أحتفاءً برواية (خرائط الشتات ) للقاص والروائي محمد عبد حسن ..
غادر بصرته قسرا..الصديق الحميم القاص محمد عبد حسن ، ثم ،عاد اليها بذاكرة ٍ مشطورة بين فضائين : فضاء صلد يملي عليه قسوة الشتات ليمنحه هواء ً معافى وعيشا لايستفزه في الحلم أواليومي ..ومن شقوق هذه القسوة كان محمد يسرّب ذاكرته نحو فضاءه الأم : بصرة عائلته وشركاءه فيما تسرده البصرة في آواخر القرن العشرين : قصاصون أداروا ظهورهم للمؤسسة الثقافية وأغترفوا من كدحهم اليومي لكدحهم السردي ..ولأن القصة القصيرة عشيقته المخلصة فقد بادلها التوهج والوجد فكانت (الطوفان ) خطوته القصصية الاولى المنشورة عن دار أزمنة في تسعينات القرن الماضي ..ثم نضجا معا العاشق ومعشوقته فصارت القصة ، رواية ً عنوانها (سليمان الوضاح) فازت بجائزة أردنية ومن هذا التمرين الروائي الجميل الذي لم يطبع واحتفظ ُ شخصيا بمخطوطة منه …انبثقت في 2014 (خرائط الشتات )..وهذه الرواية هي العلاج الشافي الذي اجترحته ارادة الصديق محمد عبد حسن السردية في تجاوز محنته الصحية..نعم ..خسر صديقي الجميل أحدى كليته فعوضها برواية لها أهمية في السرد الروائي العراقي ..وكشاهد عدل وانا أزوره أسبوعيا في بيته في غرفة يفصل بيننا زجاج شفيف مزود بباب بعد اجراء العملية ….كنت ارى من خلال هدوئه ونبرة صوته الخفيضة دوما ،كنت أرى اصراره في الكتابة الروائية..وهكذا في كل اسبوع نكاية بزجاج الغرفة والكمامة التي يضعها على فمه وانفه ..كان يحدثني عن روايته ..فشعرت ُ انه وجدها فرصة ً هذه الاجازة المرضية وقرر ان يرّتب ماخطه وما تراكم في ذاكرته ..وفي احدى زيارتي رأيته مبتهجا جدا ..وهويسلمني المخطوطة بخطه الشخصي…ثم اتصل بي بعد فترة ليخبرني انه سيرسل لي نسخة مطبوعة على الحاسوب من الرواية بيد شقيقه فريد ..وحين قرأت النسخة المطبوعة لاحظت ان النص قد تخلص مما علق به من زوائد وتم ذلك برهف الاحساس الروائي في صديقي الحميم محمد عبد حسن الذي بين عائلتينا وشائج عائلية عميقة تجاوزت نصف قرن …
*الكلمة المشاركة في جلسة الاحتفاء برواية (خرائط الشتات ) في اتحاد ادباء البصرة..