23 ديسمبر، 2024 3:08 م

السباق الرئاسي والقادم في فرنسا

السباق الرئاسي والقادم في فرنسا

كان الخوف من ان  العمليات الارهابية سوف تؤثر على نتائج الانتخابات في فرنسا وطغيان العاطفة على قرار التصويت وليس العقل ، وان تؤدي الصور التي شاهدها الناس على شاشات التلفزيون الى نشوء خوف عند الناخب الفرنسي وان يكون اقتراعه نابعاً من هذا الخوف ومدى تاثيره على نتائج الانتخابات الرئاسية.

بالطبع للعملية الارهابية التي نفذت مساء الخميس الماضي  كانت لها تأثير مهم اولاً على جو الانتخابات. وقد اعلن رئيس الوزراء الفرنسي برنار كازنوف  قبل ليلة الانتخابات من  ان السلطات الفرنسية حشدت عدداً كبيراً من رجال الامن (نحو ستين الف عنصر) لتامين سلامة مجرى العملية الانتخابية والناخبين الذين قد يتخذ عدد منهم قررا بالامتناع عن التصويت خوفاً من العمليات الارهابية، مع العلم ان نسبة عدد المترددين وعدد الذين قرروا عدم الاقتراع قبل العملية الارهابية كان مرتفعاً نحو 35 في المئة من الناخبين لعدم اقتناعهم بالمرشحين رغم عددهم الوفير (11 مرشحا) بعد ان اصابتهم خيبة امل من السياسيين وبرامجهم رغم  عدم الاقتراع يشكل ضربة للديموقراطية.

فالمهم السلطات الفرنسية كان همها ان لا يؤثر الوضع الامني على تقليل المشاركة  بل زيادة نسبة عدد المشاركين في التصويت وتؤدي العملية الارهابية الى زيادة عدد نسبة مؤيديه. فبعد ان كانت معركته مشوبة باتهامات وهمية فإن المعركة اخذت بعد العملية الارهابية منحى اخر.

وتشد المساعي ان تؤدي المعركة الرئاسية الى معركة حول كيفية القضاء على الارهاب مع العلم ان فيون رئيس الوزاراء  في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قلص عدد رجال الامن وتم اعادة تنظيم المخابرات الفرنسية وهذا ما ينتقده البعض من الخبراء لان العملية اعطت نتائج سلبية دون حساب المستقبل .المهم الانتخابات جرت ولم يستطع اي من المرشحين ان ينال الاكثرية للوصول الى الاليزة في الجولة الاولى . ولكن مرشح الوسط إيمانويل ماكرون خطى خطوة كبيرة نحو رئاسة فرنسا يوم الأحد بفوزه في الجولة الأولى من الانتخابات وتأهله للجولة الثانية المقررة في السابع من مايو أيار في مواجهة زعيمة اليمين المتطرف مارين  وبوبان، وعلى الرغم من أن ماكرون (39 عاما) حديث عهد نسبيا على الساحة السياسية ولم يتقلد مطلقا منصبا في الدولة واحدث مفاجة قل ماكان متوقعاً وفاز عن طريق الانتخابات توقعت استطلاعات الرأي فوزه في الجولة الثانية بسهولة أمام لوبان (48عاما).وتمثل نتيجة انتخابات يوم الأحد هزيمة ثقيلة ليمين الوسط وليسار الوسط اللذين سيطرا على الساحة السياسية الفرنسية لنحو 60 عاما كما أن النتيجة تقلل من احتمال حدوث صدمة على نطاق ما حدث بعد تصويت بريطانيا في يونيو حزيران الماضي على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وفي خطاب النصر قال ماكرون لأنصاره “غيرنا في سنة واحدة وجه السياسة الفرنسية”. ومضى يقول إنه سيأتي بوجوه جديدة لتغيير النظام السياسي القديم إذا اختاره الناخبون.

وفي إقرار بالهزيمة حتى قبل صدور الأرقام حث المرشحان المحافظ والاشتراكي أنصارهما على حشد طاقاتهم لدعم ماكرون والتصدي في الجولة الثانية لأي فرصة لفوز لوبان التي يقولان إن سياساتها المناهضة للهجرة ولأوروبا تمثل كارثة على فرنسا.وأظهر استطلاع أجراه مركز هاريس لاستطلاعات الرأي أن ماكرون سيفوز في الجولة الثانية بنسبة 64 بالمئة وأعطى استطلاع

أبسوس/سوبرا ستيرا توقعات مماثلة.ومع تنفس المستثمرين الصعداء بعد ما اعتبره السوق أفضل نتيجة ممكنة صعد اليورو نحو اثنين بالمئة إلى 1.09395 دولار عند فتح

الأسواق في آسيا قبل أن يتراجع مرة أخرى إلى 1.0886 دولار. وكان هذا أعلى مستوى لليورو منذ 10 نوفمبر تشرين الثاني بعد يوم من نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية.وفي سباق متقارب بدرجة تعذر معها حتى اللحظة الأخيرة التكهن بنتيجته قالت وزارة الداخلية الفرنسية اليوم الاثنين بعد فرز 96 بالمئة من الأصوات إن ماكرون، وهو وزير اقتصاد ومصرفي سابق مؤيد للاتحاد الأوروبي وأسس حزبه قبل عام واحد فقط، حصل على 23.9 بالمئة

من الأصوات مقابل 21.4 بالمئة لصالح لوبان.وأظهرت الأرقام أن المرشح المحافظ فرانسوا فيون حصل على 19.96 بالمئة من الأصوات في حين حصل المرشح اليساري جان لوك ميلينشون على 19.49 بالمئة. وبعد لحظات من إعلان التوقعات الأولى احتشد أنصار ماكرون عند مركز باريس للمؤتمرات ورددوا النشيد الوطني. وكان كثيرون دون سن 25 عاما مما يعكس جانبا من التأييد لرجل يهدف إلى أن يصبح أصغر رئيس لفرنسا منذ عهد نابليون.* “رئيس الوطنيين”قال ماكرون لأنصاره وهو يضع نصب عينيه سياسات لوبان “أريد أن أكون رئيسا للوطنيين ضد تهديد القوميين”. وإذا فاز ماكرون فإن أكبر التحديات التي سيواجهها ستكون عندما يحاول تأمين أغلبية برلمانية لحزبه الشاب في يونيو حزيران ثم عندما يسعى لحشد الدعم الشعبي لإصلاحات عمالية من المؤكد أنها ستلاقي مقاومة.وفي مواجهة المعركة المقبلة أعلن ماكرون أنه سيسعى إلى كسر نظام “غير قادر على الاستجابة لمشكلات بلادنا منذ أكثر من 30 عاما”.وقال ماكرون “من اليوم أريد أن أصنع أغلبية لحكومة ولتحول جديد. سيتألف من وجوه جديدة وموهبة جديدة يمكن لكل رجل وامرأة أن يجد لنفسه مكانا فيها.”وتسير لوبان ، التي تحاول أن تصنع التاريخ كأول امرأة تتولى خطى والدها الذي أسس الجبهة الوطنية ووصل إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002.ومني جان ماري لوبان بالهزيمة في نهاية المطاف عندما احتشد الناخبون من اليمين واليسار حول المرشح المحافظ جاك شيراك من أجل استبعاد حزب اعتبروا أفكاره اليمينية المتطرفة المناهضة للمهاجرين غير ملائمة.وبذلت ابنته جهودا مضنية لتخفيف صورة الحزب ولاقت تأييدا واسعا وسط الناخبين الشباب من خلال تنصيبها لنفسها كمناهضة للمؤسسة ومدافعة عن العمال الفرنسيين والمصالح الفرنسية في مواجهة الشركات العالمية.وفي أول كلمة مع إعلان النتائج قالت لوبان “الشيء الأساسي على المحك في هذه الانتخابات هو العولمة المتوحشة التي تهدد حضارتنا” وحثت الناخبين الفرنسيين على التخلص من قيود “النخبة المتغطرسة”. وراحت تشن هجوما على سياسات ماكرون الذي وصفته مرة أخرى “بملك المال” في انتقاد يحط من قدر خلفية المصرفي السابق. وقالت لوبان إن سياساته الداعية للتحرر من القيود ستؤدي إلى منافسة دولية غير عادلة ضد المصالح التجارية الفرنسية وإلى هجرة جماعية وحرية حركة “الإرهابيين”. ومع ذلك دعا عدد من المرشحين المهزومين أنصارهم إلى وقفها ويبدو أن لوبان ستلقى نفس مصير والدها عندما تواجه ماكرون بعد نحو أسبوعين.وحث المرشح الاشتراكي المهزوم بنوا هامون ورئيس الوزراء الاشتراكي برنار كازنوف والمرشح المهزوم فرانسوا فيون الناخبين على الاحتشاد وراء ماكرون في الجولة الثانية.وفي برلين أشاد متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بنجاح ماكرون وقال في تغريدة على تويتر “جيد أن إيمانويل ماكرون نجح بسياسته المؤيدة لاتحاد أوروبي قوي… أتمنى له التوفيق في الأسبوعين المقبلين”.وقال متحدث باسم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إنه عبر عن تمنياته الطيبة للجولة الثانية . المهم ان العالم ينتظر ما سوف تؤول اليه الانتخابات في مرحلتها الثانية ومن سيكون الرئيس القادم للدولة الفرنسية .