بعد فشل المالكي طيلة ثمان سنوات ومن ثم تولي السيد العبادي المسؤولية منذ ما يزيد عن سنة وفشله أيضاً رغم تفويض الشعب والمرجعية له ، فان معطيات جديدة بدأت تظهر على الساحة ومن ابرزها التظاهرات التي عمت معظم أرجاء العراق منذ عدة أشهر والتي توجت بنزول التيار الصدري الى الشارع وهز اركان المنطقة الخضراء وكبار المسؤولين فيها من خلال التهديد بدخول هذه المنطقة عنوة .
إلا أن السيد العبادي بدأ وللاسف العمل على تسويف الإصلاحات التي تحدث عنها والتي كان آخرها الحديث عن التغيير الوزاري من حكومة المحاصصة الفاشلة الى حكومة التكنوقراط والتي هي تسمية خاطئة ، اذ لا توجد حكومة تكنوقراط بل التسمية الأصح (حكومة خبراء) .
فمخاطبة السيد العبادي يوم امس للكتل السياسية في البرلمان والقوى المؤثرة بترشيح تكنوقراط لمناصب وزارية في الحكومة الجديدة التي ينوي تشكيلها ، ومن ثم تشكيل لجنة مستقلة من الخبراء تقوم باختيار أسماء من بين المرشحين لتقديمها إلى العبادي ليختار الأفضل من بينها ، يعد التفافاً على ما وعد به من تغيير حكومي مهني مستقل ، وتسويف وتضييع للوقت كما فعل سابقاً وهو نهج المالكي الذي عمل به في عام 2011 , عندما طلب منحه فرصة لمدة 100 يوم لتحقيق الإصلاحات التي طالبت بها الجماهير في تظاهراتها والمدعومة من قبل السيد مقتدى الصدر ، ولكنها انتهت بعد ان تم تسويفها وتمييعها ووأدها في مهدها.
اعلان العبادي عن وثيقة إصلاح شاملة يوم امس وطلبه من الكتل ترشيح وزراء جدد هو أمر مثير للسخرية واستهزاء بارادة الشعب ، لأن العبادي كان قد أعلن عن اكثر من وثيقة وورقة إصلاحات ولكنها ذهبت ادراج الرياح ، اما الكتل السياسية فلن يتوقع منها سوى ترشيح أمثال من سبقهم من وزراء كانوا قد رشحوهم واستوزروا وسرقوا وأفسدوا . فالكتل السياسية تعتاش على الوزراء للإثراء ولملء خزائنها من أجل تهريبها الى البنوك في الخارج ، ولإدامة ماكنة الحملات الانتخابية مستقبلاً ، وهي لن تبني وطن ولن تخلص له مطلقاً.
اليوم على الشعب وعلى السيد مقتدى ان لا يصبحوا مرتهنين لأكاذيب وتسويفات العبادي ، صاحب الاقوال لا الأفعال ، فالوقت نفذ والعبادي يراهن عليه لتمييع القضية الكبرى التي ترنوا اليها الجماهير وتتطلع اليها من اجل الحرية والإنقاذ .
تدخل الجهات الخارجية وفي مقدمتها شخصيات سياسية إيرانية وصلت الى البلد قبل عدة ايام واجتمعت بقادة الكتل الرئيسية ، هي التي هدأت الأمور التي كانت متجهة الى التظاهر امام أبواب المنطقة الخضراء لتصبح في ساحة التحرير. وتخشى الجماهير من ان تاثيرات هذه الجهات سوف ينهي التظاهرات المليونية والمطالبات بالإصلاح وكشف الفاسدين والسراق ، كما حصل في مرات عديدة سابقة .
الكرة الآن بيد ملعب التيار الصدري ودفة القيادة بيد السيد مقتدى الصدر ومعه التيارات المدنية والليبرالية وملايين من فقراء وجياع ومظلومي الشعب ، فهل سيصلون بنا الى مرفأ الحرية وبر العدالة ، أم ستتعثر المسيرة مرة أخرى حيث لاتتحمل هذه المرة أية عثرات ؟ فنحن الآن نلعب في الوقت الضائع ويجب ان يقال للمسؤولين المسوفين ان الوقت قد نفذ : Time is over .
وكما قال السيد مقتدى في خطاب له في الاسبوع الماضي ( هذي ما تعبر علينا بعد).