كثيرة هي عناوين اللقاءات الفضائية حتى أصبح العثور على الصحيح منها لغويا وأصطلاحيا أمر نادرا , والسبب في ذلك يعود للآرتجال وعدم وجود أستشارات خبرة تعطي العنوان ضوابطه , فعنوان السحور السياسي هو خطأ كخطأ أستعمال أصطلاح ألآسلام السياسي الذي شاع على ألسن ألآعلاميين وبعض المحللين السياسيين من ذوي الخبرة المحدودة في كيفية أستعمال ألآصطلاح , فمثلما نقول أسلام سياسي يلزمه وجود أسلام غير سياسي وهو باطل , كذلك القول بالسحور السياسي يلزمه وجود سحور غير سياسي , ولآن السحور مصطلح أسلامي تعينا أرتبط بفترة زمنية تسبق الفجر ألآول يقوم فيها الصائم بتناول الطعام أستعدادا لصوم اليوم القادم , وعليه فالسحور يقع فيه فعل ألآكل والشرب فهو زمان هذه ألآفعال ومعها الدعاء وقراءة القرأن والصلاة , وأذا تذكرنا قول النبي “ص” : أن أستطعت أن لا تأكل أو لاتشرب ألآ في سبيل الله فأفعل ” ولآن سبيل الله هو الخدمة المجردة للناس , وعليه فأن فترات ألآكل والشرب في المفهوم ألآسلامي يمكن أن تتحول الى عبادة , وهذه العبادة هي سياسة فن التعامل مع الناس , ومن هنا يأتي خطأ الذين يقولون أن الفكر ألآسلامي هو السبب في فساد الدين وفساد السياسة ؟ وأذا عرفنا علاقة التخادم بين النص أي نص وبين الفكر الذي يعبر عن النص , فأننا لايمكن ألغاء التعبير والفهم لآننا بذلك نلغي خصوصية الظاهرة الثقافية المعرفية وهي ظاهرة أنسانية بأمتياز يحملها العقل ويترجمها العلم والفهم والحلم ثم الحكمة وهي أطوار عملية التفكير عند ألآنسان التي قوامها التجربة والملاحظة ” قل أنما أعظكم بواحدة أن تقوموا مثنى وفرادا ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ” لكن للفهم محددات وقواعد ترتبط بطريقة فهم النص , فبعض الفكر الذي يبدو للوهلة ألآولى على أنه ديني , ألآ أننا في حالة تطبيق قواعد وشروط فهم روح النص نجد أن بعض ذلك الفكر لاينتمي لروح النص الديني سواء كان في القرأن أو في كلام رسول الله “ص” لكن أصطناع ظاهرة القداسة وأسباغها على البشر الذين يتظاهرون بعناوين الدين هو خطأ أبتليت به الشرائع السماوية ورغم تحذيرها وأستنكارها لتلك الحالة الطارئة ألآ أنها ظلت طافية على سطح ألآحداث فيأخذ الناس عنها الخطأ الذي يكرس ألآنحراف والتراجع في مسيرة التنمية البشرية حتى كانت في يومنا هذا داعش وعصابات التكفير ألآرهابي ممثلة لذلك الخطأ المستبطن خطأ في فهم النص , فأصبح النص ضحية ألآنحراف .
أن خوفنا من تكرر ظاهرة وجود المصطلحات الخطأ هو مايبرر وجود ظواهر ألآنحراف التي تصل الى حالة ألغاء وجودي نتيجة طغيان مشاعر وهيجان عواطف وشهوات تعرف المشاغبة ولا تعرف المصالحة والمصاحبة .
أن مضمون اللقاءات التي تتم بأسم السحور السياسي لاتنتمي لروح ومعنى السحور السياسي , فبعضهم لايؤمن بالقرأن كالذي ينكر بلاغة القرأن وينكر سورة الفيل بدعوى أن الفيل لايمكنه السير في الرمال ؟ وهو رأي يحتاج صاحبه أن يتعلم جيدا قبل أن يتصدى لآعطاء ألآراء , وأن أبى فالمصحات العقلية مكانه المنااسب , ومنهم من حضر لقاء السحور السياسي وهو غير قادر على أجابة أي من ألآسئلة التي وجهت اليه مما أضطر مقدم البرنامج أن يعتذر من المشاهدين على تلك ألآستضافة ؟ وفي الواقع أن حالات من هذا المستوى هي نعي حقيقي لمثل هذه البرامج المتسرعة غير المدروسة والتي أصبحت حصادا للمجاملات وتصيدا بالماء العكر وتشدقا بالكلمات على طريقة قول الشاعر :-
وقصيدة قد قلتها .. ليقال من ذا قالها
تأتي الملوك غريبة .. ليقال من ذا قالها ؟
أن خواء اللقاءات الفضائية في العراق هي ظاهرة تعبر عن خواء أحزاب السلطة ومن يدور في فلكهم من حواشي ومحاسيب , وهي بالتالي لاتبتعد عن فساد منظومة القيم التي أصبح ضحاياها كسمك السليمون يهاجر ليموت , والمشتغلون بحراك يظنونه سياسيا أو أعلاميا أو أمنيا أو أقتصاديا أو ثقافيا , أنما يشكلون طابورا يرقص على أيقاع لعبة بأنفعال كخشابة البصرة والخليج الذين لايهمهم من يرقص بمقدار ما يهمهم النقر على النوتة التي أصبحت جزءا من وجودهم العدمي منذ أن نشأت علاقة التأثر بين أبليس وقابيل كوجود معارض لخط ألآستقامة , وتلك معضلة ألآختبار التي يشيب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويكدح فيها المؤمن حتى يلقى ربه.