20 مايو، 2024 4:25 ص
Search
Close this search box.

السر في نجاح ايران بجمع الشيعة من حولها

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ قيام الجمهورية اﻻسﻻمية في ايران بقيادة السيد الخميني والساسة اﻻيرانيين يحثون الخُطى للحاق بركب الدول المتقدمة ووضع بلدهم بموقعها الحقيقي التي تستحقة كدولة صاحبة تاريخ امبراطوري كان يسيطر على قسم كبير من هذا العالم .. وشعب وحضارة عظيمين .
وبما إن السياسة هي فن الممكن  استطاعت ايران بسياستها الحكيمة  أن تعمل بهدوء وفق مايتاح لها  من هذا الممكن لتتحرك وتناور  في عالم تحكمه وتحركه تكتﻻت  دولية ومحاور تتحكم بها دول عظمى .. وتجعل من نفسها محوراً يجذب نحوه مﻻيين الشيعة في العالم والدوران في فلكها .
الشيعة في العالم العربي وعلى مدى مئات السنين يُعاملون من قبل السلطة الحاكمة في بلداننا العربية وبدوافع طائفية على انهم مجرد اقليات دينية يجب تهميشها وابعادها عن مركز القرار وعدم السماح لهم بممارسة حقوقهم السياسية… ولم يستشعر احداً من العرب السنة خطر هذا الخطأ الفادح وهذه اﻻجراءات التعسفية بحق مﻻيين  الشيعة العرب وتبعات ذلك على مستقبل تلك الدول وشعوبها .. اﻻمر الذي مالبث أن استغله الساسة اﻻيرانيون خير استغﻻل  واعتبروه باباً من ابواب السماء قد فتحت لهم .. وبدهاء بﻻد فارس وحكّمتهم المتراكمة منذ اﻻف السنين  أستغلوا هذا الخطأ وتمكنوا من خﻻله  للولوج  لتلك الاقطاعيات الصحراوية والوصول الى مايعتبر مستوطنات شيعية محاصرة من كثافة سكانية سنية لزرع بذور التمرد فيها على الواقع المرير الذي تعيشه لتنهض من سباتها الطويل وتنفض عن جسدها غبار الصحراء وتأخذ دورها في بناء مستقبلها بعيداً عن شعارات القومية العربية التي اثبتت انها ﻻتُسمن وﻻتغني عن جوع .
وهو أشبه بماقامت به اسرائيل من حيث المبدأ.. لكن الفرق هنا يكمن في إن اسرائيل قامت اوﻻً بتكوين مستوطنات اشبه باﻻورام السرطانية متناثرة هنا وهناك منحتها الشرعية والحماية ثم قامت تلك المستوطنات بقضم اﻻرض من حولها رويداً رويداً والتوسع على حساب المحيط اﻻكبر الى أن استفحلت وكبُرت والتهمت ما يحيط بها من اراضي ثم التحمت فيما بينها بأواصر دينية وعنصرية واجتماعية صار صعباً تفكيكها .!
والعرب وحُكامهم بقِصر عُمرهم ونَظرِهم المعهود في السياسة .. هم الذين قدموا هذه الخدمة العظيمة ﻻيران دون قصد  بتكوينهم تلك المستوطنات الشيعية واعتبارها كأورام سرطانية في جسد المجتمع العربي السني واضطهادها على اساس طائفي مذهبي بغيض … رغم إن الشيعة في جميع الدول العربية اكثر أصالتاً من حُكامهم الذين وصلوا للسلطة اما بفضل اﻻحتﻻل العثماني الذي منحهم القاباً واوصافاً كالشيخ .. والشريف .!  وهم بعيدين كل البعد عن هذه اﻻوصاف .! او اﻻحتﻻل البريطاني بعد ظهور النفط  .. الذي جعل من رعاة اﻻبل و قطاع الطرق ومن يمتهن السلب والنهب  في الصحراء امراء وسﻻطين وحتى ملوكاً .!! وطبعاً كل ذلك ليس لسواد عيونهم بل لسواد نفطهم وضمان تدفقه ووصوله ﻻمبراطوريته المترامية اﻻطراف .
وتحت حكم هؤﻻء الطارئين على السياسة والحكم  استمر اضطهاد الشيعة العرب وابعادهم عن مركز القرار والحكم وعن المؤسسة العسكرية لعلم من يحكم إن للشيعة حقوق أُغتصبت منهم  لكن عقليته الصحراوية المتحجرة وضغط المؤسسة الدينية السنية
( الطائفية ) التي استمدت قوتها من نفس السلطة تمنعه من إصﻻح هذا الخلل الكبير في بُنية المجتمع .. كما ﻻ ننسى إن خنوع الشيعة وخوفهم من حُكامهم منحهم ( اي الحكام )  دافع اضافي لﻻيغال في اضطهادهم واحتقارهم وابعادهم عن المشاركة في السلطة جاعلين منهم مواطنين من الدرجة الثانية .!!
والعجيب في اﻻمر إن العقلية السياسية العربية الحاكمة ﻻزالت  مصرة على نفس السياسات السابقة .. أي الطعن في اصل الشيعة العرب واعتبارهم فرس مجوس او صفويين او حتى يذهب بعضهم الى ابعد من ذلك ويُلصقهم اصولهم بالهنود .!! رغم إن الكثير من الدول العربية ﻻيتعدى تاريخها تاريخ ظهور النفط .!!
وهذا قد ولّد لدى الشيعة العرب شعوراً بالمظلومية من محيطه العربي السني الذي يحتقره .. يمتد في نظرهم من واقعة استشهاد اﻻمام الحسين في كربﻻء الى يومنا هذا .. يﻻحظ دائماً بأدبياتهم … اﻻمر الذي دفع بالكثير منهم للبحث عن حضن يؤيهم .. عن من ينقذهم ويٌخرجهم من هذا الواقع المرير الذي يعيشونه تحت ظل اخوتهم في الدين والوطن واللغة .
وهنا يتضح لنا سر نجاح التخطيط ومستوى التفكير والدهاء السياسي  لﻻيرانيين الذي يقابله  غباء في العقلية السياسية العربية ( السُنية ) وسطحيتها وحتى تفاهتها  .!!  بخطابها النابع سواء من عقلية صحراوية او فﻻحية المُصر دائماً على مخاطبة جمهوره بمصطلحات قريبة الى الشعر والنثر منه الى الواقع .
بدأ الساسة اﻻيرانيين البحث بهدوء عن تلك المستوطنات العربية الشيعية التي يمنكهم من خﻻلها الدخول الى عمق المنطقة العربية السنية .. وكانت لبنان وفق النظرة الجيوسياسية للساسة اﻻيرانيين خير مكان يبتدأون به مشروعهم (طويل اﻻمد )  في المنطقة مستغلين اﻻضطرابات في الساحة اللبنانية والخﻻف بين النظام السوري والعراقي انذاك … وانسلت وتمكنت ايران وبثﻻثون عاماً فقط  من جعل لبنان وسوريا والعراق واليمن اليوم خاضعة لها وتدور في فلكها … وكل ذلك بفضل الساسة اﻻيرانيين الذين يعملون بهدؤه ويطّرقون كل باب يمكّنهم الوصول من خﻻله الى تلك المستوطنات الشيعية المضطهدة من محيطها السني … وﻻننسى صاحب الفضل الحقيقي في تحقيق ايران لكل هذه اﻻنتصارات في هذه الفترة القصيرة  وهو ..غباء حُكامنا العرب وساستنا وشعبنا العربي من المحيط الى الخليج .!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب