9 أبريل، 2024 8:15 ص
Search
Close this search box.

السادسة/ حقيبة سفر

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان صباح مكفهر تجمعت في افق السماء غيوم سوداء حالكة وعصفت رياح حادة بينما الرعود القاصفة تزأر في الافاق…هكذا رأيت السماء في ذلك اليوم الذي سجلته ذاكرتي بالدم وليس بالصور.
خرجت من غرفتي في الساعة السابعة ولم اذق للنوم طعما خلال تلك الساعات الطوال كانت كأنها الدهر..
اول مشاهداتي خارج الغرفة جدتي متكأه على باب غرفة عمي بهيج تنهنه عبراتها وتدر دموعا ساخنة تمسحها بيديها بين آن وآخر لتظهر جلدها وشدتها لكن احمرار العينين يفضح معاناتها.
صباح الخير
انطلق صوتي مرتجفا متقطعا بينما سقطت من العيون دموع
صباح النور
اجابتني وكأنها في عالم آخر…
آه جدتي تخلت عن مكانها وخطت خطوات باتجاه السلم حين نظرت قامتها عجبت اذ بدت لي منحنية وهي تسير بتثاقل كمن يزحف على شوك .
لم تكلمني بشيء كسا بق عهدها وانثالت في ذهني كلماتها اليومية لي
-عبد الله اذهب الى امك لتعد لنا الفطور.
-عبد الله ايقظ الأولاد والبنات لم يتبق وقت للمدرسة.
– رتب غرفتك و فراشك فلا يجب ان تتركها بهذا الشكل.
وحين اقول ان امي سترتبها فلا وقت لديَّ تجيب ( عليك ان تؤدي عملك بنفسك) وتضيف قائلة :-
ان امك تشتغل طوال النهار فعليك ان تتحمل مسؤوليتك.
وحين اكمل ترتيب غرفتي ترسلني الى هنا وهناك ولا تنتهي من اشغالي الا عند سماع منبه سيارة الخط فتودعني بابتسامة حنون وكأنها تطلب الصفح لكثرة الطلبات التي وجهتها اليَّ.
الان مضت دون ان تتحدث ومضيت خلفها ولفت انتباهي خلو مقاعد الطعام من ابي وعمي جمال وكان جدي يقتعد مقعده يتشاغل بتنظيم مائدة الفطور وموجها كلماته الينا بينما كان يبدو متوجسا متلهفا لأمر بدى لي ان الجميع على علم بما حدث بالأمس ولكنهم يتظاهرون بغير ذلك للحفاظ على كتمان الاسرار .
اين عمتي سمية واين نور ملاك وتحرك نحو غرفتهما قائلا سأوقظهما لماذا لم يستيقظا حتى الآن…
بهذا التصرف كسر طوق التجاهل اخي الصغير (نصر) فاشرأبت نحوه الاعناق وصدرت عن بعض النساء آهة حاولن كتمانها ووجدت جدي واقفا ميما شطر الباب ليخفي ما هاج به من حزن ووجل ثم بعد هنيهة توجه الى اخي نصر وراح يربت على كتفه قائلا :-
لقد سافرت نور ملاك وامها وابوها الى اقاربهم في الشمال.
كيف …؟ لا اريد ان يذهبوا الى هناك …
توالت كلمات احتجاج اخي الصغير نصر وفي تلك اللحظات استحضرت صور اهتمامه بالصغيرة اذ يلاعبها ويحضر لها جميع العابه
استحضرت عباراته التي كان يرددها على مسامع امي بأنه حين يكبر سيرافق نور ملاك بسفرة بعيدة ويكون هو قائد الطائرة ..
استذكرت انها كانت تقول له وهل ستأخذانني معكما فيجيب كلا بل انت ستظلين مع ابي لأننا سنكمل دراستنا في الخارج مثل خال نور ملاك.

للقصة بقية ستأتي لاحقا

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب