18 ديسمبر، 2024 3:40 م

السعادة الحقيقية بين القناعة والأمل

السعادة الحقيقية بين القناعة والأمل

كثير منا يدخل الى قلبه السعادة فجأةً وتظهر على وجهه الابتسامة عندما يأتيه خبرٌ مفرح او تكون هناك مناسبة سعيدة تخصه او تخص احد افراد عائلته وتستمر نشوة السعادة في هذه الحالة الى ايام او ربما ساعات محدودة بعدها تعود الاحاسيس البشرية الى ما كانت عليه قبل تلك الفرحة وخاصة عند عودة كل الأمور الى مجراها الطبيعي لينتقل الانسان مباشرة من لحظات تلك الفرحة التي ادخلت في قلبه السعادة الى هموم ومشاكل الحياة التي لا تنتهي والتي نشعر بمرارتها أحيانا رغم توفر اغلب الاشياء الضرورية حولنا وخاصة بعد دخول التكنولوجيا الحديثة في اغلب مفاصل حياتنا اليومية…
وربما هناك سائل يسأل هل هناك سعادة مزيفة او سعادة حقيقية وهل هناك سعادة دائمة او سعادة وقتيه؟؟
ان الجواب هنا متروك الى الصفات التي يحملها هذا الانسان فهناك من يعيش مع اوهام نسجتها له نفسه من وحي الخيال وبعيدة المنال لان تحقيقها يتطلب إعادة عجلة الزمن الى الوراء لتعويض ما فاته من الفرص وتصحيح كل الاخطاء وهذا يعتبر في منطق العقل من المستحيل لأن الامس لن يكون اليوم واليوم لن يكون غداً..
ان السعادة الدائمة تكمن في التخطيط الصحيح وبناء شخصية الانسان بصورة صحيحة مع وجود ارادة لتحقيق طموح وأمل معين بعيداً عن الاوهام والامنيات المريضة وبعيدة عن واقع الخيال المتجذر في بعض النفوس والتي يقضي ساعات نهاره بالتفكير بها.. وربما ترافقه احيانا في كل الاوقات…
وبعيدا عن منطق الفلسفة والادراك الروحي للبشرية انني اكتب عن واقع اعيشه واشارك مع ابناء مجتمعه بالسراء والضراء فكلما احتاجت روح هذا المخلوق البشري الى فرحة وسعادة يجب عليه اللجوء الى القناعة قبل التمني بالمستحيل لان القناعة سوف تثبت لأي شخص ان سعادته موجودة معه وفي كل الاوقات وحتى الاوقات العصيبة التي يمر بها احيانا فربما نطمح لتحقيق الكثير من الأشياء ونحن لا نعلم شيء عن عواقبها…
فالطموح مطلوب مع العمل والامل المنشود يحتاج جهود كبيرة وعدم تحقيق الشيء يحتاج قناعة تامة حتى نبتعد جدا عن كلمة الفشل ولانقع في اخطاء سابقة تؤدي بنا الى طريق الندامة لأننا بشر وكلنا معرضون للخطأ في بعض الأحيان سواء نتيجة تصرفات غير عقلانية او تحكم ظروف قاهرة او مجاملات لواقع اجتماعي محيط بنا…
ان الواقع الاجتماعي الذي نعيشه اليوم اصبح مختلف كلياً عن ما كان يعيشه آبائنا واجدادنا قبل عقود من الزمن لان الإنسان حاليا اصبح يعيش أحلامه قريبة من الخيال وواسعة التفكير وآماله منبثقة من طابع الحسد او الكراهية والانانية وعدم القناعة بالواقع باعتباره شيء مجحف بحق ارادته رغم انه مسلوب الارادة ويأمل تحقيق اشياء بعيدة المنال لأنه يضع نفسه دوما بمقارنة غيره من الناس الذين يعتبرهم قد استطاعوا تحقيق كل امانيهم.ولكنه واهم بهذه التصرفات وربما تجد العكس هنا فهؤلاء الأشخاص يضعون في امانيهم ما يعيشه هو من واقع بسيط مبني على الامل المحدود والقناعة التامة مع شعوره بالسعادة بأبسط الأشياء…