6 أبريل، 2024 9:45 م
Search
Close this search box.

السستاني ومكر الاحزاب الشيعية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

بداية ان السيد علي السيستاني بمرجعيته الدينية يقف بالضد تماماً من المرجعية الدينية الايرانية التي تحاول منذ سنوات طويلة نقل زعامة المرجعية من النجف الى قم بمساعدة بعض الاحزاب الاسلامية العراقية التي تم تشكيلها داخل ايران ، فالسيد السيستاني لا يؤمن على الاطلاق بولاية الفقيه التي تسير بها مرجعية قم ، ولا تربطه اية روابط مشتركة مع علماء ايران على الرغم من انه مولد في قرية ايرانية لكنه درس وتلقى علومه وعاش جل حياته في حوزة النجف الاشرف وولاءه المطلق لله ولرسوله ولآل بيت النبي ص ، وكم حاولت جهات عديدة ان تشوه صورته لكنها فشلت في ذلك وظل الرجل مخلصاً لدينه ولطائفته التي لا تنتمي الى وطن واحد فهي متوزعة على اوطان كثيرة في مشارق الارض ومغاربها ولسوف نسترسل استرسالاً تاريخياً موجزاً على بعض الاحداث التي مّر العراق فيها قبل وبعد تسلم السيد علي السيستاني زعامة المرجعية في النجف !

عندما قصم ظهر الجيش العراقي بعد عملية ما يسمى تحرير الكويت من قبل نظام صدام الدكتاتوري الذي زج البلاد والعباد في حروب لا اول لها ولا آخر ، كانت الفرصة مهيأة تماماً لسقوط النظام الدموي في بغداد بعد ان انتفض العراقيون في كافة محافظات العراق الجنوبية حتى وصلت شرارة تلك الانتفاضة الى العاصمة بغداد ومدن الشمال العراقي ، وقد تم اخمادها بمساعدة الولايات المتحدة الامريكية التي سمحت لنظام صدام باستخدام الطائرات العمودية لكبح جماح الثورة العفوية التي جاءت نتيجة لضغوطات كثيرة كان يمارسها حزب البعث ونظامه في القتل والتنكيل والحروب والفقر والاعدامات والمقابر الجماعية التي خلفت لنا تركات ثقيلة من الآلم والحزن والضغط النفسي والفراق والمنفى ، كما وساهمت ايران مساهمة فعالة وكبيرة بافشال هذه الانتفاضة التي حاولت تجييرها لصالحها بعد ان ادخلت قوات بدر التابعة للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية لمناطق الجنوب وثلل من المخابرات الايرانية الامر الذي ادى الى فشل الانتفاضة الشعبانية ، فيما نتج عن ذلك الفشل الكبير كثيراً من الاعدامات والاعتقالات

وتهجير آلاف العوائل الى المملكة العربية السعودية بمعسكري رفحا والارطاوية في واحدة من اسوأ معسكرات اللاجئين التي عرفها التاريخ الحديث .

في تلك الاوقات بدأ النظام الصدامي المجرم يتنفس الصعداء وحاول ان يبين للمنتفضين من الشيعة ان ما قاموا به ما هو إلا عبارة عن عملية غوغائية بعد ان استضاف رئيس النظام صدام حسين في لقاء تلفزيوني سماحة المرجع الاعلى في ذلك الوقت السيد ابو القاسم الخوئي رحمه الله ، في ذلك اللقاء كم حاول صدام حسين ان يحصل من السيد الخوئي على كلمة واحدة يدين فيها الانتفاضة والمنتفضين إلا انه لم يفلح في ذلك اطلاقاً ، كان السيد رحمه الله يركز فقط على عدم شرعية السرقة وتدمير المال العام وهي من الامور الغير جائزة شرعاً . وما كان من صدام بعد ان طفح كيله إلا ان هدد السيد بطريقة غير مباشرة قائلاً له : كيف هي صحتك واحوالك الآن ؟ لكن صدام قالها بضجر وكأنها رسالة تهديد واضحة ، فرد عليه السيد الخوئي بجواب غاية في الروعة والعلم والأخلاق قائلا : انا قريب من الله والله قريب مني !!

ويعتبر السيد ابو القاسم الخوئي من اكبر علماء الشيعة ،استلم رئاسة الحوزة في فترة نظام الحكم البعثي وقد تعرض الى الكثير من المضايقات لاجبراه على اصدار فتاوى ونجا من الكثير من محاولات الاغتيال التي كان نظام البعث يدبرها له بين الحين والاخر، وبعد رحيله تسلم السيد علي السيستاني عام 1994 زعامة المرجعية في النجف الاشرف وعلى الفور وضعه النظام تحت الاقامة الجبرية لسنوات طويلة ، وظل يمارس عمله الديني البحت من دون التطرق يوماً ما الى السياسة إلا ما ندر وكم حاولوا اغتياله إلا ان الله كان يقف الى جانبه فينجوه ، وعاش حياته على الكفاف والبساطة فهو الزاهد العالم الذي لا يمتلك غير بيته القديم بجوار جده امير المؤمنين علي ( ع ) وبساطه القديم ومصحفه العتيق ومازال على ما هو عليه حتى اليوم فلم يجلس بقصر ولا يركب السيارة الفارهة ولا يأكل لباب البر بصدور الدجاج ولا يشرب الماء الصافي برقيق الزجاج ولا يلبس الدمقس من ديباج الحرير ، وهكذا هو رجل الدين التقي النقي الذي يتطلع الى لقاء ربه في اي وقت قريب .

وبعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 بواسطة قوات التحالف الامريكية دخلت الاحزاب الاسلامية وغيرها الانتخابات في ظل ظروف قوامها الارهاب والقتل والتدمير والصراع المستمر على السلطة ، وحين اصبحت الشعائر الدينية تقام بحرية مطلقة وبخاصة ذكرى عاشورا المؤلمة

حيث ابي الاحرار الحسين ( ع ) ولمّا شاهدت هذه الاحزاب الملايين من العراقيين تسير على اقدامها في الوصول الى كربلاء لاحياء هذه الذكرى ووقوف الناس منذ عقود طويلة الى جانب مرجعهم الاعلى باستمرار لانه دائماً ما يكون الواقف الى جانب الفقراء والمظلومين في كل صغيرة وكبيرة ، حينها التفت الاحزاب الاسلامية حول ظله وقامت ترفع صوره في كل المناسبات في اشارة الى العراقيين وبخاصة الشيعة اننا اي الحزب الفلاني مع المرجع الاعلى ! وكذبت هذه الاحزاب كثيراً بفتوى الانتخابات التي نسبوها الى السيد علي السيستاني والتصريحات التي تطلقها تلك الاحزاب على لسانه في كل يوم وكل ساعة والتي من شأنها ان تزيد رصيدهم في الانتخابات التي حصلت في عام 2005 ونجحوا في تحشيد الملايين من الاصوات ، واليوم يعدون العدة في الاقتراب منه مع قرب كل انتخابات نيابية حتى وصل الامر لزيارة سماحته من قبل كافة الاحزاب والزعماء السياسيين في السلطة وخارجها وحتى الاحزاب الكردية قامت بزيارات مكوكية للسيستاني لتحصل على فتوى واحدة بخصوص مدينة كركوك إلا انها فشلت فشلاً ذريعاً في ذلك ! كانت مواقف السستاني جميعها واضحة في وقف القتال ضد الانسان العراقي بغض النظر عن دينه وقوميته ومذهبه ، ولعل ذروة القتال التي وصلتها مدينة النجف عام 2004 لم يوقفها سواه حين ذهب مشياً على الاقدام الى مقتدى الصدر ولجمه عن تصرفاته الرعناء التي كان يتحرك بها بين الحين والاخر لزعزعة الامن والاستقرار في عموم محافظات العراق بعد ان استورث قاعدة جماهيرة عملاقة بعد رحيل والده السيد محمد محمد صادق الصدر رحمه الله الذي رتب له نظام صدام عام 1998 محاولة اغتيال مع نجليه وذهبا ضحيتها !

ومن يقرأ تاريخ الشيعة في العراق قراءة متأنية وغير سطحية سيجد عجب العجاب فالظروف السياسية التي عصفت بالعراق منذ تسلم حزب البعث السلطة في العراق تكاد تكون في غالب مشوارها دموية وفاجعة وجعلت منهم ان يكونوا دئماً تحت صوط الجلاد ! ولعل التصرفات التي تمارسها احزاب قائمة الائتلاف العراقي الموحد وزج السيد علي السيستاني بكل صغيرة وكبيرة ومن دون علمه لهي خير دليل على استخفاف هذه الاحزاب بعقول العراقيين، فلم نسمع يوماً ان السيد السيستاني قد اصدر فتوى او ظهر على شاشات الفضائيات ليحث الناس على انتخاب قائمة معينة في الانتخابات ، وكل الاكاذيب التي تروجها هذه الاحزاب لا تمت للحقيقة بصلة ، ونسمع باستمرار تكذيب كل الفتاوي التي تنسب الى السيد السيستاني ، ولعل رفع

صوره في بوسترات اثناء اي تظاهرة او مناسبة دينية تقيمها الاحزاب الشيعية من دون معرفته ، لقد وضعوا الرجل التقي بمواضيع وامور يرفضها جملة وتفصيلا ، وزجوا باسمه في اشياء لا يمكن وصفها إلا بالدنيئة والخسيسة في محاولة لكسب المزيد من الاصوات في الانتخابات ، وما ان صرح السيد السستاني باتخاذ القائمة المفتوحة في الانتخابات حتى انبرت جميع الاحزاب الشيعية بدون استثناء الى اعتماد ما قاله المرجع بخصوص القوائم المفتوحة والمغلقة ليبرهنوا للناس انهم مع المرجع السستاني في اي شيء يقوله ، وطبعاً في اجتماعاتهم يفضلون القائمة المغلقة التي ستغطي على عوراتهم الكثيرة في سرقة البلاد وثراوتها وسرقاتهم المستمرة للمصارف الحكومية واشياء كثيرة يقف شعر الرأس لها تعجباً .

لم يصرح السيد السستاني ولم يحشر نفسه في اية موضوعة او فتوة نسبت اليه بالشأن السياسي العراقي خاصة وان في الغالب تظهر هذه الفتاوى والتصريحات المنسوبة له من قبل جماعة المجلس الاعلى ، والرجل لا علم له بها ، فالسيد السيستاني ومن خلال زيارات الاحزاب له والكتل السياسية وحين استشارته بموضوع مختلف عليه يبدي وجهة نظره التي دائماً نجدها واقفة الى جانب العراق ارضاً وشعباً وفي امور كثيرة تحَور وتغيّر وجهات نظره من قبل هذه الاحزاب الاسلامية ، وسرعان ما يكذب مكتبه ما تناقلته تلك الاحزاب وغيرها في زياراتها لسماحته وكم تعرض من وكلائه الشرفاء والنزهاء الى عمليات قتل وتفجير وتغييب على يد عصابات الاحزاب الشيعية بعد كل تكذيب لما ينسب اليه حتى وصلنا الى حال ان لا احد يظهر ليكذب الخبر والتصريح والفتوة التي تنسب اليه وبهذه المعادلة تكون الاحزاب الشيعية قد جيرت كل شيء لصالحها فهي التي تختار التوقيتات التي يطلق فيها فتاواه والتصريحات التي تنسبها الى المرجع الاعلى السيد السيستاني ، وقبل سنوات واثناء الجدل الكبير على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة صرح الشيخ جلال الدين الصغير بأن الاتفاقية الامنية المزمع عقدها مع الولايات المتحدة الامريكية والتي يدور حولها جدل واشكاليات كثيرة ما بين الكتل السياسية قال : لم يتم المصادقة عليها إلا اذا وافقت عليها المرجعية في النجف وعلى رأسها السيد علي السيستاني . وهذا شأن ليس من اختصاص المرجعية ولا من اختصاص السيد السستاني !

اتركوا الرجل وشأنه الديني الذي ورثه عن اجداده ولسوف تكشف الايام كل الاكاذيب التي نسبت اليه من قبل هذه الاحزاب التي تتفاوت بدكتاتورياتها وأوصلت العراق الى قاع الحضيض !

ولعلم الجميع ممن كتبوا الكثير من المقالات ضد المرجع الأعلى ووصفوه بمسميات شتى من دون دليل واحد سواء انهم سمعوا عن فلان بانه قال كذا او صرح بكذا موضوع ، فكل ما ينسب اليه عار من الصحة تماماً وفيه الكثير من الاجحاف بحقه .

الاحزاب الشيعية والاسلامية الاخرى تحاول تشويه صورته الدينية والعلمية بزجه بامور لا يعرف عنها فهو لا يملك غير بساطه العتيق وبيته البسيط ومصحفه الثمين ولحيته الوقورة ويجاور جدنا علي ابن ابي طالب ( ع ) ، واما الذين يتحدثون باسمه وينسبون له من غرائب الامور من اجل ارضاء شهواتهم في التمتع بالسلطة وسرقة النفط العراقي وثروات البلاد باحتمائهم الكاذب بالمرجع الأعلى الذي هو بريء من كل المؤامرات الدنيئة التي تحاك في الظلام من قبل الاحزاب الاسلامية وزعمائها اصحاب اللحى المشعوذة التي يختبأ تحتها المكر كله والحيلة بحجة الدين الاسلامي !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب