لم يشهد العراق منذ قيام الدولة الحديثة عام 1921 ، ظروفا استثنائية وقاسية على شعبه مثل الظروف التي يمر بها حاليا ، وقد كان لمثل هذه الظروف الاثر المباشر على مخرجات سلوك افراده من منسجم وفرح بهذه الظروف كونه عاجز عن تحقيق ذاته في الطروف الطبيعية ، ومنهم من فجع بنتائج ظروف ما بعد الاحتلال بل ومتمرد عليها باسلوب او باخر او منهم من مات كمدا ومنهم من ظل عاكفا على نفسه هامشيا ومنهم من هو متاقلم للوضع الجديد ، وطرف اخر درس النتائج وظل يحاول مقاومة السلبي منها قدر تعلق الامر بالوطن ومصيره المجهول ، والكل ظل يسال . لماذا وقع العراق بفخ الاحتلال ، وحروب الطائفية والارهاب ..؟ ومن هو المسؤول عما جرى وما سيجري ، ومن هم حكام العراق الحقيقيين . ويحاول كل منا ان يجيب على كل هذه الاسئلة ، وقد تبين ان مبررات الاحتلال لم تك الا مبررات واهية كشفها تقرير جون تشلكوت البريطاني واتهم به توني بلير ،بتوريط بريطانيا بحرب ،قبل ان تستنفذ الطرق الاخرى ، وان هذه الحرب ، قد سلبت مجلس الامن قوة التاثير في الاحداث وانعا جاءت دون قرار من هذا المجلس، وان نتيجة هذه الحرب قد ولدت الحروب الطائفية في المنطقة ، لان الويلايات المتحدة ساعدت بطريقة او اخرى على توالد القاعدة لتنتج المنظمات الارهابية الاقليمية ، منها جبهة النصرة في سوريا وبوكو حرام في نيجيريا وجبهة الشباب المجاهدين في الصومال ، والقاعدة في المغرب العربي والساحل ، واخرها دولة العراق والشام ، لتقاتل في العراق وسوريا ولتعبر بقدرة قادر الى ليبيا حتى الحدود التونسية ، وستظل الويلايات المتحدة ودون منازع المسؤول الاول والاخير عن هذه الحروب ، فهي من ساعد على انتشار هذه الحروب حتى وصلت الى اليمن الفقير ، اما في العراق ، فقد عملت بعيد السقوط على تولي فئات ثلاث للسلطة فيه اولها هم اؤلئك اللذين جاءوا على سرفة دبابتها من نتاج مخابراتها ومخابرات الدول الاخرى ومن مزدوجي الجنسية اللذين تربوا على فتات موائدها وسكنوا دور بلدياتها ، ليتحولوا بين ليلة وضحاها الى راسماليين لا يبنبنوا بالراسمال المسروق من الدولة في العراق بل ليستثمروا في تلك الدول وليخزنوا المال العام المسروق في مصارفها ، والفئة الثانية التي تحكم العراق هي فئة رجال الدين واحزابها وشيوخ العشائر ودوانينها ، والكل يعلم ان رجل الدين ومن كل الطوائف هو طائفي لا هم له الا التنازع والتنابز بالالقاب والايات لخلق الفرقة بين ابناء الشعب الواحد ، وان شيخ العشيرة اضافة الى توريط الناس بهذا الاعتصام او ذلك التمرد ليهرب بعد كل هذه النتائج الى الدول المجاورة ، وان يعيد حكم الدواوين لكل القضايا الاجتماعية بعيدا عن ساحة القضاء، وليحول بدوره المجتمع من مجتمع الدولة الحديثة القائم على حكم القانون الى مجتمع الاقطاع وحكم الافراد ، اما الفئة الثالثة التي تحكم العراق فهي فئة الاميين اللذين تسللوا الى الجهاز الاداري الحكومي بفعل سلطة الاحزاب كافة ، وليتحول هذا الجهاز الى و سيلة فعالة لايقاف عملية البناء بل جر دوائر الدولة الى الوراء وتحويلها الى اقطاعيات بفعل المحاصصة ليتخندق وراءها هذا الحزب او ذاك وليبني مستقبله السياسي من اموال هذه الدوائر ولا ادل على ذلك الفضائح اليومية التي تدلل على استشراء الفساد المالي والاداري .
ان حكام العراق الجدد لم يك اي منهم من الاداريين او من الاقتصاديين او حتى من ذوي الخبرة في السياسة ، بل انهم نتاج الظروف التي خلقتها امريكا في المنطقة ، وانهم بالتالي تسببوا في كل هذه المعانات التي يعيش فيها شعب ما اطلق عليه سابقا وادي الرافدين،،