23 ديسمبر، 2024 1:12 ص

السرد التعبيري العربي

السرد التعبيري العربي

بدأت فكرة السرد التعبيري من تساؤل حول فكرة الشعر في قصيدة النثر، وكيف يكون النثر شعرا؟ واقصد بالضبط كيف يكون النص شعرا؟ أي ما هي العناصر النصية المادية التي تجعل النص شعرا، أي ما هي التقنيات الكتابية التي تجعل الكتابة شعرا؟ واستغرق البحث أكثر من خمس سنوات بعدها عرفنا وعلمنا ان الشعر هو التعبيرية في الكتابة. فكونا مجموعة تجديد للسرد التعبيري سنة 2005.

التعبيرية ليست الغنائية ولا السريالية بل هي كتابة تتصف بصفتين الأولى هو تحميل او حمل الكلمات زخما شعوريا كبيرا أكبر مما تتصف به الكلمات ذاتها والثاني تقليل التواصلية والتبادلية العامة في التعبير فيكون لها تواصلية وتبادلية فردية خاصة، وفي الصفة الأولى يختلف الشعر عن الغنائية اذ الغنائية استعمال عادي لكلمات شعورية وربما يكون الكلام اقل شعورية من شعورية الكلمات اما التعبيرية فان الشعورية في التعبير أكبر بكثير مما تحمله الكلمات. وبالصفة الثانية تختلف التعبيرية عن الحكاية والقص التي تلتزم بالتبادلية والتواصلية والتوصيلية العامة.

حينما عرفنا بالضبط ما هو الشعر وانه كلام تعبيري يتصف بزخم شعوري أكبر مما تتصف به مفرداته وانه كلام تقوى فيه التواصلية الفردية وتضعف فيه التبادلية والتواصلية العامة، حينها أمكننا ان نكتب الشعر بكل أنواع الكلام واشكاله وصار من السهل جدا كتابة الشعر بالنثر، وما عاد هناك الى موسيقى شكلية من أي نوع بل نستطيع ان نجد التناغم والتالف بين النثر والشعر، واستطعنا كتابة الشعر باشد واقصى درجات النثرية الا وهو السرد.

والسؤال لماذا السرد دون غيره؟ لسببين الأول وفاء لفكرة نثرية الشعر فان السرد هو من اوضح تجليات النثر فحينما ينبثق الشعر الكامل من النثر الكامل فهذا كاشف عن عبقرية اللغة والكلام والثاني ان السرد يفتح فضاء تعبيريا أوسع من الغنائية والتشظي واللامنطقية الكلامية، فكانت اعجوبة السرد التعبيرية التي ستظل شيئا مبهرا.

ان السرد التعبيري هو تجل حقيقي لعبقرية اللغة والكلام وتجل حقيقي لمستوى عال من التعبير الادبي والفني والتعبيرية العالمية المعاصرة. السرد التعبيري هو الشعر الكامل في النثر الكامل ويمثل مرحلة ما بعد قصيدة النثر وهو نتاج عربي اصيل شكلا ومضمونا ومفهوما وغير مسبوق باي تنظير عالمي سابق عليه.

وهنا نقدم للعالم ترجمة انجليزية لقصائد من السرد التعبيري لشعراء مجموعة تجديد التي تشكلت سنة 2005 ورفدت الساحة الأدبية بمآت القصائد السردية التعبيرية وعشرات المجموعات الفردية والجماعية فيه فشكرا لهم.

من مقدمة كتاب (السرد التعبيري العربي) الذي سيصدر نهاية هذا العام باللغتين العربية و الإنجليزية.