18 ديسمبر، 2024 10:57 م

 الساعة الانتخابية .. ومسؤولية التغيير !!

 الساعة الانتخابية .. ومسؤولية التغيير !!

في خضم الحراك الحزبي استعدادا لمرحلة ما بعد داعش والتهيؤ للانتخابات المقبلة، هناك من يدعو المواطن ان يكون فعالا في التغيير المنشود نحو الدولة المدنية .. وكأنهم يطالبون المواطن ((الحافي)) ب((نعال التغيير)) المطلوب، والسؤال المطروح :هل التغيير المنشود نحو الدولة المدنية مسؤولية المواطن الفعال ام مسؤولية أهل الحل والعقد في المجتمع ؟
سؤال يطرح بقوة مع متطلبات الخروج من عنق زجاجة الفشل الذريع المعترف به من اهل الحل والعقد في الأحزاب المتصدية للسلطة وما طرح في ملتقى حوار بغداد واضح وصريح ومباشر عن انمذجة الفشل في بناء دولة مدنية عصرية، تبقى المشكلة في من يطرح شعار (المواطن الفعال) حلا للفشل لاسيما من يصفون بالمثقفين الأكثر قدرة على الظهور في وسائل الاعلام ، لان مثل هذا الرأي يخالف الواقع في أكثر من نقطة ،كونه يصدر ممن تعترف قادته بفشلهم ، والمخالفة الثانية ان هؤلاء الذين عادوا للعراق ومن ثم غادروه بعد ان انتهى إلى ما انتهى إليه من خراب ودمار عليهم ان يبحثوا عن حل التغيير المنشود ليس عند (المواطن الفعال) وان كانت مطالبته بالتغيير ضرورة عندما ترسى أركان الدولة المدنية، اما اليوم فليس هناك مثل هذه الدولة الفاضلة للمواطن الفعال والتغيير سيكون حتما بدماء الجياع الفقراء وسفك هذه الدماء مسؤولية شرعية وإنسانية سيحاسب التاريخ قادة الأحزاب اليوم وهم يتهمون المواطن الفعال بمهمة التغيير فيما ينفون عن قادة احزابهم هذه المسؤولية.
المخالفة الثالثة سبق وأن تم تداولها بعد السقوط بأن تجار السياسة القادمون مع ضباب الغرب، ليس لهم حق ادعاء أفضلية المهاجرين على أهل الداخل الذين عاشوا ويلات الحروب والحصار واليوم من جديد يأتي من تنعم بثروات المواطن الفعال وغادره بخزينة خاوية يطالبه يحمل صخرة سيزيف فيما يقف أعلى التل متنعما وثرواته
الحل عند المواطن كاتب هذه السطور ان يعيد الشريط الزمني نفسه للتوقف عند عام 2003واعتراف قادة الأحزاب بأخطائهم أمام محكمة ينهض بها (المواطن الفعال) لاستعادة حقوقه السيادية واستحصال أمواله من سراق الشعب واذا يرونه بعيدا نراه قريبا حتى وان سكنوا عاصمة الضباب.
ودون ذلك ، نبقى نستمع الى بيانات سياسية تجدد رؤية هذا الطرف او ذاك لمشروع سياسي “جامع ومطمئن” للجميع، وهذا ما قاله التحالف الوطني، في بيانه بان قادته “جددوا رؤيتهم لمصاحبة التقدم الأمني بمشروع سياسي جامع ومطمئن للجميع”، واشار البيان الى ان “المجتمعين شددوا على وحدة التحالف الوطني باعتباره الشريك الأكبر والذي يكون استقراره عامل استقرار لباقي الكتل السياسية وعموم الواقع السياسي في العراق”.
في مقابل تتسارع الساعة الانتخابية حين ابدى رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، استغرابه من تخوف البعض من مرحلة ما بعد داعش، وأكد أن الانتصارات على داعش تحققت بـ”وحدة العراقيين وصمودهم والتضحيات الكبيرة
لأبنائه”، فيما طرح رؤيته لمستقبل البلاد بسبع نقاط تضمن تكريس روح المواطنة في ظل حوار جدي ومصالحة مجتمعية نطوي بهما صفحة الارهاب وما خلفه من دمار وتهجير وجرائم ضد الإنسانية وإلغاء المحاصصة وسيادة القانون بعد ان يتم حصر السلاح بيد الدولة والغاء المظاهر المسلحة بشكل نهائي.
وفي المقارنة ما بين شعار ” التغيير من خلال مشاركة المواطن الفعال ” وبين المنهج المتسارع لاستثمار النصر العسكري على داعش انتخابيا، يعلل التسريبات الأخيرة عن عدم مطالبة السيد نوري المالكي بالعودة الى الولاية الثالثة لرئاسة الوزراء، فيما تتواصل مهماته في قيادة دولة القانون وهناك أحاديث عن تكوين 3 قوائم انتخابية جديدة.
وما بين هذا وذاك ، يبقى المواطن ، سواء اكان عاطفيا يضع صوته في صندوق الانتخابات بسبب عدم دراية ومعرفة بأسرار اللعبة البرلمانية بين أحزاب تعترف بفشلها، وبين ذلك المواطن الفعال الذي يتظاهر مطالبا بالتغيير لان نظام الحكم البرلماني المعتمد في الدستور العراقي من النماذج المفتوحة التي تمنح مجلس النواب كل السلطات ولا سلطان عليه الا سلطان صندوق الانتخابات، وهي لعبة جعلت من هذا المواطن رهينة في سجن الديمقراطية الجديد يبحث عن حقوقه الأساسية في المأكل والملبس والسكن، والمعيشة الامنة وهي من حقوق الانسان الأساسية في العهد الدولي لحقوق الانسان الذي اعترف الدستور العراقي به ، ويحتاج الى جهد قانوني شعبي بعرض نتائج الفشل السياسي لأحزاب السلطة امام الادعاء العام ومحاسبتهم في محكمة شعبية لا مناص عنها عن نتائج سنوات عجاف ضاع فيها الأمان الاجتماعي، وهدرت فيها مليارات الدولارات وهي مهمة لا تقوم فقط بالمظاهرات وان كانت ضرورية ولازمة بل تحتاج الى فهم قانوني شعبي لأحكام الدستور وحقوق المواطن فيه لكي يصح اطلاق وصف المواطن الفعال عليه والكلام عن دوره في التغيير المنشود .