23 ديسمبر، 2024 12:46 ص

الزهراء ومريم.. رسالة أنبياء إلى إمرأة

الزهراء ومريم.. رسالة أنبياء إلى إمرأة

لم تكن قصص القرآن الكريم، تعكس ما جرى في الماضي، بقدر ما هي رسالة ترسم لنا الحاضر، وتبين كيف يكون المستقبل، المرأة في الإسلام تختلف جذريا، عن ما يعتقده اغلب المسلمين، حقائق لم يستطع المجتمع الجاهلي أن يهضمها، فضلت عالقة في عقولهم الى يومنا هذا، وغاصت الجاهلية في نفوسهم، بعد أن كانت توئد، وتدفن تحت التراب، عند العرب في الجاهلية، فلم يستضيئو بنور الوحي والكتاب المنير.
اسندت السماء مهمة الرسالة إلى عدد من النساء، في تثبيت الدين، رغم تواجد الرجال، لعدة أسباب منها.. انها تملك خصوصية لا يمكن للرجل أن يحل بمكانها، مهما بلغ من القوة، لما تملكه من حصانة مجتمعية، حيث يعد الإعتداء على المرأة من الأفعال المعيبة في المجتمع، فضلا عن كلمتها المسموعة اذا تحدثت، وطبيعة صوتها وحدته وتردده العالي، وغيرها من مكامن القوة المفقودة عند الرجل.
نزل الوحي على اكثر من امرأة، بوجود أنبياء في ذاك الزمن، في قوله تعالى(وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) لماذا لم ينزل الوحي الى والد موسى؟! رغم وجوده في ذاك الوقت، وكانت رسالة السماء إلى ام موسى حصريا، هنا المهمة توكل الى امرأة، وكذلك أكملت هذه المهمة أخت موسى وهي امرأة ثانية توكل لها مهمة في وجود الرجال..(وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) وهكذا يرسم لنا القرآن الكريم دور المرأة العظيم في دعم رسالة الأنبياء.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا،فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) مع وجود نبي الله زكريا، لكن الدور أسند الى سيدة مريم، و اوكل لها أن تحمل رسالة نبي، ذكرت كثير من الروايات والاحاديث أن السيدة مريم كانت تلقي الموعظة على الناس، وتدعوهم لعبادة الرب الواحد، في تلك الظروف التي يملئها، الانحراف والشرك والإلحاد، هي كانت تقف في وجه اليهود، وتحاججهم وتلقي عليهم الحجة، حتى ارسل لها الوحي، ويعلل القران الكريم، إرساله روحنا، يقول :فاتخذت من دونهم حجابا.. فارسلنا …) اي كان المجتمع دون حجاب، حجاب؛ العفة والحياء والطهارة، نعم الحجاب هو ليس قطعة قماش فقط.
آسيا امرأة فرعون، تلك المرأة الصالحة، في قمة الظلم والطغيان الفرعوني، لتجعلها السماء مثالاً للمرأة الصالحة التي لا تنجرف مع المجتمع والانحلال- الذي يعده تطورا، وهو في الحقيقة هتكا لعفتها وحياءها- وتبقى تحفظ عفتها رغم كل الضغوط المجتمعية، وقال تعالى في وصفها(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) هنا أيضاً نكته، أن الله تعالى ضرب مثلاً للذين امنوا اي من النساء والرجال؛ أن يقتدوا بعمل تلك المرأة الصالحة.
الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين، أسند إليها دور عظيم، لحفظ الرسالة المحمدية الأصيلة، فهي أقل من نبي بدرجة، واعلى من الامامة بدرجة، تحملت من العذاب مالم يجري على اي امرأة في العالم، ضربت واسقط جنينها، وكسر ضلعها، لكنها ضلت صامدة محتسبة، تدافع عن دين ابيها، وتحمي بعلها، في أشد الظروف عدوانا وانتقاما، قام بها المنافقون، لقتل الرسالة ومحو النبوة، لكن السيدة العظيمة الزهراء اخذت على عاتقها أن تكمل رسالتها، وتعطي كل شيء من أجل الإسلام الإنساني، حتى وصل بها الحال إنها حرمت من البكاء، فطلبت من بعلها علي ابن ابي طالب (عليه السلام) أن يبني لها بيت للبكاء خارج تلك القرية، أطلق عليه بيت الأحزان.
ان الوحي لم ينقطع عن بيت النبوة حتى بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله ) وكثير من الرواة أكدوا نزول الوحي على بيت فاطمة، فهي افضل من ام موسى عند الله عز وجل.. فكانت ذاك الجسر والسند الذي أقام الإسلام وحفظ الدين، السلام على فاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها، ورحمة الله وبركاته.