في تصريح جرئ ناري خرجت علينا احدى النائبات بمشروع قرار يشجع العراقي على تعدد الزوجات خاصة من الارامل والمطلقات بسبب اعدادهن المتزايدة مما اثار عواصف متباينة من الردود القوية ومن كلا الجنسين , فالمتزوجات اعترضن بشدة وشعرن بالحنق والظلم وصرن يسهرن الليالي وهن قائمات الليل كله لا تفارق رؤوسهن سجادات الصلاة مبتهلات الى الله حتى الفجر بأن يقصف عمر الست النائبة وأن يروا زوجها وقد تزوج عليها مثنى وثلاث ورباع !!!.
أما الرجال المتزوجون فبالضد من المتزوجات هللوا ورحبوا واعتبروا تلك التصريحات فتح الفتوح ونصرا من الله جاء على لسان الست النائبة , وصار الجميع يدلوا بدلوه وحتى الساسة تركوا نصب المكائد والدسائس فيما بينهم وصاروا يناقشون هذا الموضوع بشراهة غريبة كونهم فرحوا بهذه المقترحات لآقرارها في البرلمان لسببين : اولهما انهم مع اي مصدر ثاني للرزق الحلال لتعزيز مصادر رزقهم خصوصا أن رواتبهم ضعيفة لا تكفي متطلبات حياتهم , وثانيهما ان نسبة لا بأس بها منهم فعلا متزوجون باكثر من واحدة في السر وجاء الوقت ليعلنوا ثورتهم ضد زوجاتهم الاوائل ووفق القانون !!. وصار الشارع كله لا هم له سوى هذا الموضوع وتطوراته ولكن غاب عن بال الكثير ممن يناقشون قرار اباحة تعدد الزوجات سواء في الشارع او في الاعلام وحتى في اروقة الحكومة والبرلمان أن الزواج الثانى او الثالث لم يعد موضوعا مغريا وجذابا للكثير من العراقيين المتزوجين وحتى العزاب , بسبب تعقيدات الحياة وصعوبة الظروف الاقتصادية وضيق الحال وصار العراقي منتهى أحلامه أن يعود الى بيته سالما معافى ومحافظا على كامل اجزاء جسمه دون نقصان وبيديه ( علاكتين مخضر) ولم يعد يأبه لتلك المواضيع الخلابة الخاصة بزوجة ثانية وثالثة .
لو سألت أي عراقي عن أولوياته في الحياة لرد عليك بسرعة : انه يحلم بالهجرة الى أوروبا وأمريكا , وبعضهم يحلم أن يصير صاحب مال ونفوذ ليشتري منصبا بفلوسه أو يكون حزبا خاصا به لدخول الانتخابات والتحالفات مع الاخرين ومن ثم الحصول على كرسي في الوزارات لتعيين اهله وعشيرته وحجز المنصب حتى وفاته !!.
صار العراقي يفكر في كيفية الوصول باقصر الطرق الى قمة السلم الوظيفي ليتمكن من التقرب والزحف الى موظفات دائرته بكافة الطرق المشبوهة واستغلال التعيينات لفرض شروطه على طالبات التعيين بكل دناءة ووقاحة ؟.
ومع ان كل ما طرحته الست النائبة سليم ودقيق ويدل على انسانية عالية الا أن الحلول تبقى ناقصة ومبتورة , وهنا تقفز جملة تساؤلات مشروعة أمامنا , فما الضمانة من أن تزويج المواطن ثانية من امراة مطلقة أو أرملة لا يحول من حدوث الطلاق من الزوجة الاولى ؟؟, فالعراقية معروف عنها شعارها الخالد ( لو أني لو هي بالبيت , واذا تريد تتزوج علية فطلقني اولا ) وبذا نجد أنفسنا ندور بحلقة مفرغة ولقد رأينا الكثير من الحالات الفاشلة لتعدد الزوجات في مجتمعاتنا.
وفي خضم وضع البلد الاقتصادي الصعب فلا شئ مضمون فحتى استمرارية رواتب الموظفين هي الاخرى تعرضت للنقاش مابين تخفيض أو تاخير أو حجب بسبب تدني اسعار النفط , فكيف يضمن المواطن أن لا تتراجع الحكومة عن التزاماتها تجاهه وهو من لبى نداءها وسارع بالزواج ثانية من مطلقة أو ارملة ؟؟.
وكيف نضمن أن لا يقوم احد المتنفذين في الحكومة وبدافع من زوجته الاولى الغيورة, أن يلغي القرارات التي سنت لتشجيع الزواج من ثانية فيضطر الزوج المسكين الى طلاق زوجته الثانية بحجة رفع الدعم الحكومي عن زواجه الثاني؟؟ .
في الحقيقة صار المواطن يعاني من أزمة ثقة مع مؤسسات الدولة , ويخاف ان تورطه بزواج ثان ثم تتركه نصف الطريق فلا هو حافظ على حياته مع الاولى التي تحس بأنها انخدعت ولا هو يتمكن من الاستمرار مع الثانية بسبب رفع الدعم الحكومي عنه , ويصير مثل ذاك الذي يبات في خان النص ؟؟.
سيدتي النائبة : لا احد من محدودي الدخل يتمكن من الزواج ثانية , بل أن أردت أن تكسري ظهر مواطن بسيط يعيش على راتبه دون أن يرتشي أو يسرق أو يختلس اموال الدولة فزوجيه مرة اخرى ؟؟ , وفقط هم أعضاء البرلمان والحكومة ومقربيهم ومستشاريهم وحماياتهم ومحظيهم هم من يستطيعون الزواج مرة ثانية وثالثة ورابعة , ولذا فهم قريبون منك وعليك اقناعهم بالزواج المتعدد وفوائده ليخففوا من معاناة شريحة المطلقات والارامل .
سيدتي النائبة …ورغم حسن نواياك واحساسك بالمسؤولية وأنا أجزم لك بذلك, لكنني أجزم لك أيضا أن لا عراقي يجرؤ مجددا من الزواج مرة اخرى فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ؟؟ , وفي ضوء الانفتاح وعصر السرعة والتقنيات , فأن العراقي يفضل أن يتهم بقانون 4 ارهاب على أن يتزوج مرة ثانية أو يجمع بين لبوتين , عفوا قصدت بين زوجتين !!!