تعتمد إدارة الدول الحديثة, على مبدأ التفكير الجمعي التخصصي؛ حيث إرتبط مفهوم التطور والرقي في إدارة هذه الدول, بهذين المفهومين معا: الأفكار المشتركة, والتخصص؛ ولا يمكن لأي دولة أن تبنى أو تتطور, أو أن تلحق بركب التمدن, دون توفر هذه الشروط, فقد ولّى زمن الإستفراد بالرأي, والإلهام الأوحد, والنبوغ الأقدس للحاكم الفلتة.
وعلى الرغم من المشاكل التقنية, والأخلاقية, والإدارية, والمعرفية, والوظيفية الكثيرة, والتي تميزت بها الإدارات المتلاحقه للملف الحكومي؛ إلا أن الفساد والإستهتار بالمال العام, قد بلغ فيها مستويات, لم يسبق أن حدثت في تأريخ حكم الدول الحديثة.
فما نقول في دولة تملك ميزانية انفجارية, ومن المفترض أنها تتعامل الآن من منطلق, روح الأنظمة الديمقراطية, والمعتمدة على التخصصات الحرفية في كل المجالات؛ نجدها تتعامل مع أهم ملف, من ملفات إدارتها, بإستخفاف وإستغباء وإستحمار, وبطريقة فجة تدل على استلاب لمفهوم الغيرة, من قلوب وعقول هذه الإدارة البائسة.
أكثر من 70 طائرة قتالية, استوردتها الحكومة العراقية من أمريكا, وعلى شكل دفعات؛ ومنذ عام 2006؛ دفع العراق مقابلها ملايين الدولارات؛ وأخيرا تم إكتشاف أنها غير صالحة للعمليات القتالية !!
أي بعد مرور أكثر من 8 سنوات (وهو عمر هذه الحكومة), إكتشف القائمون على ملف الأمن والدفاع, أن أمريكا قد ( غشتهم!!)؛ وفي رأيي أن حقيقة الأمر هي ليست كذلك؛ نعم أن الغش قد وقع, ولكنه ليس من جانب الحكومة الأمريكية, بل هو من جانب سراق العراق الجدد, القائمين على إدارة الطاقم الحكومي في العراق؛ وأقسم لكم أخوتي, أن كشف هذا الموضوع في هذه الأيام بالذات, إنما هو لخلق تصور عند المواطن, أن هناك سرقات كبيرة في عملية شراء الأسلحة!!, وقد يسأل السائل: لماذا؟
أجيبه وكلي ثقة فيما أقول: إن فشل الحكومة الحالية, وعلى مدى دورتين في إدارة كل الملفات, جعلها تنظر الى تهمة السرقة, على أنها سترها الواقي, من النظر الى كل عيوب جسدها الفاسد؛ لذا إتخذت هذه الحكومة وبإمتياز, من السرقة وإشهارها, كثوب تستر به عورات فشلها في إدارة الدولة؛ وكآلية ناجحة تجعل المواطن يتفاعل معها, بعيدا عن مقص السؤال الذي يمكن أن يستخدمه المواطن في محاسبتها : ماذا قدمتم لنا خلال 8 أعوام ؟!