا ومصر ، منشغلة ما بين لعق الجراح ومواجهة الإرهاب وحروب التجويع ، لقد أستُهدفت هذه الدول بالذات ، من خلال تخريب أقتصادياتها وأمنها ، وبإمكاننا تحديد الجهة المسببة لتلك الكوارث دون عناء ، إنها السعودية ودول الخليج ، ووصل الأمر بالسعودية حسب التسريبات الصحفية ، بإعطاء الضوء الأخضر للصهاينة (وهذا أمر ليس بخافٍ) ، لضرب لبنان ، وليس كل لبنان ، إنما مناطق حزب الله ، وقولوا أن هذا الدافع الشرير ليس طائفيا ، والقومية العربية بلا لسان بعد أن أكله آل سعود ! ، وآخر تقرير لمنظمة العفو الدولية وإن كنت لا أثق بكل هذه المنابر ، قد أدرجت السعودية كأسوأ دولة منتهكة لحقوق الإنسان ، ولكن هذا لا يهم ، طالما إن البلطجي الكبير على الكرسي البيضاوي ، لم يفرغ لحد الآن من عد مئات المليارات من المال السعودي !.

هكذا أفتُعلت أزمة سخيفة ساذجة ، هي الأزمة مع قطر ، إتضح إن هذه الأخيرة هي مصدر الإرهاب وتهديد الأمن العالمي ! ، والمساكين الخليجيين لم يعرفوا ذلك وقطر بين أحضانهم في ما يسمى مجلس التعاون الخليجي ! ، وتحولت باقي دول الخليج إلى حمائم سلام بعد أن قذفوا بكل غسيلهم الوسخ على قطر التي لا تتسع له !.

نحن نعيش في عالم يحكمه الأقوياء ، ومصدر هذه القوة هو المال فقط ، يكفي أن رئيس أكبر دولة في العالم ، قد أوصله ماله فقط للبيت الأبيض ، تقول الإحصاءات ، ان الثروة العالمية مُكدّسة بيد 3% فقط من سكان العالم ، هكذا شهدنا إنحسار وقع وتأثير الكلمة والمبدأ أمام المال ، فالغني يستطيع التهرب من الضرائب ، والإفلات من اي جريمة طالما كان تحت يده جيش من المحامين هذا إن لم يمتلك مؤسسة القضاء أصلا ، يستطيع وضع أبناءه في أرقى الكليات ، هكذا لا ينجب الغني إلا أغنياء ، على عكس الفقير الذي لا ينجب إلا فقراء ، وهو يكد عملا شاقا لكنه يجده عقيما ، الفقير وهو يودّع كل مواهبه ومبادئه إلى حيث مثواها الأخير ، لكن لولا الفقراء ، ما كان هنالك أغنياء ، فلا مكان للقمل إلا فروة الرأس ! ، ولولا الأغنياء لكنا بخير حقا ، فأي عالم هذا الذي يحكمه الأغنياء ، إنه عالم لا وجود للعدالة فيه .