23 ديسمبر، 2024 6:49 ص

الرَوزَخون خضير الخزاعي وإعادة تشكيل الوَعي العراقي

الرَوزَخون خضير الخزاعي وإعادة تشكيل الوَعي العراقي

رَغم إدّعائِه بإمتِلاك أربَع شَهادات، واحِدة بكلوريوس وأخرى ماجستير وأثنتان دكتوراه، إلا أنه لم يُعرَف عَن المَدعو خضيرالخزاعي سوى أنه رَوزَخون قضى حياته مُتنقلاً بَين الحُسينيات في كندا العَظيمة التي جارَ عَليها الزمان لتبتليَ بأمثاله وتمنحَهُم جنسيّتها، والتي عَجَزت بكل جَمالها وتمَدَنها وأنسانيتها عَن تطوير أمثالـه وإصلاح عُقولهم الصَدأة بترَسّبات الجَهل والتخلف، وتنظيف قلوبهم المَريضة ببكتريا الحِقد الطائفي. لا أعلم كيفَ يُمكن أن يُصبح دَعياً كالخزاعي نائباً لسياسي مُخضرَم دَرَس القانون وخَبر السِياسة لعُقود كالأستاذ جَلال الطالباني، لكنّها توافقات العراق الجَديد ومُحاصَصاته الطائفية والعِرقية التي هَوَت بعلية القوم ورَفَعَت بأراذِلهُم. فبَعد الوَعكة التي ألمّت بالرئيس الطالباني والتُهمة التي ألصِقت بنائبه الأول الهاشمي، خَلا الجَو للخزاعي ليَبيَض ويَصفر ويَنفش ريشَه كرَئيس بالوكالة، وهاهو يُمثل العراق بأغلب المَحافل الدُولية ويَلتقي بمَن لم يَكن يَحلم بلقاء خيالِهم مِن كبار المُلوك والرُؤساء. 

في واحِدة مِن أكبر الجَرائم التي عَرفها تأريخ العراق بعد 2003 وما أكثرها، أستؤزر الخزاعي في حكومة المالكي الأولى لوزارة التربية المَسؤولة عن تربية أطفال العراق ونشأتهم، وبدأ يَعيث فساداً بأروقتها ويَنفث سُمومَه بمَناهِجها التي تعاقد على طباعَتِها مَع مَطابع إيرانية، ضِمن مُخطط خبيث مَدروس سَلفاً لإفساد عقول الطلبة، وتهيئتها لتصبح هدفاً سَهلاً لأفكار أحزاب الإسلام السياسي المَريضة، حتى وَصَلت رائِحة فسادِه النتِنة للمَرجعيات الدينية في النجف الأشرف التي وبّخته على ذلك لكنه لم يَتعِّظ. ثم ألحَقها بقتل أحد الطلبة على يَد أفراد حِمايته الأشاوس. كما لازالت الهَياكِل الحَديدية للمَدارس التي وَقّع عُقود بنائِها مَع الشَركات الإيرانية التي هَرَبَت بالجَمل بماحَمَل شاخِصة أمام الأنظار بمُحافظات العراق المُختلفة تروي الحقيقة المُخيفة لهذا الرَجُل. هو يُشبه سَيدَه المالكي في ولعِه بالسُلطة وتمَسّكِه بها رَغم أنهُما مِن جَناحَين مُختلفين لحِزب الدَعوة، لكن تعَدّدَت الأسباب والمَوت واحِد. فكما فعَل سَيده يوم تمَسّك برئاسة الوزراء مُتحَدّياً الإستحقاقات الإنتِخابية والإرادة الشَعبية التي خرَجت للشوارع فرحَة لخسارتِه بالانتخابات، كذلك فعَل الخزاعي يوم تحَدّى كلّ العراق وتمَسّك بمَنصِب نائب رئيس الجمهورية، وقد نجَح بمَسعاه في وقت إستجاب فيه السيّد عادل عبد المهدي لصَوت العَقل والمَنطق وإستقال مِن مَنصِبه.

لقد صَرّح الخزاعي يوماً بأنه مَسؤول عَن إعادة تشكيل الوَعي العراقي، وقد ضَحِك البَعض حينها على هذا التصريح الذي قد يَبدو في ظاهِره سَخيفاً ومُضحِكاً، لكن لو تمَعَنا قليلاً بكلماته لوَجَدنا أنّه ذو مَعنى خطير بَل وباتَ واقعا يَعيشُه العراقيون. إذ يَبدو فعلاً أن الوَعي العراقي الذي فشِل عُلماء إجتِماع ومُفكرون في تشكيله بشَكل سَليم سَيُعاد تشكيله على يَد الخزاعي وأمثاله مِن الطائفيين، فمُنذ عام 2003 وحَتى قبله تم حَشو هذا الوَعي القلق أصلاً بأفكار مَريضة تتحَدّث عَن إعادة الحَق لأصحابه وإنصاف الأكثرية المُضطهَدة، وقد مُنِحَت هذه التُرّهات مِصداقية وحَصانة دستورية عِبر بروَزتِها ضِمن(إطار ديمقراطي)، ليُصبح وصول قوى الإسلام السياسي الشيعية للسُلطة وهَيمَنتها عليها ظاهرة طبيعية بَل وضَرورة لتحقيق هذه الأهداف مِن وجهة نظر هذا الوَعي الجَمعي، وليُصبح المُعارض لها عَدواً للديمقراطية وإرهابياً وخارجاً عَن القانون!

إذاً المُشكِلة تكمُن في العَقل العراقي عُموماً، ولـيسَ في خضير الخزاعي وأمثاله تحديداً. بمَعنى أنها ليسَت فقط في قوى الإسلام السياسي وأتباعُها وما ينفثونه في مُجتمعاتهم مِن أفكار مَسمومة، بل في الطَبيعة المَريضة للعَقل الجَمعي الذي يتقبّل هذه الأفكار ويَحوّلها الى وَعي في عُقول أفراده الذين يَرفضون مُواكبة الحَضارة ويُصِرّون على البَقاء في عُصور الظلام والتخلف، عِبر إصرارهِم على السَير كإمعات مُغيبة الوَعي خلف الخزاعي وأمثاله مِن سَدَنة الوَهم والخُرافة الذين يُمسِكون بزمام السُلطة في عِراق اليوم.

[email protected]