انسحاب ممثلي السنة والاكراد من جلسة مجلس النواب قبل ثلاثة أيام لم يكن حدثا عاديا لعدة اسباب منها: تعمق الخلافات بين ساسة المكونات الثلاث مع قرب الانتخابات اولا؛. التغيرات الجيوسياسية في المنطقة التي القت بظلالها على بوصلة بعض المواقف والقرارات ثانيا؛. والتدخلات الخارجية التي لا تريد بالعراق خيرا ثالثا؛.
لكن السؤال لماذا قانون الحشد الشعبي؟ ولماذا يختلف ساسة المكونات وقوى البرلمان بقوة على هذا القانون لا غيره؟.
اسئلة يصعب الاجابة عليها لاسباب مهمة منها: ان الحشد مؤسسة امنية جاءت بفتوى المرجعية المباركة اولا؛. ولها قانون خاص بها مشرع من البرلمان نفسه ومنذ عام 2016 ثانيا؛. ولها مواقف بطولية وتضحيات يعرفها القاصي والداني ثالثا. فلماذا الاختلاف حولها اذن. ولماذا لا يقر لافرادها قانون الرواتب والتقاعد؟ ولماذا لا يتفق على قانون خاص بها يؤطر عملها بشكل اوسع خدمة للبلاد والمصلحة الوطنية؟.
على ما يبدو ان السنة والاكراد على خلاف في هذا الموضوع ، خوفا من هيمنة المكون الشيعي على قرار هذه المؤسسة الامنية المهمة؛ مثلما يتصورون؛. رغم انها تضم في ثنياها الحشد العشائري السني وبعض اكراد كركوك ومسيحي نينوى.
ان الحلول السياسية لا تأتي بالانسحابات او الاخلال بالنصاب داخل الجلسات ، ولا بالصفقات والسلات القانونية التي تخدم كل مكون على حدة ، بل تأتي بالحوار الجاد والقرار السياسي الجريء الذي يغلب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والمكوناتية والفئوية.
اننا اليوم على اعتاب انتخابات برلمانية جديدة ستحدد صورة المشهد السياسي في العراق لاربع سنوات قادمة ، لذلك ينبغي على المتصدين في البرلمان تأجيل القضايا الخلافية الى البرلمان الجديد وابعاد مؤسسة الحشد الشعبي عن المتاجرة الانتخابية او المزايدات السياسية ، لانها مؤسسة وجدت في ظروف كان العراق بأمس الحاجة لها ، واثبتت جدارتها وقدرتها على تحمل المسؤولية الوطنية وتقديم كل التضحيات في سبيل تحقيق اسمى الاهداف ، وهي حفظ وحدة وسلامة العراق وامن ابنائه… لذا ابعدوها عن السياسة والتدخلات ، لانكم ايها الساسة راحلون وهي مؤسسة باقية.