الزحف نحو كربلاء لغز لا يدركه إلا من قد زحف … لو قطعوا أرجلنا واليدين ناتيك زحفا سيدي يا حسين … انه زحف الروح والعقل والأحاسيس قبل زحف الجسم والبدن ، انه زحف ملكوتي نحو متون السماء لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، انه زحف لاهوتي تخسأ العيون بالنظر الى كنه الحسين ، فويضات ..شعاعات الحسين انها قناديل رحمة تتفاوت حسب جبلاّتها واستعداداتها في تلقّي الحقائق الراهنة، فمنها ما تبهظه المعضلات والأسرار، ومنها ما ينبسط لها فيبسط إليها ذراعاً ويمدّ لها باعاً هذا باحة الحسين ،الزاحف كله مشاعر الذوبان وحياض المحبة وكأس الملاطفة لانه عاشق الحسين ، وذوبانه في عشق الحسين لوعة في مجامع القلوب قد كشف الغطاء عن ابصارهم وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم… انهم الزاحفون نحو الحسين ، روحانيته في ذات الحسين لوعة ذكر الذاكرين وشكر الشاكرين وسبق السعادة وهمم الزهادة وعذب معين المعاملة …. فيا زاحفون نحو الحسين لابد من قلوب ترسخت فيها أشجار الشوق في حدائق الصدور …لان الزاحفون كالذاكرين هم الى اوكار الأفكار ياؤون وفي رياض القرب اليه والمكاشفة عنده يرتعون … الزاحفون كالراجعين في رب الارباب اطمأنت انفسهم ، وتيقنت بالفوز والفلاح ارواحهم ، واستقر بإدراك السؤل ونيل المأمول قرارهم ، وربحت في بيع الدنيا بالآخرة تجارتهم ، انهم عظماء في عين الله وكبرياء على ملذات الدنيا وجبروت لمن تعاظم على آلاء الله….فيا زاحفون نحو السماء تصاغرت عندكم العظماء، وتحيّرت فيكم الحكماء، وتقاصرت في تحملكم الحلماء، وسكت من نطقكم الخطباء، وجهلت من علمكم الألبّاء، وكلّت بقصائدكم فطاحل الشعراء، وعجزت عن نكران ذاتكم الاُدباء، وعييت من لهيجكم البلغاء … فيازاحفون نحو الحسين انكسرت الاقلام عن وصف من وصفكم ، وعمت العيون في النظر الى فضيلة من فضائلكم ، بل أقرا بالعجز والتقصير، فكيف يوصف من لا يدرككم ؟ أو ينعت بكنهكم ؟ أو يفهم شيء من أمركم ؟
…. فيازاحفون نحو السماء تعلمون ان كربلاء قبلة العاشقين ، والقبلة في عمق السماء ، والسماء في عمق الكون ، والكون في عمق الوجود ، والوجود عند الله ، والله عظيم وفوق كل ذي عظيم عظماء … فيا زاحفون نحو السماء فأنتم زاحفون نحو الله … يا عبدي كن مثلي قل لشئ كن فيكون … فأنتم مثل بحبوحات الله نحو السماء مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كَزَرْع اخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين امنو وعملوا الصالحات …نعم انتم الزاحفون نحو محمد … محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم من اثر السجود …. انهم زاحفون نحو السجود ، نحو الركوع ، نحو العبادة ، نحو علي في محرابه … والله ما عبدتك خوفا من نارك او طمعا بجنتك إنما وجدتك اهلًا للعبادة فعبدك … وهذا أمامكم يا من ركبتم السحاب في زحفكم نحو الحسين قد اكتفى من دنياه بطمريه ، وهو يقول …ولكن لا تقدرون على ذلك أعينوني بورع واجتهاد، والله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا، ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، لكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة – ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع – أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرى …
امهاتي ، اخواتي وبناتي يا من اتخذتن الارض بساطا والماء طيبا والقران شعارا …يا زاحفات نحو السماء ، أنتن زاحفات نحو الله ونحو رسوله ، أنتن زاحفات نحو علي وفاطمة ، زاحفات نحو ام الكون سيدة نساء العالمين ،ام الحسن والحسين … يا زاحفات نحو الزهد ، ليس الزهد ان لا تملك شيئا إنما الزهد لا يملكك الشيئ … فالزهراء أيتها الزاحفات دين وتقوى وامر بالمعروف ونهي عن المنكر ، انها زاهدة غير مسرفة كانت شملتها ( النعال ) التي تلتف بها خلفه قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل نظر اليها سلمان يوما فبكى وقال : وا حزناه ان بنات قيصر وكسرى لفي السندس والحرير وابنة محمد ص عليها شمله صوف خلفه قد خيطت في اثني عشر مكانا، وفي … رواية اخرى إياها الزحافات رأى النبي ص فاطمة وعليها كساء من آجلة الإبل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها فدعمت عينا رسول الله ص فقال : يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقالت : يارسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر على الائه فانزل الله تعالى ( ولسوف يعطيك ربي فترضى )
يا زاحفون نحو الحسين اعلموا ان تراب اقدامكم دواء في العيون ، وبحبوحات تسبيحاتكم مفاتيح نحو الجنة والرضوان ، ودموع عيونكم مراتب في اعلى عليين وأنتم في سيركم نحو الحسين تتقربون في كل خطوة خطوت نحو الحسين فلا تفسدوه بالشبهة والحرام ووقروه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأداء الواجبات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .