وسائل الإعلام المختلفة تتناقل خبر الزيارة التي قام بها السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى مقر قناة البغدادية الفضائية في القاهرة على هامش زيارته إلى مصر , وهذه الزيارة تحمل في طيّاتها دلالات واضحة وهي في نفس الوقت رسالة مباشرة إلى نائب رئيس الجمهورية السيد نوري المالكي , فأنصار السيد حيدر العبادي يقولون عن هذه الزيارة بأنّها خطوة شجاعة باتجاه الانفتاح على وسائل الإعلام وجزء من سياسة الإصلاح السياسي التي ينتهجها رئيس الوزراء , وأنصار السيد نوري المالكي ينظرون لهذه الزيارة بأنها طعنة مسمومة بالظهر وخيانة للمبادئ والرفقة الجهادية , وهي خطوة باتجاه الاصطفاف مع أعداء نوري المالكي من أجل تقديمه إلى المحاكمة , وبغض النظر عن التبريرات التي يقدّمها كل طرف حول أهداف هذه الزيارة والغاية المرجوّة منها , فهنالك حقائق لا يمكن الالتفاف عليها أو غض الطرف عنها :
أولا : أنّ السيد نوري المالكي لا زال حتى هذه اللحظة هو الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية الذي ينتمي إليه السيد حيدر العبادي , وهو رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون التي اصبح السيد حيدر العبادي رئيسا للوزراء كمرشح عنها .
ثانيا : إنّ قناة البغدادية الفضائية قد انتهجت خطا إعلاميا معاديا لرئيس الوزراء السابق , وتبّنت سياسة تسقيطية قبل الانتخابات التشريعية من أجل التأثير على الناخب العراقي ومنع فوز كتلة السيد نوري المالكي من الفوز بالانتخابات التشريعية .
ثالثا : إنّ قناة البغدادية الفضائية لا زالت مستمرّة بنهجها التسقيطي والمعادي للسيد المالكي من أجل التحريض على تقديمه للمحاكمة تحت ذرائع شتّى .
رابعا : إن طبيعة الزيارة وفي هذا الظرف تحديدا , قد جائت في وقت تتصاعد فيه الاتهامات للسيد نوري المالكي وبعض القيادات في حزب الدعوة الإسلامية وبعض نوّاب دولة القانون , بأنّهم يضعون العراقيل أمام حكومة السيد العبادي من أجل إفشالها وإسقاطها .
خامسا : إنّ هذه الزيارة تعطي انطباعا واضحا على عمق الخلاف بين المالكي والعبادي والتي أشار إليها السيد عزة الشابندر في لقائه الأخير مع صحيفة الشرق الأوسط .
سادسا : إن هذه الزيارة تؤكد أنّ السيد العبادي قد حسم أمره تماما باتجاه تصفية نوري المالكي وأنصاره ومن يقف معه , والانفراد بالسلطة وحزب الدعوة بعيدا عن الحقبة السابقة , وتماشيا مع السياسة الجديدة المرسومة له من قبل الولايات المتحدّة الأمريكية وحلفائهم في المنطقة وفي داخل العراق .
سابعا : إنّ هذه الزيارة هي بداية للقطيعة المتوّقعة والمؤكدة بين المالكي والعبادي والتي ستؤدي إلى انشقاق حزب الدعوة الإسلامية صاحب التأريخ الحافل بالانشقاقات .
وبغض النظر عن النتائج التي ستترتب على هذه الزيارة , فإن هذه الزيارة لن تكون في صالح السيد العبادي في صراعه مع السيد المالكي , الذي أصبح مكشوفا الآن , حتى وإن تمّكن السيد العبادي من تصفية نوري المالكي وإنهاء حياته السياسية بمساعدة الإجندات الأمريكية والصهيونية والسعودية , وإذا كان السيد العبادي يراهن على مساندة المرجعيات الدينية له والتي جائت به للسلطة , فإنّ هذه المرجعيات لا يمكن أن تسير معه باتجاه تحقيق الرغبات الأمريكية والصهيونية والسعودية , وإذا كانت مرحلة نوري المالكي سيئة لهذه الدرجة , فإنّ السيد العبادي كان واحد من أهم القيادات السياسية في حزب المالكي وائتلافه الحاكم , والقول بأنّ المالكي كان ديكتاتورا ومتفرّدا ولا يستمع لأحد , لا يعفي السيد العبادي من المسؤولية , ولو كان هذا التبرير نافعا لنفع أزلام صدّام من المسؤولية والجرائم التي اقترفها النظام الديكتاتوري السابق , مع الفارق بالاستشهاد , والحقيقة المهمة التي ربّما غائبة عن عين السيد العبادي بسبب اضواء السلطة , هي أنّ المالكي لا زال في ضمير شعبه , ولا زال ابناء شعبه ينظرون إليه باحترام بالغ بالرغم من حجم المؤامرة التي تعرّض لها والتي لا زالت مستمرّة حى هذه اللحظة .