23 ديسمبر، 2024 11:11 ص

السر في تقدم دول وتخلف دول‎

السر في تقدم دول وتخلف دول‎

يتوهم المرء حين يؤمن بأن العراقة والقدم والموارد الطبيعية والبشرية مقومات لوحدها لتقدم الشعوب فليس لعمر وعراقة البلد أي تأثير على تقدمه وتطوره فالهند ومصر والعراق متجذرة في عمق التأريخ ومع ذلك فإن معظم شعوب هذه البلدان فقيرة وفيهم من يعيش تحت خط الفقر ، في حين أن دول مثل كندا وأستراليا ونيوزلندا لايتعدى عمرها (200) سنة وكانت خاوية لكنها اليوم في مصاف الدول الغنية والمتطورة ، وأيضآ الإمارات العربية المتحدة ومعظم دول الخليج قبل (40) عامآ لم تكن سوى بضع قرى مترامية الأطراف في البادية ولكنهــا اليوم مـن أكثـر البلـدان فـي سرعة النمـو والتطــور . وكذلك الموارد الطبيعية لا تشكل مفصلآ أساسيآ لتقدم وتحضر البلدان فاليابان أكثر من 80% من أراضيها جبلية لاتصلح للزراعة والمرعى لكنهــا تشكل ثــاني أكبـر إقتصـاد فـي العـالـم فهـي تشبه مصنعـاً عائمـاً يستورد المـواد الخـام من كافـة دول العالـم ويصـدر لها البضائع مصنعـة وكذا الحال بالنسبة الى سـويسـرا لا تـزرع نبـات الكاكاو ولكنهــا تصنـع أفضـل أنـواع الشـوكـولاته ومـوسم الزراعة والرعـي لديهـم (4) أشهر في السنة فقط ولكنهـم يصنعـون أفضل منتجـات الألبان في العالم ومع كونها بلـد صغيـر إلا أنها تنعم بالأمـان والنظـام ممـا جعلها أفضل خزينة لأمـوال العالـم . كما وأن القدرات والطاقات البشرية لا تتأثر وتختلف بإختلاف العرق أو اللون أو الجنس أو الدين وهذا ما أكده العلماء والمـدراء والفنيـون والعاملـون في البلدان الغنية الذين يتعاملون مع نظـرائهم في الدول الفقيـرة حيث يؤكدون بأنه لاتوجد فروقات من الناحيتين العلمية والعملية بينهم وبين زملائهـم في هـذه البلـدان فإن المهاجرين من كافة الأجناس والألوان والأديان والذين يصنفون بأنهم كسالى أو غير كفوئين في بلدانهم الأصلية هـم القوة العاملة فـي الدول الغنية والمتطورة . إذاً مــاهــو الســر في تقدم وتطور دول وتخلف دول أخرى ؟ إن السر يكمن في الإنسان نفسه من خلال أخلاقياته وتصرفاته والتي يحكمهـا ويحددها سنين من الثقافات والعادات والتقاليد داخل المجتمع في هذه البلدان…عند تحليل تصرفات وأخلاقيات الناس في مجتمعات الدول المتحضرة نجـد الغالبية  العظمـى يتبعـون المبـادئ العشرة التاليـة :-حب الوطن -الصـدق ـ الأمانة ـ الثقة المتبادلة ـ التواضع ـ الإخلاص – الدقة في العمل ـ الالتزام بالقوانين والأنظمة ـ إحترام حقوق الآخرين ـ الرغبة في التفوق…. في حين مجتمعات الدول الفقيرة لا يتبع هذه المبادئ إلا أقليـة بسيطة ولا تشكل حضورآ فاعلآ داخل المجتمع … أمــا آن الأوان للتفكيـــر وتغييــر حياتنــا فــإن التغييــر يبــدأ مــن (الإنســان) نفسه وقال الباري سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز :((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]