23 ديسمبر، 2024 7:38 ص

السطو على المسميات الوظيفية، مستشار تحكيم دولي لقب يشترى ب 500 دولار(2-2)

السطو على المسميات الوظيفية، مستشار تحكيم دولي لقب يشترى ب 500 دولار(2-2)

ونكمل مقالتنا في جزئها الأخير ونقول:
مستشار التحكيم الدولي طبقا للائحة نقابة مستشاري التحكيم الدولي:
أن يحصل المتدرب على صفة مستشار تحكيم دولي طبقا للائحة نقابة مستشاري التحكيم الدولي، لابد أن تكون الدراسة عملية ونظرية، ويجرى على الدارسين اختبارات قبل أن يحصلوا على الدورة.
أن المحكم الدولي القانوني في مصر لابد أن يكون مسجل بوزارة العدل، وحتى يسجل لابد أن يكون حاصلا على دبلوم التحكيم الدولي ومدتها سنه من إحدى الجامعات المصرية ، فلا يمكن أن نطلق على المتدرب الحاصل على دورة في التحكيم الدولي لمدة خمسة أيام او اكثر بقليل صفة مستشار، أضف، أن الدورات الخاصة تعطى للدارس مكونات المحكمة الدولية ورتوش بسيطة عن التحكيم ولا يعطى له كيف يحكم، لأنه لو حكم في قضية تجارية فلابد أن يكون دارسا للقانون التجاري الدولي والوطني وضليع فيه ومتفهم لنصوص قوانين التحكيم الوطنية والدولية واتفاقية التجارة الدولية منذ عام 1974، فهل دراسة لخمسة أيام تكفي لفهم كل ذلك، ولو حكم في قضية مدنية فلابد أن يكون دارسا للقانون المدني وضليع فيه، فكل قضية لها قوانينها، فالقانون الدولي وسط البحر يختلف عنه في البر.
وضعت نقابة مستشاري المحكمين الدوليين في مصر تدرجا في اللقب على حسب القدرة المعرفية والتمكن المهني للشخص عن طريق الحصول على دورات عملية وورش عمل للتأكد من قدرة الشخص على ممارسة المهنة بفاعلية حقيقية.
ان سعي نقابة المحامين العراقيين واتحاد الحقوقيين في تخريج كوادر دارسة للتحكيم في كافة جوانبه عمل رائع لكن للتذكير، ذلك يتم عن طريق تحديد مستويات ومسميات للمحكم او الخبير بالتحكيم يستوجب عليه اجتياز مراحل من الدراسة وورش عمل؛ حتى يصبح صاحب لقب مستشارا بالتحكيم ومستشارا بالتحكيم الدولي، وهناك أربع مراحل بأربع دورات تدريبية كل واحدة تمنح الدارس لقب مقدار ما درسه وهي:
أولا: محكم مساعد: وعلي صاحب هذا اللقب ان يكون قد اجتاز الدورة الاولي التمهيدية بالتحكيم واجتاز الامتحان المقرر لها حتى يصبح هذا اللقب من حقه 0
ثانيا: محكم: وعلي صاحب هذا اللقب ان يكون قد اجتاز الدورة التمهيدية الثانية من التحكيم واجتاز الامتحان المقرر لها حتى يصبح هذا اللقب من حقه 0
ثالثا: محكم اول: وعلي صاحب هذا اللقب ان يكون قد اجتاز الدورة التخصصية الاولي في التحكيم واجتاز الامتحان المقرر لها حتى يصبح هذا اللقب من حقه.
ولا بد من الإشارة، بأن صفة المُحكم لا تتوقف فقط عند دارس القانون، بل يجوز أن يكون الطبيب والمهندس والمحاسب وغيرهم مُحكمين، كل في مجال تخصصه، ويجوز لجميع فئات المجتمع ورجاله ونسائه وصبيته الحصول على دورات في التحكيم من باب التثقيف، ولكن ليس كل مَن يحصل على هذه الدورات أهلًا لاعتلاء منصة التحكيم، والتحكيم له شروط خاصة، فمن الصفات الأساسية للمُحكم (وليس المستشار): سعة الاطلاع، والإلمام بأصول التقاضي وإجراءاته، والإحاطة الكاملة بموضوع النزاع، وما يحكمه من عقود واتفاقيات.
رابعا: مستشار بالتحكيم: علي صاحب هذا اللقب ان يكون قد اجتاز الدورة التخصصية الثانية في التحكيم واجتاز الامتحان المقرر لها حتى يصبح هذا اللقب من حقه.
خامسا: مستشار بالتحكيم الدولي ” وهذا اللقب يستوجب صاحبه ان يكون قد اجتاز الدورات الاربع والتي لا تقل أي دورة منها عن ثلاثة أشهر والم بكافة قواعد التحكيم الدولي باطلاعه على كافة المعاهدات الدولية في التحكيم ويكون حصل علي الكتاب الخامس في التحكيم عن طريق الدورات التخصصية في التحكيم دوليا ومحليا ويكون مشهود له بالكفاءة العالية بالتحكيم وليس صاحب كارنيه فقط ومضى عليه بالعمل بالتحكيم ما لا يقل عن سنة مقيد في احد المراكز الرسمية بالتحكيم وله سيرة ذاتيه تتحدث عن خبراته في احد المراكز الرسمية0
تلك هي مراحل التحكيم الدولي والتحكيم المحلي ويستوجب علي الدارس ان يكون قد حضر ورش العمل التي تقام في التحكيم حتي ينشأ كادر جديد من المحكمين الفعليين وليس من يحمل الكارينه والعراق ومصر ولبنان تفتقر الي مثل هذه الفئة وتلجأ للمحكمين من الخارج للافتقار للمحكم العربي المتخصص المتمرس وهذا ما يجب ان تسعى اليه نقابة المحامين العراقيين من خلال انشاء مركز تحكيم رصين تنتدب له أساتذة متمرسين في هذا الميدان والمبالغ التي صرفت على هذه الدورات كان من الممكن ان تنشء اكبر مركز للتحكيم في المنطقة ونشر  ثقافة التحكيم مهمة جدا لتكون البديل لحل المشاكل في العراق بعيدا عن ساحات القضاء واروقة المحاكم وهذا ما نتمناه 0
أن لقب مستشار لا يحمله أي شخص الا من اعطى له القانون هذه الصفة، ففي العراق المستشار درجة خاصة بدرجة وكيل وزير والمستشار القاضي في مصر، لفظ دارج تعودت الناس على استعماله في تلقيب للقضاة الكبار، ولا يمكن أن يطلق على أي شخص لقب مستشار الا إذا كان هناك نص أو لفظ في القانون يعطيه هذه الصفة.
فاحترام المهنة ليست في المهنة ذاتها ولكنها في مدى تأثيرها على المجتمع، ونحن من نعطى لوظائفنا الاحترام والتقدير وليس المنصب أو النقابة التي ننتمي إليها.
ونتساءل: هل مَن يحمل هذا اللقب يمكننا الاعتماد عليه واختياره للتحكيم في أي قضية دولية؟، هل هناك مستشار تحكيم دولي وآخر غير دولي، هل مَن يحملون مثل هذا اللقب أصبحوا ضمن الجهاز القضائي للدولة؟
جرائم أخلاقية وقانونية ووطنية
إن ممارسات هذه المراكز تشكل جريمة أخلاقية تتمثل في بيع الوهم للشباب الباحث عن فرصة عمل مشروعة ان تلك الهويات والمناصب تسبب اضرار جسيمة تمس هيبة رجالها من المستشارين والدبلوماسيين.
نحن بصدد مجموعة من الجرائم في حق رجال السلك الدبلوماسي والمستشارين، وفق التفصيل الاتي:
أولا: جريمة أخلاقية تتمثل في المتاجرة بأحلام المحامين والحقوقيين، وإيهامهم بشغل فرصة عمل فيجد شهادة غير حقيقية لمزاولة المهنة.
ثانيا: جريمة انتحال صفة وتزوير في ورقة رسمية.
ثالثا: جريمة النصب متمثلة في نصبه علي الناس بحجة أنه مستشار وكذلك النصب علي أجهزة الدولة، ومن ثم باتت هذه القضية قضية أمن وطني وقومي عندما يفقد المواطن ثقته في المحامين والحقوقيين وخوفا ان نرى ما نراه في مصر ولبنان من انفلات مع ادعاء هؤلاء النصابين انهم مستشارين تحكيم ومستشارين دبلوماسين، لان المواطن العادي سيظن أنهم مستشارين فعلا فينسب هذه التصرفات والمظاهر إليهم وبالتالي تضيع هيبتهم في النفوس، وبالتالي نحن بصدد جريمة وطنية بعد الاساءة لسمعة التحكيم العراقي وبالتالي الاساءة للاستثمار وبلادنا في أمس الحاجة إليه ولطمئنة المستثمر الاجنبي للاستثمار في العراق، وهذا ما تعانيه مصر ولبنان من سوء مناخ التحكيم وسمعة التحكيم فالأمر أصبح في منتهي الخطورة.
رابعا: أن الكثير من هذه المراكز تستخدم الكذب والالتواء من خلال الزج بأسماء دوائر مراكز وجامعات مصرية وعربية أو دولية، وهذه اساءة لسمعة الجامعات بالرغم من ان اكثرها متورط في فوضى بيع الألقاب العلمية لانها تتعاون بقصد أو بدون قصد بجهل أو بعمد مع هذه المراكز المشبوهة.
 أصبح الاحتيال قانونا
أصبح التحكيم في مصر ولبنان وسيلة لبيع الألقاب التحكمية وكل لقب له قيمة وأصبح 80% من محامو مصر ولبنان يحملون لقب مستشار تحكيم، وفي العراق بدأت دكاكين التحكيم تنتشر وهناك الكثير من يحمل هذا اللقب وينشره على صفحات التواصل الاجتماعي ويطبعه في الكارتات ولوحة مكتبه، وبعضهم لا يصلح الا مستشار بمحو الأمية، في حين أن عدد القضايا التحكمية في العراق لا تتجاوز عدد الاصابع.
ولكن ان تدخل نقابتنا العزيزة واتحادنا الموقر على الخط فتكون ظهيرا لهذه المراكز وهذه الألقاب فهذا هو الجديد والخطير والمثير في هذه القضية، وهي حتما بعيدة عن ذلك وغرر بها.
وانقل بعض ما تذكره هذه المراكز من مميزات يتمتع بها المتدرب، بالآتي: –
1-شهادة معتمده من النقابة العامة لمستشاري التحكيم الدولي وخبراء الملكية الفكرية
2-شهادة معتمده من المركز بإتمام الدورة.
3-شهادة مزاوله المهنة معتمده من المركز والنقابة (بعد سداد الرسوم).
4- كارنيه من المركز بلقب مستشار تحكيم دولي يؤهلك لعضويه النقابة والنادي (بعد سداد الرسوم).
5-يدرج اسم المشارك فى قوائم المحكمين بهيئة قضايا التحكيم الدولي والعربي.
6-يحق للمشترك الانضمام لعضويه أكبر نادى فعلى لمستشاري التحكيم الدولي والعربي ويقدم خدمات كبيره للساده الاعضاء. (بعد سداد الرسوم)
7-شهادة موثقه من الخارجية المصرية (بعد سداد الرسوم)
في ثلاثة او خمس أيام تتمتع بكل ذلك، عن طريق استخدام عبارات ضخمة وأسماء رنانة مثل “نادي المستشارين” و”محكمة التحكيم والجامعة العربية”، جمعيات ومراكز تمارس النصب والاحتيال وتبيع اللقب الوهمى وحكوماتهم تمنحها الشرعية، ولا نريد من نقابتنا ان تكون شريكة في هذه الشرعية.
عذرا لإخوتي المحامين المشاركين في هذه الدورات؛ لكنها الحقيقة الناصعة البياض، انها مناصب وهمية وعذرا لنقابتنا الموقرة ونفسه لاتحاد الحقوقيين العراقيين؛ لان جهدهم قطعا كان بحسن نية، والامر يحتاج الى دراسة وتدقيق وتمحيص للوصول الى الحقيقة، والأفضل عدم السير بمشروع لا يحتاج الى تفكير في عدم دقته ومن خلال قصر المدة ومنصب المستشار الممنوح بسرعة لا تنسجم مع المدة والمادة العلمية، وكتبت ذلك لأجل انارة الأماكن المعتمة في هذا الموضوع ومن شخص أرهقه الدهر وجار عليه ولكنه صامد الى ان يأذن الله له بلقائه.