كل ذي عقل ( يشتغل ) يعلم أن العراق هو موضوع الصراع الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط وهو مفتاح الصراعات والحلول وكأن مقولة الحجاج بين يوسف الثقفي شاخصة ابد الدهر ( العراق سرة الأرض ) فباستقرار العراق تستقر المنطقة والعالم وهو نافذة للخير والشر معا وهو كما قال بونابرت ( النافذة التي يخرج منها الهواء الفاسد هي نفس النافذة التي يدخل منها الهواء النقي ) ,وهذا يعتمد على أصحاب القرار والسلطة وصانعي القرار والماسكين بناصية الأمور في العراق لذلك سادتي أصحاب الفخامة والدولة والمعالي وأصحاب كل شي باعتبار أن العراق بستان لكم تتحكمون به كيفما تشاءون, أتوجه إليكم بنصيحة لم ولن ينصحكم بها احد لما لها من آثار وإشكالات تطيح بصاحبها وقد يتحطم وجود أقوى الرجال عند النصح بها وقد يصبح منبوذ اجتماعيا وقد تتم ملاحقته من كل التيارات الشغالة على الساحة سواء القومية أو الدينية وأصحابها الناطقون باسم الله . وهنا اعلم إني سأشتم باعتباري خارج عن الوطنية وعن الملة , أو سأتهم بالعمالة , ولكن العراق أهم واكبر من كل شيء
نصيحتي لكم بكل بساطة ( أقيموا علاقات مع إسرائيل ) وعلنية وعلى الملأ وبدون خوف أو وجل لان هذه العلاقات تمثل صمام أمان لإقامة حياة سياسية هادئة مع الغرب ومع أمريكا لان التجارب أثبتت أن الحليف اليهودي أقوى من جميع الحظيرة العربية من حيث توطيد علاقات إستراتيجية بناءة قائمة على المصالح المتبادلة ولاحظوا هنا أن العراق هو الذي يحتاج إسرائيل وليس العكس , وهنا يجب الإقرار بان دولة إسرائيل هي حقيقة ثابتة لا يمكن تجاوزها ويجب الابتعاد عن المهاترات والعنتريات الفارغة التي ( لاتودي ولا تجيب ) والتي لا قيمة لها فالعقلية العربية ذات التوجه القومي خاضت حروب عديدة لإلغاء الوجود الإسرائيلي ولكن الذي حدث هو العكس ففي حرب 1948 خاضت الدول العربية حرب ضد إسرائيل وكانت محصلتها أن توسعت إسرائيل على 75% من أراضي الانتداب سابقا ,وفي عام 1967 تمخضت الحرب عن استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان , ونتيجة المعاهدة السلمية مع مصر انسحبت إسرائيل من سيناء عام 1982 , كما انسحبت عام 2005 من قطاع غزة بشكل أحادي مسلمة السيطرة للسلطة الفلسطينية وضبط الحدود الموازية لمصر إلى السلطات المصرية , وهذا يثبت إن إسرائيل هي القوة الفاعلة والرئيسية في الشرق الأوسط والمنطقة , وما حدث للعراق في زمن النظام البعثي عند تجاوزه الخطوط الحمر وتهديده لإسرائيل إلا دليل على متانة وقوة دولة إسرائيل ,
لنبتعد سادتي أصحاب القرار عن نظرية المؤامرة التي حاكتها عقول العرب المريضة ونفذها سياسيو البلدان العربية , ولنبتعد عن تعليق أخطائنا بشماعة إسرائيل فالأنظمة العربية على الإطلاق فاسدة والشعوب المسكينة ترزح وتنوء بديكتاتوريات وملكيات ظالمة مقيدة للحريات والمستوى الاجتماعي في أدنى درجاته والفقر تضرب أطنابه في عموم مجتمعات الدول العربية فثورات الربيع العربي لا تحتاج إلى مؤامرة من الخارج فالشعوب ملت من ظلم الحكام فثارت
ولا علاقة لإسرائيل وغيرها بالذي يحصل في بلداننا , كما يجب عليكم سادتي أن تتخلصوا من النظرة الدينية التي أكل عليها الزمان وشرب وأصبحت من طيات الماضي البعيد والقاضية بان إسرائيل هي عدوة للإسلام فهذه النظرة لا قيمة لها لأنها من المفروض أن تتحطم على صخرة المصالح والمنافع لمجتمعكم ,كما أنها وضعت في زمن غير زمنكم , اعلم سادتي أصحاب القرار أن العراق يدور في الفلك الإيراني المعادي لإسرائيل ولكن إيران ألان محاصرة دوليا واستراتيجيا بسبب العداء لإسرائيل والغرب ولا قيمة للتحالف معها بالنسبة للعراق على المدى البعيد وهي بحاجة إلى أن يبقى العراق يدور بالقرب منها وليس بعيدا عنها باعتباره يمثل لها فناء خلفي واسع تستفيد منه أكثر مما يستفيد هو منها وهذا غير صحيح في لغة السياسة والمصالح , كما أن بإمكانكم أن تلعبوا دورا استراتيجيا لتهدئة التوتر الحاصل بين إيران من جهة والغرب وإسرائيل من جهة أخرى وهذا في مصلحة إيران بالدرجة الأولى , ما الذي يمنعكم من استيراد السلاح من إسرائيل وانتم تعلمون أن السلاح الإسرائيلي هو الأكفأ والأحسن في العالم فمن المعلوم أن أمريكا هي الشريك الاستراتيجي والرئيسي لإسرائيل وانتم سادتي تتوسلون منذ سنوات لإتمام صفقة طائرات f 16 من دون جدوى رغم دفعكم لأثمانها كما إن الدبابات الإسرائيلية نوع الميركافا هي على رأس قائمة الجودة من دبابات العالم والجيش العراقي يحتاج إلى هذا النوع من الأسلحة في محاربة وصد أشرس هجمة لأشر عدو عرفته الإنسانية متمثلا بداعش ومن ورائها , تخيلوا سادتي أن لإسرائيل مصالح في الموصل والانبار وصلاح الدين ,هل تتصورون أن داعش يستطيع أن يقترب من حدود هذه المحافظات حينئذ ؟ وما قام به التحالف الدولي في التصدي لداعش عند اقترابه من حدود إقليم كردستان إلا دليل على متانة العلاقة بين الإقليم وإسرائيل والغرب وبإمكانكم الرجوع إلى مجلة ( إسرائيل –كرد ) الشهرية والصادرة في كردستان والتي تنشر مقالات ولقاءات موثقة مع عناصر ومسؤؤلين إسرائيليين يتحدثون عن العلاقات الإسرائيلية الكردية ودعمهم المستمر للحركة الكردية .
يقول الرئيس الإسرائيلي ريفلين ( إن مهمة بناء الجسور وتدعيم الشراكة بين الجماهير العربية واليهودية بالنسبة لي هي مهمة إنسانية , يهودية , وطنية من الدرجة الأولى , وان سوق العمل هي أفضل سيسموغراف يشير إلى قدرتنا على التعايش وبناء جسر من الأمل لدولة إسرائيل ودول الشرق قاطبة ) . والأرضية شعبيا وجماهيريا في العراق جاهزة لمثل هذا النوع من العلاقات فالعراقي عندما يتحدث عن الأوضاع السيئة التي سببتها وتسببها السياسة يقول بملء فمه ( افتحوا سفارة إسرائيلية بأحلى منطقة ببغداد وكلشي ينتهي والأمور تصير زينة ) , وما صعود بعض الشخصيات السياسية إلى قبة البرلمان الحالي رغم اتهامهم بالقيام بزيارات لإسرائيل في السنوات السابقة إلا دليل على أن الجماهير باتت مقتنعة بجدوى العلاقات مع إسرائيل وإلا ما انتخبت هذه الشخصيات .
بالإمكان إقامة علاقات صناعية متينة مع إسرائيل وحل مشكلة وزارة الصناعة العويصة التي أوصلت كوادرها إلى التظاهر بشكل يومي لاستحصال أجورهم التي تعجز الحكومة عن توفيرها وعلى غرار العلاقات الصناعية الأردنية الإسرائيلية والمدعومة من أمريكا والاتحاد الأوربي بموجب اتفاقية تصدير هذا النوع من الصناعات إلى الغرب كون إسرائيل تمتلك ما نسبته 20% من قيمة المنتج . كما يمكن ترتيب العلاقات الصناعية والاقتصادية والتجارية
(التصدير والاستيراد )عن طريق طرف ثالث على غرار العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية القطرية .
المحيط الإقليمي يتصدع بشكل لافت وبالإمكان الانفلات من تداعيات هذا التصدع والخروج من العقلية الإيرانية ( الشيعية ) والعقلية السعودية والتركية العثمانية ( السنية ) في التعامل مع الخارج العراقي وإلا فأنكم سادتي أصحاب القرار والمعالي والفخامة والدولة سيغادركم التاريخ إلى غير رجعة ,( فاليهود ليسوا أعدائنا سادتي فنحن أعداء بعضنا بعض ) . [email protected]