23 ديسمبر، 2024 4:25 ص

الزعيم عبد الكريم وتضارب المفاهيم

الزعيم عبد الكريم وتضارب المفاهيم

يعتبر انقلاب عبد الكريم قاسم نقطة تحول في تاريخ العراق من الملوكية الى الجمهورية ، وهذا الانقلاب هنالك من يتشاءم منه وهناك من يتفاءل به ، وتاريخ هذا الرجل تاريخ ملئ بالانقلابات على التوجهات التي يتخذها ، وحتى احد الصحفيين الامريكيين كتب عنه بانه لا يمتاز باي شيء يجعله قائد ولكن له حضور لدى الشعب العراقي .

من خلال قراءتي لبعض صفحات تاريخ العراق توقفت عند بعض المحطات التي تخص الزعيم عبد الكريم قاسم . وحقيقة محطات تضرب بعضها ببعض وتبقى محكمة المهداوي سيئة الصيت محطة سلبية في تاريخ هذا الرجل .

بدا انقلابه دموي بما تحمل الكلمة من معنى وهذا لاخلاف عليه ، وهنالك من يبرر ذلك بان الامر لم يكن بعلمه ، وهنا لنبدا باول محطة من حياته وهي دخوله للكلية العسكرية كان حسب التوجه العثماني الطائفي ان لايسمح للشيعي دخول الكلية وبقت حكومات الملك على نفس التوجه ، هنا يتحدث عبد العزيز القصاب ـ شغل عدة مناصب في الحكومة ايام الملوكية ـ في لندن سنة 1958 بعد الانقلاب يتحدث مع عبد الهادي الجلبي ليقول كيف سمح لهذا البغيض الشيعي الدخول في الكلية العسكرية وقد استغرب الجلبي من هذا السؤال بالرغم من انهما متضرران من انقلاب قاسم يقول الجلبي للمؤرخ حسن العلوي عندما ساله عن ذلك 1988 وهما في لندن كانه اي القصاب لا يعلم باني اي الجلبي اني من سعيت لدخوله الكلية العسكرية وهو سني لكن ترباته شيعية، هنا لنثبت هذه النقطة ان الجلبي متفضل على قاسم ورد الفضل هو ملاحقته بعد الانقلاب فهرب الى الخارج .

سنة 1948 شارك في دورة في لندن وهو مقدم ركن وتنص تعليمات الدورة ان رواتبهم ومصاريفهم بضمنها العلاج تصرفها الحكومة العراقية ، بعد انتهاء الدولة التمس من السفارة ان يبقى لاجراء عملية لانفه لوجود ثلمة ( قرطة ) وقد سمح له بذلك وبعد اجراء عملية التجميل رفض المحاسب محمد اسماعيل رمضان صرف مبالغ العملية لانها تجميل وبعد مجادلات ومشاكل امر الامير زيد ابن حسين وعلى مسؤوليته صرف تكاليف العملية . الامير زيد شقيق الملك فيصل وعم الملك غازي .

ماذا حصل للعائلة المالكة في الانقلاب ؟ ابادة العائلة وهم عائلة الامير زيد بن حسين .

بينما من حاول اغتياله وهم شلة من العصابات الاجرامية وفشلوا بذلك وكذلك موقف عبد السلام عارف منه عندما حاول الانقلاب عليه ، ويذكر انعام رعد عضو الحزب السوري القومي عند زيارته قاسم ضمن وفد يقول تجرات وطالبته بالافراج عن عبد السلام عارف لانه رفيقه في الانقلاب ، يقول رعد فاشار الى قميص ملوث بالدم كان يضعه في واجهة زجاجية في مكتبه وكانها اشارة لمؤامرته عليه ، بالرغم من ذلك فهو اي قاسم صاحب مقولة عفا الله عن ما سلف وهؤلاء الذين غدروه عفا عنهم لكنه لم يعفو عن العائلة المالكة وحتى نوري السعيد الذي قتل بابشع صورة وسيكون لنا حديث عن نوري السعيد ، يقول من يؤيد قاسم انه لا علم له بذلك ، اقول وليكن اليس الاجدر به وهو الحاكم ان يقتص من القتلة ان كان لا يقبل بذلك ؟

بينما الدكتور محمد فاضل الجمالي الذي لم يرتكب اي جريمة حكمت عليه محكمة الشعب التي سميت المهداوي نسبة الى فاضل عباس المهداوي صهر قاسم بالاعدام ، والجمالي صاحب المواقف الرائعة من النهوض بالتعليم والمشاركة باستقلال تونس والجزائر والمغرب حتى ان ملك المغرب محمد الخامس رفض زيارة العراق والجمالي في السجن فاطلق سراحه ، فلماذا يحكم بالاعدام ؟

يقول جاسم العزاوي سكرتيره الشخصي : ان قاسم كان حذرا جدا ويشك حتى في نفسه وطالما نقل فنجان القهوة الذي وضع امامه الى احد الضيوف خوفا من ان يكون الخادم دس له السم .

هنا انا اقول ان كان العزاوي ينقل حدث فليس من حقه ان يجعل تقديم فنجان القهوة الى الضيف من باب الشك .

اما نعمان ماهر الكنعاني سكرتير قاسم لشؤون الصحافة فانه يؤكد ان عبد الكريم قاسم لا يؤمن بالقومية بل يكرهها ويكرهها من البداية ومن قال ان اذاعة القاهرة ودمشق هي سبب ذلك فهو واهم بل انه لا يطيق سماع كلمة عروبة

اما عبد الوهاب الشواف فقد جاء الى بغداد ليرجوه تاجيل مؤتمر انصار السلم في الموصل خوفا من اراقة الدماء الا انه اصر وبالفعل اريقت الدماء

الزعيم عبد الكريم يجيد الانكليزي وقليل من التركية والكردية ، عاش فقيرا ولهذا فانه حارب الفقر عندما تسلط على الحكم فقد ساعد الفقراء ومنح قطع اراضي للفقراء ، وكان انسانا بسيطا جدا ولا يؤمن بالتكبر ولايبذر اموال الحكومة وزاهد جدا ولكن لا يعرف هل هو قومي شيوعي بعثي اسلامي انتهازي ، انه هو ومن وجهة نظري انه يستحق رئيس جمعية لمساعدة الفقراء فهو اليد الامينة لمساعدة الفقراء .

وكان من انصار القضية الفلسطينية بشهادة كلمة وزير خارجيته هاشم جواد في الامم المتحدة وسمعت من شخص قرا عنه انه اقترح على العرب اذا اردتم تحرير فلسطين فسلموهم بندقية وعتادها سيحررونها ، وصدق الرجل في هذا الراي واليوم يشهد على ذلك .