مع كل كارثة يكون التبرير الأول هو الاهمال والتقصير ، ويكون تبرير الاهمال والتقصير هو شحة التخصيصات المالية وتبرير ذلك هو سرقة ميزانية الدولة ويقودنا ذلك الى وجود سراق للمال العام وتبرير ذلك بالطبع هو وجود فساد كبير يتغلغل في مفاصل الدولة ، ويتم تبرير ذلك بوجود احزاب وجهات متنفذة تتحكم في اموال الدولة ومقدراتها وقد تتعمد افتعال الكوارث لأسباب سياسية ..وهكذا نظل ندور في حلقة مفرغة تبدأ وتنتهي بالكوارث فالموت بالحرائق وسواها كارثة وتزايد عدد الوفيات بين المصابين بفايروس كورونا مقارنة بالدول الأخرى كارثة وتضرر القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية والثروة الحيوانية كارثة وتخرج اعداد هائلة من الطلبة بمعدلات لاتتناسب مع عدد الكليات الحكومية كارثة واستشراء البطالة بين الخريجين كارثة ايضا وانتشار ظواهر مثل تعاطي المخدرات والانتحار كارثة وتزايد حوادث القتل والجرائم كارثة والفساد الحكومي هو كارثة أكبر ..لكن مايقود الى كل ذلك بالتأكيد هو التساهل مع الفاسدين والمجرمين والاحزاب وغياب العقاب وسلطة القانون الحقيقية ..اذن فالتساهل والتجاهل هما سبب الكوارث ..
في الآونة الأخيرة ، لم تعد نشرات الاخبار تخلو يوميا من كوارث أخرى جعلت الأمن هشا في المحافظات الجنوبية خصوصا وذهب ضحيتها العديد من الابرياء من منتسبي القوات الأمنية وابناء العشائر ايضا..انها تلك النزاعات العشائرية التي تثبت بما لايقبل الشك عجزالدولة عن السيطرة على انتشار السلاح بين العشائر وتزايد سلطتها وتحكمها في مناطقها ..عدا كارثة اعلان بعض الخبراء الاقتصاديين عن اقتراب خطر المجاعة من العراق بسبب تدهور الأمن الغذائي وصعوبة توفير الاحتياجات الاساسية للعراقيين في المرحلة القريبة المقبلة ..
الكارثة الاكثر ايلاما وسخرية هي قيام مدير عام لاحدى الدوائر الحكومية بسرقة رواتب موظفي العقود قبل عطلة العيد وعند انتقاله من الدائرة وبقاء الموظفين حتى هذا اليوم من دون رواتب على الرغم من اقتراب الشهر من نهايته والتزام اغلبهم بدفع مبالغ ايجار منازلهم عدا الاقساط والسلف والديون التي تثقل كواهلهم فهل غابت الضمائر الى هذا الحد لتصبح رواتب المعوزين فرصة ذهبية للربح بالنسبة للمدير قبل مغادرته الدائرة التي لابد وانها شهدت عدة صولات مربحة له من قبل ..
بهذه الطريقة ، تتناسل الكوارث يوميا وتتفاقم في بلدنا اكثر من غيره بسبب التساهل والتجاهل وضعف ادارتها حكوميا لأن ادارة الكوارث والازمات هي فن ونهج تنتهجه الحكومات بالاعتماد على أسس صحيحة وخطط متينة ، فهل سيكون لدينا الوقت والقدرة وحتى ( المزاج) لمواجهة كل تلك الكوارث في الوقت الذي ننتظر فيه ولادة الحكومة الجديدة بصبر بلغ حد اللامبالاة ، لأن كثرة الانتظار بلاطائل ولافائدة تجعلنا لانبالي بمن تسلق مقاعد السلطة ومن بلغ خط النهاية في السباق الحكومي الطويل ..الطويل