27 ديسمبر، 2024 3:47 ص

الرَأس الكَبير أصله حقير !

الرَأس الكَبير أصله حقير !

لم يكن أحد يتصور ان عراق مابعد 2003 سيكون مرتعاً للعملاء والخونة وشذاذ الآفاق ولم يكن أحداً يتوقع أن الأحزاب التي كانت تدعي على انها معارضة للدكتاتورية وبالنتيجة تصبح معارضتها لذلك النظام على السلطة والمال وليس من اجل كرامة الوطن والمواطن كما كانت تدعي . ولم يكن احد يتصور ان عراق بعد 2003 سيكون متخلفاً الى هذا الحد الذي وصلنا اليه وكان الأمل ان العراق سينتقل الى مصاف الدول المتقدمة . لكن سمات الزيف والمخادعة والمخاتلة والتدليس والعمالة للأجنبي هي التي سادت ونشرت الموت لتتسع المقابر في كل مكان من ارض العراق .
ساسة العراق بعد العام 2003 تركوه تنهش به الغربات بينما هم منشغلون في نهب ثروات البلاد . وبرغم كل الذي يجري هنالك من يدافع عن اشخاص يعتبرهم تيجان رؤوس . أو رؤوس كبيرة .
اما نحن الذين نهاجم هؤلاء بالكلمة فقط وهي الأكثر بلاغة وقساوة لانقبل ان نضع على رؤوسنا سوى كلام الله والوطن والمواطن وما عدى ذلك انما هو نفاق سنحاربه على الدوام .
ثقافة دخيلة على مجتمعنا العراقي . تلك التي تُمَجِد من لايستحق المجد وتنفخ في أرواح سرعان ما يتبين انها فارغة ألا من العفونة والحقد الأعمى والدسائس والتآمر على الوطن والمواطن !
حَّدَثني صاحبي على أنه ومجموعة من الأصدقاء قد تناولوا أسمي في محفل يضم رئيس مؤسسةأكاديمية أقترحوا عليه أن أكون مسؤلاً عن الأعلام في مؤسسته الفتية فكان رده على انني أتناول بالنقد القاسي رؤوساً كبيرة حسب طرحه وهذا الموضوع يسبب له اشكالات . مصطلح الرؤوس الكبيرة أجبرني على كتابة هذا المقال كونه قد أستفَزَّني بشكل كبير خاصة وأنني لا أعتقد بوجود رأس كبير في العراق !
مع أنني أثمن عالياً صراحة من أشكَلَ علي ضاهرة نقد الرؤوس الكبيرة بالنسبة اليه .
منذ العام 2003 وحتى اليوم الموازين والقواعد الثابتة في كل بلدان العالم تنقلب في العراق لتتحول ألى شواذ لايقبل بها العقل البشري وبالنتيجة تضمحل الرؤوس الكبيرة لتحل محلها رؤوساً حقيرة أباحت كل ماهو ليس واقعي وأستباحت كل شيء كان مقدساً لدى المجتمع العراقي .
رغم قساوة وظلم النظام الدكتاتوري الذي سقط عام 2003 لكن لا يستطيع أحد من وكلاء المواد الغذائية أن يتأخر يوم واحد عن توزيع حصة غذائية متكاملة تتكون من 10 مواد غذائية على أقل تقدير وكان سعر برميل النفط قد وصل الى 11 دولار . بينما بعد العام 2003 تبخرت الحصة التموينية رغم مضاعفة المبالغ المخصصة لها وسعر برميل النفط قد تجاوز ال 120 دولار وقد سمع العالم فضائح فساد تزكم الأنوف في وزراة التجارة . وعلى هذا لايوجد رأس كبير في وزارة التجارة انما يوجد رأس حقير ذلك الذي يسرق قوت شعب كتبت عليه انظمته الأستبدادية حروباً مجانية وأزمات مفتعلة .
رغم قساوة النظام الدكتاتوري السابق وبشاعته وظلمه للشعب لكن لم نسمع في يوم من الأيام ان الخدمات الصحية في المستشفيات والمستوصفات قد توقفت أو اصاب العلاجات فيها شحٌ ذات يوم وكانت الوفيات بالمقارنة مع الواقع الصحي الحالي قليلة جداً . اليوم المواطن يموت نتيجة للدغة أفعى أو مرض بسيط أو حادث بسيط نتيجة لسوء الخدمات الصحية بل نتيجة لأنهيار المنظومة الصحية وبالنتيجة لايوجد رأس كبير في الصحة بل يوجد رأس حقير . !
لا أريد أن ازيد في المقارنات بين ما كان في الزمن الدكتاتوري الحقير والزمن الديمقراطي الحالي ولكن يكفي أن نذكر ان العراق مابعد 2003 قد أنفق أكثر من 1500 مليار دولار كان نصفها يكفي لبناء عراق جديد يعتمد أحدث التكنلوجيا في السكن والتعليم والتسليح والدفاع الخدمات والصحة . ولم يتحقق شيء منها بل على العكس انهارت منظومات تلك المرافق الحياتية بشكل كامل وبالنتيجة وأما هكذا انهيارات ترافقها عمليات موت جماعي للعراقيين ليس من حق أحد أن يدعي أن هنالك رؤوس كبيرة بالمعنى العام ذلك أن مصطلح الرأس الكبير يجب أن يطلق على من يعمل من اجل خدمة الوطن والمواطن وبغياب هكذا توجه وهو الوضع السائد في العراق فأن رؤوس كبيرة للفساد والقتل والأحقاد ومصادرة حقوق الناس هي التي تنتشر في ربوع العراق الذي تحول بفضل سياساتهم وقساوة افعالهم الى خربة لايمكن أصلاحها بوجودهم مع كثرة عبيدهم من المتخلفين والسذج .
ما اريد الأشارة اليه . ان العراق اليوم سياسياً ليس فيه رؤوس كبيرة أِلا ما ندر طالما انه بلد يحتضر . وأن ما موجود هي رؤوس حقيرة أستباحت كل شيء في البلاد ولم يتبقة من العراق شيء يبعث على الحياة بعد نشر اسباب الموت في كل ربوعه من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه . وحسبنا الله ونعم الوكيل !
[email protected]