المثقف والمنصف الحقيقي، هو من لا يساوم على مبدأ العدالة، التي ينجذب اليها المظلومون، لإحساسهم بأن الحياة على الأرض تستحق العدل والمساواة، بعيداً عن الحقد والطمع والظلم، ولذا كلما رميت شيئاً الى أعلى عاد منجذباً نحو الأسفل، بفعل قانون الجاذبية الأرضية، وقد أخذ صاحب هذه النظرية مدة من التأمل والتفكر، حتى توصل الى النتيجة النهائية فكيف بنا ونحن من أنصار السيدة الزهراء (عليها السلام)، وهي مركز الجذب والجاذبية والإنجذاب فينا والينا، وقد خلق الكون كله لأجلها ولعظمتها ولسرها المكنون، رغم حصار الإيام والحرائق، التي أوجعت القلوب، وأدمعت العيون، وأحزنت النفوس.
ولادة النور الكوثري البهي من النورين، النبي الكريم محمد وخديجة (عليهم أفضل وأزكى الصلاة وأتم السلام وعلى ألهم الأطهار)، إنها فاطمة الزهراء(عليها السلام) سيدة النساء، وملكة الجنان، وجوهرة الحنان لأبيها العظيم، وقلب الإسلام النابض وروحه الذي وهبته الحياة، عملت بكل صمت وأمسى هوية لها، وأكتفت به للتعبير عن إستيائها وغضبها على من غصبها حقها، وتكلمت أعمالها بقوة على مدى حياتها الشريفة، مثلت لوالدها الرسول الأكرم (صلوات البارئ عليهم أجمعين) الأزر والعون في الضيق والشدة ،وكانت الأمل والأمن والأمان، في مواصلة الجهاد وإتمام الرسالة السمحاء، والروح التي بين جنبه والبضعة منه.
شجرة طيبة أصلها في السماء وفرعها في الأرض، ومياه عذبة وسط الصحراء الملتهبة، ومحور للقداسة والطهر، والدفء الإنساني لا يدانيها فيه أية امرأة من الأولين والأخرين الى يوم يبعثون، ومصدر الاستقرار والطمأنينة في بيتها، ومع أبيها وبعلها وبنيها، لأنها تدرك تماما أعباء الرسالة السماوية، فهم بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، أنهم آل البيت عليهم السلام، المسؤولون عن هذا الكون وديمومته وبقائه، لأنه خلق من أجلهم ولمحبتهم، والزهراء(عليها السلام) تأريخ متجدد، وأيقونة خلود، حطمت عصور القبلية والجاهلية والتعصب، وأوقدت نوراً في الضمير عن العدالة والحق، الذي لولاها لما ولدا وأستمرا.
ميلاد الزهراء (عليها السلام) ولادة للحياة، بما تحمله هذه الكلمة من صفات الكمال والتكامل والإكتمال، لأنها إرتدت قضية أمتها، بجلباب الحكمة والصبر والشجاعة، وأحقية البيت المحمدي الطاهر، بالخلافة والإمامة والسيادة، إمتثالاً للأمر الرباني الحكيم في غدير(خم)، والذي جذب اليه القاصي والداني بمشهد الولاية المباركة، فأي موقف أروع وأجمل من مبايعة زوج البتول (عليهما السلام)، والنسوة يقدمن الى بيتها ويهنئن السيدة الزهراء بهذا العيد الأغر، فهم اهل المباهلة والرحمة والرسالة، ونحن على يقين بأن مركز الجاذبية الأرضية، هو بيت علي وفاطمة وبنيها (عليهم السلام)، الذين أذهب الخالق عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً.