25 ديسمبر، 2024 7:36 م

الزعيم قاسم بين النرجسية والعشوائية والرؤية السياسية الواضحة للحكم

الزعيم قاسم بين النرجسية والعشوائية والرؤية السياسية الواضحة للحكم

الزعيم عبدالكريم قاسم او الزعيم كما كان يرمز له اختصارا في فترة حكمه ..هل حَكم العراق حكما رشيدا ام كان حكمه ابسط مايقال عنه حكما عشوائيا بلا نهج له او تخطيط .الرجل عسكري وشخصية مغامرة ومندفع ولكن من الصعب الحكم عليه بأنه شخصية سوشيوباثية,لانه لو كان سوشيوباثيا لأختلف مسار حكمه . كان ضابطا جيدا (اي كمهني) والكل يعرف أنه كان انسانا جيدا ولكنه نرجسي وجميع الحكام المتفردين نرجسيون . الحاكم او السياسي الذي يصل الى الحكم وفي دولة تحفها المخاطروتتصارع عليها الامبراطوريات على مدى تأريخها الطويل يحتاج برنامج حكم جيد وبرنامج الحكم الجيد يضعه المتخصصون , وتسمى الحكومة ذات البرنامج الجيد والتخطيط الجيد الحكومة الرشيدة, وفي الدول المتقدمة تعتبرالادارة الجيدة امرا اعتياديا بل واجبا ,لكن في دولنا التعبانة ليس الامر كذلك حيث كان وفي تلك الفترة يمكن لكل من يستطيع الحصول على دبابة ومجموعة رجال يحملون البنادق ان يسقط الحكم ويستولي على الحكم ويبدأ برنامجه في الحكم الفوضوي الذي قد لايكون خطط له حتى في احلامه ولكن الفرص والظروف هي التي اتاحته له ويمكنه ان يبقى في الحكم حتى يستطيع مغامر او سوشيوباث اخر أن يأخذه منه.الزعيم شخصية متفردة ولكنه كان يفتقد لبرنامج الحكم هو كالذي فاز ببطاقة اليانصيب المليارية ولم يكن يتوقع الفوز ولم يعرف كيف يخطط لصرف المال ولكن اللصوص كانوا يراقبونه ويتأمرون وسرقوها منه بشكل سريع قبل ان يفيق انصاره من الصدمة .جميع ابناء الشعب من الفقراء والبسطاء والكثير من المثقفين غير المأدلجين كانوا من انصاره اما الاحزاب فجميعها حتى من يزعم الان بأنه كان من انصاره فقد كان يطمح للاطاحة به والاستيلاء على الحكم والتخلص منه . هو رجل طيب ولا يمتلك عقلية دكتاتورية وتأمرية كعقلية عبد الناصر او صدام وقد اقحمه الجو السياسي المشتعل والصراعات الحزبية بين الشيوعيين والقوميين والبعثيين وخطابات وتحركات عبد الناصر في صراعات جانبية ابعدته عن التفكير الصحيح لوضع برنامج سياسي لقيادة البلد . لم يكن فاسدا ماليا او اخلاقيا ولم يستطع اي من خصومه اتهامه بذلك على الاطلاق ,اتخذ قرارات خاطئة او مستعجلة او لم يكن قد آن وقت اتخاذها.لم يستطع الرجل اقامة نظام حصين ورصين للحكم فسهل لخصومه الطريق للوصول اليه وانهاء حكمه .يحتاج الحاكم الى نظام حكم وليس الى جماهير تصفق له او احزاب تخدعه خصوصا اذا كان متفردا ويعمل بطريقة ابسط مايقال عنها انها تخبط اوعشوائية .قراراسقاط النظام الملكي يحتمل الكثير من النقاش وهل كان موفقا أم لا وهل كان جزء من وضع دولي حتى ولو بشكل غير مباشرام قرار ثلة من العسكر نفذوه بشكل منفرد ودون رعاية دولية ولكن القضاء على العائلة المالكة بهذه الطريقة المؤلمة وسواءا كان بعلم او أمر الزعيم او بدون أمره كان امرا كارثيا لأنه جعل الثورة ومنذ اليوم الاول تفقد الكثير من سلميتها وتدخل دروب العشوائية والفوضوية والتخبط وسوء التخطيط وعلى الاقل عدم قدرتها على السيطرة على مسارها (وهو ما ثبت فيما بعد وكيف انتهت) وحتى بعد أن استطاع الزعيم التخلص من خصومه لكنه لم يستطع ان يحافظ على مسار الثورة . يمكن القول أن الزعيم كان فاقد الثقة في الكثير ممن حوله وخصوصا ان اكثرهم من العسكر ومع انه استعان بكثير من الشخصيات المدنية في وزارته ودوائر الدولة ولكن بقيت ازرار السيطرة بيد العسكر وبقي نظام الحكم غير مستقر فلا هو دكتاتورية عسكرية بقبضة حديدية بالمعنى المعروف وتقود البلد على هذا الاساس كما في الحكم الناصري في مصر ولا هو ارسى مشروع حكم مدني تتنافس فيه الاحزاب للوصول الى الحكم حتى لو بقي هو على رأس الدولة وقد بقي هو رئيس للوزراء ومسيطر على المؤسسة العسكرية وشكل مجلس رئاسة (شكلي) من مدنيين وهو مايدل على تردده وعدم وصوله الى قناعة على منهج سياسي لنظام حكم مستقر ليحوز على ثقة الاحزاب والفعاليات الجماهيرية والمثقفين والاكاديميين ويبعد العسكر الى معسكراتهم بعيدا عن السياسة ليجنب البلد ويلات الانقلابات التي كانت المؤسسة العسكرية مولعة فيها منذ انقلاب بكر صدقي . طبعا هنا انا اناقش الوضع كما اراه انا الان وبعد ستين عاما من الثورة ولكن هناك عوامل اخرى يجب تسليط الضوء عليها مثل هل كان لدى الزعيم معرفة كافية بالفكر السياسي, هل كان لديه الرغبة او الدراية بضرورة الاستعانة باخرين من الساسة ذوي الخبرة او ساسة الدول الصديقة والمحايدة لكون تجربة العسكر في الحكم جديدة وحكم الوحدة العسكرية غير حكم بلد في خضم صراعات داخلية واقليمية ودولية .وبعد اربعة سنوات ونصف من حكم الزعيم استطاع التحالف بين منظومة العسكر المعادين له والبعثيين والقوميين من القضاء على التجربة التي وضع الكثير من الناس آمالهم فيها وعلى طريقة الحلم الذي لم يكتمل ليدخل البلد وابناؤه في نفق مظلم لايزال يتخبط فيه لحد الان .ذهب الرجل و الكثير ممن حوله الى رحمة الله وذهبت التجربة الى التأريخ كأي حدث تأريخي اخر ولها ما لها وعليها ما عليها .

أحدث المقالات

أحدث المقالات