23 ديسمبر، 2024 11:25 ص

السراب الأمريكي في العراق

السراب الأمريكي في العراق

بعد فشل السياسة الأمريكية في العراق ،بعد احتلاله وتدمير دولته وقتل شعبه،ونهب ثروته وآثاره،وتفكيك مجتمعه طائفيا وعرقيا واثنيا،وتحويله الى صورة بشعة للخراب والفساد والاحتراب الداخلي ،والصراع السياسي على السلطة والمغانم ،ودعم أسوء الأحزاب  الطائفية والشخصيات السياسية  الفاشلة والساقطة سياسيا واجتماعيا لإدارة السلطة في البلاد،والسنوات المنصرمة من حكم هؤلاء وما تشهده البلاد الآن من اقتتال وحرب أهلية طائفية(ياما حذرنا منها ومن نتائجها)،اكبر دليل على ذلك،لابد أن نعيد قراءة المشهد السياسي العربي كله في المنطقة ،وتداعيات هذا الفشل الأمريكي عليها ، ومن أولى تداعياته انهيار المنظومة العربية وانحسار التأثير العربي وضعفه وتلاشيه في المحافل الدولية وعند أصحاب القرار الدولي كمجلس الأمن  والأمم المتحدة (وكلنا يتذكر كلمة القذافي في الأمم المتحدة التي فضح فيها هشاشة القرارات وهيمنة الدول الخمس عليها )،خاصة بعد إخراج العراق من خانة التوازن الدولي والإقليمي،والذي كان مخططا له منذ سبعينيات القرن الماضي ،وما قضية الكويت إلا (الفخ الذي أوقع العراق فيه لتنفيذ هذا الهدف)،ومن تداعياته الأخرى ظهور النفوذ الإيراني العسكري كعدو (مفترض) لأمريكا في المنطقة،وإطلاق يدها التخريبية في العراق وسوريا والبحرين واليمن ،وتخويف دول الخليج العربي والعالم من برنامجها النووي العسكري، دون ان تستطيع إيقافه بالرغم  التهديدات الفارغة و العقوبات الدولية ضدها ،بل استخدمته ورقة ابتزاز وضغط عليها لتنفيذ أجندتها ومصالحها في المنطقة ،ومنها على سبيل المثال (خروجها الآمن من العراق إبان احتلاله  وإملاء الفراغ)،وتسليمها الملف العراقي،والانتقال إلى الملف السوري،هذا التخبط الأمريكي بعد وصول اوباما للحكم وفشله في كل من سوريا والعراق وأوكرانيا ،جعل من  سياسة أمريكا وسمعتها أضحوكة، وهذا  ما أكده أعضاء الكونغرس الأمريكي والمحللين الاستراتيجيين الأمريكيين قبل غيرهم، وهكذا ظهر علينا وبفضلها البعبع الايراني مكشرا عن أنيابه القذرة التي تريد تمزيق وابتلاع المنطقة ونشر التشيع ألصفوي فيها بالقوة،وما يجري في العراق على يد حكومة المالكي وميلشياتها الطائفية من تطهير طائفي وحرب أهلية طائفية في المحافظات المنتفضة الثائرة ،ضد المشروع الإيراني ألصفوي التي تنفذه الأحزاب الطائفية الحاكمة استنادا إلى فتوى مرجعية النجف ،إلا صفحة من صفحات الاحتلال الإيراني للعراق وإحكام سيطرتها عليه إلى الأبد،تحت أكذوبة (حماية المقدسات الشيعية) ،تماما كما حصل في سوريا وإرسال ميليشيات طائفية مثل لواء الفضل العباس وفيلق بدر وحزب الله اللبناني وغيره ،للقتال مع جيش بشار الأسد وشبيحته،وهذا نتاج الفشل الأمريكي وسرابه في المنطقة ،اليوم تتحكم إيران في المنطقة كلها دينيا وعسكريا واقتصاديا ،بعد فشل المحادثات النووية مع الدول الخمس وانتصار إيران في المفاوضات وإصرارها على المضي في تنفيذ برنامجها النووي  وتهديد العالم وتخويفه به، إن النفوذ الإيراني الطاغي في العراق وسورية ولبنان ،وفقدان أمريكا نفوذها العسكري والسياسي فيها ،جعل من إيران خطرا ليس على المنطقة وإنما على العالم ،وفي المقدمة من المصالح الأمريكية في المنطقة، وخاصة النفط العربي،وربما يقول قائل إن أمريكا وإيران تقاسمتا النفوذ في المنطقة ،وهذا أيضا صحيح لان التخادم السياسي بينهما فرض نفسه بعد احتلال العراق ،إذ أن إيران قبل الاحتلال كانت ضمن دول محور الشر ،وبعده صارت شريكة لأمريكا في الهيمنة والنفوذ،فمن جعل هذا النفوذ غير السياسية الفاشلة لإدارة اوباما وتخاذله إزاء الملف السوري وترك حبل إيران وحزب الله وميليشيات عراقية على الغارب السوري دون موقف واضح وصريح ،مع إيقاف الدعم العسكري للجيش الحر والفصائل المسلحة للثورة السورية ،في حين وقفت إدارته مع الميليشيات وحكومة المالكي وميليشياته ضد ثورة الشعب العراقي،بل أغدقت عليه بالسلاح والصواريخ والطائرات لقتل الشعب العراقي،وحجمت عمل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وتجريدها من سلاحها الدفاعي ضد حكام إيران ،بل وسمحت لميليشيات إيران وفيلق القدس والحرس الثوري من قتل عناصر مجاهدي خلق والهجوم على معسكر اشرف بالطائرات والصواريخ ،ونقلهم عند مرمى القتل لميلشيات البطاط وعصائب اهل الحق في معسكر (ليبرتي) وأمام أنظار وصمت ممثلي الأمم المخجل وتواطؤهم مع حكومة نوري المالكي ضدهم ،هكذا انتهت السياسة الأمريكية في العراق ،إلى سراب حقيقي ،وأوهام بالقوة الفارغة  لمواجهة النفوذ الإيراني الذي صنعته أمريكا لإيران بنفسها، وجعلته يرتد عليها وهو عبارة عن نمر من ورق وغول  مزعوم ،ويستحوذ على نفوذها في المنطقة كلها، وليس في العراق وحده،الآن السياسة الأمريكي تكاد تحتضر في العراق أمام النفوذ والاحتلال الإيراني له ،وكل ما تستطيع فعله،هو (التنسيق) معها حول إدارة السلطة في العراق،وهذا ما اعترف به رفسنجاني نفسه قبل أيام عندما قال(أن هناك تنسيقا بيننا وبين أمريكا على تشكيل حكومة عراقية موالية لنا) ،أو(نحن وأمريكا من وضع الدستور وشكل الحكومة منذ أيام الاحتلال الأولى ولولا إيران لما استطاعت أمريكا احتلال العراق )،وهكذا يثبت الواقع مدى ذيلية إدارة المجرم بوش وإدارته واوباما وإدارته لحكام طهران ،الذين ابدوا  دهاء وذكاء حادين أمام غباء الإدارات الأمريكية المتعاقبة،ليتحول السيناريو الأمريكي في إقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير إلى سراب في مهب الريح في المنطقة ،بعد أن ابتلعه الغول الإيراني في العراق…………