11 أبريل، 2024 4:37 ص
Search
Close this search box.

الزمالات الدراسية الروسية .. ومافيات وزارة التعليم العالي العراقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

ما من أحد يتابع ملف العلاقات العراقية الروسية ، إلا وأن يتوقف عند نقطة مهمة وهي رغبة البلدين الكبيرة في تطويرها وتعزيزها والسير بها نحو الأفضل ، منذ الحرب العالمية الثانية في أربعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ، فبعد 2003 والتغيير الكبير الحاصل في أوضاع العراق سعى الطرفان الى تنمية التعاون بينهما ، وقد أنطلقت شرارة هذا التعاون بعد زيارة وفد مجلس الحكم المؤقت برئاسة عبد العزيز الحكيم نهاية عام 2003 تمثلت بمبادرة روسية بشطب ثمانين بالمئة من الديون الروسية بذمة العراق ، لتكون أول دولة مبادرة في هذا المجال رغبة منها في فتح صفحة جديدة في العلاقة مع العراق .

واليوم وحيث يواجه العراق عدوانا من نوع جديد يتمثل في عصابات داعش والدول المساندة له ، سجلت لروسيا أيضا موقفا جديدا حين طلب العراق مساندته وتزويده بالسلاح اللازم لمواجهة هذه العصابات المجرمة ، حتى بادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقف يسجل له تاريخيا في العلاقات بين موسكو وبغداد عندما أمر بتزويد العراق بكل ما يحتاجه من هذه الإسلحة حتى وإن كان من الإحتياطي الاستراتيجي التسليحي الروسي ، وهو الأمر الذي لم ولن تفعله الولايات المتحدة التي ترتبط والعراق بإتفاقية أمنية ودفاعية ( إستراتيجية ) ولم تزود العراق حتى تلك الإسلحة التي تم دفع أثمانها مقدما ، ولا حتى الدول الأخرى التي تحلب خزينة العراق جهارا نهارا .ِِ

بعد هذه المقدمة البسيطة التي حاولت أن ألخص فيها ولو بشكل مبسط العلاقة التاريخية بين موسكو وبغداد ، نأتي الى عامل مهم في هذه العلاقة ألا وهو ملف التعليم العالي والزمالات الدراسية والتعاون العلمي والثقافي بين البلدين ، الذي شهد هو الآخر تطورات دراماتيكية خصوصا هذا العام 2015 وعلى ما يبدو يقف وراء هذه التطورات الدراماتيكية أياد خفية منها ما هو ظاهر للعيان وآخرون يعملون خلف البواب الموصدة لوقف هذا التعاون وبأصرار غريب .

الزيارات الرسمية المتبادلة بين الجانبين كانت تؤكد على ضرورة أن تفتح المؤسسات العلمية والجامعات الروسية ابوابها للطلبة العراقيين وتقديم الدعم لهم في إكمال دراساتهم العليا او مشاركتهم في دورات تدريبية تسهم في تطوير الملاكات التدريسية في الجامعات الفتية العراقية والتي ولجت الى عالم التعليم العالي بعد عام 2003 ، وفي كل زيارة ومنها زيارات رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي أو زيارات وزراء الخارجية والنفط والصناعة والتعليم العالي العراقية يطالبون فيها المسئولين الروس بضرورة زيادة المقاعد الدراسية الممنوحة للعراق ضمن البرنامج الحكومي لروسيا الإتحادية ، وما كان على روسيا سوى الإستجابة لمطالب العراق فبعد أن كان عدد المنح الدراسية التي تقدم للعراق 10 منح عام 1998 ، وصلت هذا العام 2015 الى ( 300 ) منحة دراسية ، رغبة منها في مساعدة العراق ورفد مؤسساته العلمية بالكوادر العلمية والتدريسية الشابة التي ستسهم في تطوير البلاد مستقبلا .

الى هنا والأمور تجري بشكل واضح ، لكن وكما قلنا فإن هناك مساع خفية تحاول عرقلة هذا التعاون والإساءة بشكل مباشر الى روسيا ، فبعد قدوم السفير العراق الاسبق( فريق فايق نوره وي ) – كردي الاصل – للعمل الى روسيا ، شهدت هذه العلاقة تدهورا كبيرا ، بعد أن رفضت وزارة التعليم والعلوم الروسية التعامل مع إقليم كردستان بمعزل عن العراق ، والإصرار على التعامل مع السفير على أنه يمثل العراق بشكل عام ، إلا إن هذه الشخصية باتت تروج أفكاره وقناعاته التي لا تعترف اصلا بروسيا كدولة عظمى ، ويعتبر التعاون معها في اي مجال مضيعة للوقت ، ونقل هذه الإنطباعات الى ممثلي الإقليم العاملين في وزارة التعليم العالي ولكن بشكل اكثر حدة ، والذين قاموا بدورهم بترسيخ مثل هذه المفاهيم لدى العديد من ( مطاياهم ) في الوزارة ومن بينهم المستشار الثقافي في موسكو الحالي ( حيدر الدباغ ) بأنه لا فائدة من الدراسة في روسيا ، وهو أحد خريجي جامعاتها وكان مبعوثا للحكومة العراقية في إحدى الزمالات الحكومية ( قبل سقوط الصنم ) ويعتبر نفسه عبقريا في مجال إختصاصه الذي درسه في روسيا !!!! إلا أنه في واقع الامر قد يكون مكانه مناسبا بين السلك التعليمي ( واشك في ذلك أيضا ) لكنه غير مناسب في مكانه الحالي ، كونه إنسان سطحي ، جاهل ، غير كفوء في إدارة مؤسسات بهذا الحجم لأنها أكبر من قابلياته ، ولأن عمل الملحقيات الثقافية يحتاج الى دبلوماسية وكفاءة ومعرفة تامة في البلد الذي يعمل فيه وأن يمتلك دراية كاملة بالمؤسسات العلمية التي يتعامل معها ، ولكن هذه المقومات جميعها بعيدة عن السيد المستشار الثقافي الذي أتحداه إذا كان يعرف عدد الجامعات

الروسية المعترف بها ( الحكومية منها والأهلية ) ومن هي الجامعات الغير معترف بها ، وبماذا تشتهر هذه الجامعات وتخصصات الأخرى .

والغريب في الأمر أيضا والذي لا يمكن أن يتصوره العقل إن قائمة الجامعات الروسية التي تعترف بها وزارة التعليم والعلوم الروسية تصل الى 600 جامعةحكومية و ( 450 ) أهلية ، من بينها 85 جامعة حكومية وحدها في موسكو تمثل جميع الإختصاصات العلمية والطبية والهندسية والرياضية والتي لها باع تاريخ طويل وسمعة كبيرة في مستواها العلمي ، وتعد من الجامعات العالمية التي يتخرج منها عباقرة العلوم في روسيا وعديد من الرؤساء ورؤساء الحكومات في العديد من الدول ومنها جامعة غوبكن للنفط والغاز وجامعة تيميريازوف للعلوم الزراعة وجامعة بليخانوف للعلوم الإقتصادية وجامعة الصداقة بين الشعوب او ما يطلق عليها جامعة العظماء ( وهي الجامعة الروسية للتربية الرياضية ) وخريجيها هم جميع أبطال العالم في هذا الإختصاص .. وغيرها من الجامعات التي يطول الشرح عنها لما تمتلكه من إمكانيات علمية تفوق في سمعتها الجامعات البريطانية والامريكية التي يتمسك بها المسئولين في وزارة التعليم العالي العراقية ، وكذلك تفوق جميع الجامعات العراقية اذا ما تم إستثناء جامعة بغداد والمستنصرية لتاريخهما العلمي ورصانتهما ، إلا إن دائرة البعثات و( بشخطة قلم ) إنسان جاهل بروسيا ، وبموقعها الجغرافي وإن كانت تقع في أوربا أم بجوار الصومال !!! ، ومكانتها العلمية ومؤسساتها ، ولم يقم بزيارة أي مؤسسة او جامعة روسية للوقوف على مستواها ، بتدمير تاريخا عريقا من الإنجازات العلمية الروسية في جامعاتها وسمعتها العريقة لا لشيء سوى خلافات شخصية بين المسئولين في وزارة التعليم مع المستشار الثقافي الأسبق ( الذي سبق وأن قدم قائمة ب(110 ) جامعة حكومية رصينة في مختلف الإختصاصات ) ، وقام الموظف الهمام بشطب أهم الجامعات الروسية من قائمة الجامعات المعترف بها من قبل الوزارة !!! ويبقي على جامعات ليس لها وجود في قاموس الجامعات التي درس فيها الطلبة العراقيين على طوال أكثر من 50 سنة ماضية ، منها من تم دمجها مع جامعات أخرى ، والبعض الآخر تقع في سيبيريا التي لايعيش فيها من الأجانب لشدة البرد فيها وبعدها عن العاصمة بحدود 8 ساعات في الطائرة !! ، ورغم جميع المناشدات بتعديل هذه القائمة إلا إن هذا الموظف الهمام مدعوما برأي أحد وكلاء الوزارة يرفض هذه المناشدات .

أما هنا وعلى الساحة الروسية ففي الوقت الذي تسعى فيه السفارة العراقية في موسكو من خلال زيارة السفير العراقي ( الدكتور شفيق اسماعيل ) عدد من الجامعات الروسية لتنفيذ رغبة العراق في تعزيز العلاقات التعليمية مع المؤسسات العلمية الروسية ، يقوم المستشار الثقافي بخطوات مناقضة لوقف

مثل هذا التعاون من خلال تشويه سمعة الجامعات الروسية التي زارها السفير ، على الرغم من أنه لم يقم بأي زيارة الى اي جامعة او لقاء اي مسئول فيها للوقوف على مستواها العلمي رغم إن ذلك يقع في مجال أختصاصه ، ومكتفيا بالتقوقع في مكتبه والبيت ومنشغلا ( بفساده المالي والإداري وهدر أموال الدولة لأغراض شخصية ) والتي باتت وزارة التعليم العالي ومكتب المفتش العام ومدير البعثات على دراية بها ، وبالدليل القاطع دون أن يحركوا ساكن في الأمر ، كذلك ، بل أنه ومنذ تسنمه مهام منصبه في حزيران 2014 ، توقف الدائرة الثقافية عن متابعة أي إتفاقات سابقة تم التوقيع عليها بين الجامعات في كلا البلدين ، وإيقاف متابعة برامج مشتركة ومنها برنامج مكافحة التصحر الذي قطع شوطا كبيرا بين جامعة تفير الروسية وعدد من محافظات الوسط ، بل على العكس فهو من أشد المؤيدين ومساندا لموقف وكيل الوزارة الذي يكن هو الآخر العداء للمستشار الثقافي الاسبق ، ولكن السؤال من المتضرر من هذه الصراعات الشخصية ، بالطبع فإن المتضرر الاول والأخير هو العراق وموقفه الرسمي العراقي سواء في السفارة أو في زيارة المسئولين العراقيين الذي يجابهون بسؤال ( كيف تريدون منا زيادة المنح الدراسية وأنتم لا تعترفون بجامعاتنا ؟؟ ) .

وطرق سمعنا أيضا أن وزارة التعليم العراقية أوقفت هذا العام العمل بالمنح الروسية ال ( 300 ) مقعد دراسي ، والتي تعفي الطالب بموجبها من دفع أجور دراسية والسكن في الإقسام الداخلية بسعر رمزي جدا يصل الى ( 10 ) دولارات شهريا ويتقاضى راتبا يعينه على تسيير أموره المعيشية ، والتي كان من الأفضل الإستفادة منها وإن كانت الأوضاع المالية في العراق لا تسمح في منح رواتب للمستفيدين منها ، فبالامكان ترشيح طلبة يشترط عليهم عدم تحمل الدولة العراقية اي تبعات مالية ، لأن هذه المنح بمثابة هدية مقدمة للعراق من روسيا ، فهل يجوز رفض هدايا روسيا وقبول الهدايا المدفوعة الثمن مقدما من خزينة العراق الى بريطانيا وأمريكا ، ولكن على ما يبدو فأن وزارة التعليم تؤمن بمثل أترفع عن ذكره لأنها تريد ليس الهدية فقط وإنما أيضا ( جَيلَة الماش ) ، ولا ندري هل ستراجع الحكومة أولا والمسئولين في وزارة التعليم العراقية مواقفهم والوقوف على الأسباب الحقيقية ومن وراء تعطيل وتدمير هذه العلاقات مع روسيا التي تمتد الى نصف قرن وتخرج على يد أساتذتها الالاف من الطلبة العراقيين الذين يتبؤ البعض منهم مراكز مهمة في مواقعهم ، لإن في مثل هذه العلاقات لا مجال فيها للصراعات الشخصية والاطماع الذاتية ، ولا مكان للإجتهادات الخاطئة الغير محسوبة ! لأن مصلحة العراق وابناءه أهم من المصالح الضيقة للبعض ممن أحتلوا مراكزا لا يستحقونها ، ولا ندري هل أن وزارة التعليم

العالي العراقية جزءا من الحكومة أم إن الأخيرة إحدى مديرياتها ، أفيدونا أفادكم الله ، لأن الواضح بأن الحكومة وأعضاءها في واد ووزارة التعليم العالي في واد آخر !!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب