لربما العنوان يختلف اختلافاً جذرياً عن ما هو مضمون في هذا المحتوى…..أعلم جيداً أن العنوان جذب الكثير ويختلف جذبه لوكان العنوان مشابه الى ما هو مضمون ما سنقوله….خطورة ما يحدث في العراق بسبب الحكومات الضعيفة المتعاقبة عليه أدت الى تزايد المطامع على حدوده وحتى على حدود كرامة شعبه وحقوقه ووجوده…..بالأمس كانت جمهورية تركيا ولازلت تضرب وتدخل شمالنا من كل الجهات دون أ ي دور للخارجية العراقية “الهزيلة” بتحركاتها ولم نسمع أو نرى أي تحرك على مستوى الخارجية العراقية او على مستوى أقليم كردستان بجيشها المنتشر بكثافة وبكفاءة على عرب كركوك ونينوى ولم نرى هذا الجيش يتحرك للرد على هذا التدخل علماً أن ميزانيته تسلب من الميزانية المركزية وخدماته معروفة للجميع مقدمة لمن……وبالأمس أيضاً رأينا مشكلة كبيرة في حقل الفكة الحدودي والاستيلاء عليه ولم نرى أي تحرك على المستوى الخارجي بالطموح المطلوب …..كل هذا يعطي مؤشر خطير على مرحلة خطيرة من مراحل ضعف الدولة العراقية وما يحزن هو ما يحدث لبلدنا من تكالب على حدوده وخيراته وشعبه انتقاما مرة ومرة طمعاً ومرة أخرى استهزاءً به وبمقدراته ومرة بسبب ظرفه الذي يمر به واستغلال دول الجوار لهذا الظرف وتسخيره لمصالحهم وأعزوه مرة أخرى لضعف الرد من الحكومات والوزارات المعنية ويأتي ضعف هذه الحكومة بضعفها على تطبيق القانون والفساد الذي دب فيها وفي شرايينها بحيث اصبحت عاجزة على تطبيق القانون بنفس الكفاءة وعلى كافة المستويات.
اليوم ومثل الامس يضيع علينا حق آخر من حقوقنا نراه يضيع ونحن مكتوفي الايدي ألا وهو منافذنا البحرية في الجنوب على الخليج العربي حيث بدأت الحكومة الكويتية بأنشاء ميناء مبارك الكبير على جزيرة بوبيان الميناء الذي دخل حيز التنفيذ والحكومة العراقية بدأت متأخرة في علاج هذا الامر بعد أن أرست تصاميمه ودراسات الجدوى ومدد التنفيذ الى شركات عالمية يصعب نقض الاتفاقيات معها مما يزيد الاحراج للجانب الكويتي والعراقي على حد سواء.
فكرة الميناء
ميناء مبارك يقام على جزيرة بوبيان الغير مأهولة بالسكان … وكان العراق يستخدم هذه الجزيرة بموافقة السلطات الكويتية في مواجهات العراقية- الايرانية في التواجد في الجزيرة او الامداد بالاسلحة خلال الحرب العراقية الايرانية 1980/1988 ويشكل الميناء إضافة إلى مشروع مدينة الشحن التي ستكون الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط، وربط هذه الجزيرة بمدينة الكويت بواسطة السكك الحديدية والجسور مما يسحب البساط من الجانب العراقي في أنشاءه لميناء الفاو الكبير الذي يعتبر نقلة نوعية في قطاع تجارة الترانزيت ليمثل خطوة مهمة في العودة مرة أخرى إلى إحياء طريق الحرير. ومن المقرر أن يصل عدد المراسي في ميناء مبارك الذي تبلغ تكلفته نحو 870 مليون دينار إلى 60 مرسى وعمق القناة الملاحية إلى 20 مترا. مما يترك الجانب الملاحي العراقي ذو ضحالة يصعب معها الملاحة للسفن المتوسطة والكبيرة. ويوضح الشكل 2 تضرر الموانئ العراقية العاملة حالياً مثل خور عبد الله وميناء ام قصر وميناء البكر وخور العمية وأغلب الموانئ العراقية مما سيضر بالاقتصاد العراقي وحتى لربما على قوت الشعب العراقي ومفردات البطاقة التموينية القادمة من الموانئ العراقية والتي يتطلب لو تم تنفيذ ميناء مبارك ادخالها الى الكويت اولاً ومن ثم العراق عبر منفذ سفوان وهذا ما يزيد من كلفة هذه المفردات ومما يدعم الاقتصاد الكويتي على حساب الاقتصاد العراقي.
لماذا في هذا الوقت وفي هذا المكان
ترجع أصول ميناء مبارك الى ميناء الفاو الكبير الفكرة العراقية الخالصة التي لو تم تنفيذها سيكون العراق من أهم الدول العالم في انتقال البضائع ما بين آسيا وأوروبا وأحياء فكرة طريق الحرير عبر القناة الجافة مما يؤثر على أهمية قناة السويس وكذلك على زيادة صادرات العراق النفطية والتبادلات التجارية بين منطقة جنوب غرب وشرق اسيا وبين أروبا أي بمعنى آخر لو نفذ ميناء الفاو الكبير مع القناة الجافة التي تربط العراق بتركيا ومن ثم بأوروبا فأن الدور دول الخليج وايران ومصر وحتى الاردن وجنوب افريقيا سيضعف مما يعطي للعراق دوراً أكبر بكثير عما هو عليه الان مع العلم أن كلفة هذا الميناء الذي يحتوي بحسب تصاميمه الأساسية على رصيف للحاويات بطول 39000 متر، ورصيف آخر بطول 2000 متر، فضلاً عن ساحة للحاويات تبلغ مساحتها أكثر من مليون متر مربع، وساحة أخرى متعددة الأغراض بمساحة 600 ألف متر مربع، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للميناء 99 مليون طن سنوياً، فيما تبلغ الكلفة الإجمالية لإنشائه أربعة مليارات و400 مليون يورو. ومن المؤمل أن يتصل الميناء بخط للسكة الحديدية يربط الخليج العربي عبر الموانئ العراقية بشمال أوربا من خلال تركيا، وهو المشروع والذي يعرف باسم القناة الجافة.
لقد أستنزف هذا الميناء (الفاو) الكثير من الوقت بسبب البطء المتعمد والغير متعمد بحدود 6 سنوات ما بين التصاميم والاستشارات مما دعى بالكويت الى المضي بمشروع ميناء مبارك وكان أحد أعذارها أنها لن تنتظر طويلاً لكي ترى هذا الميناء يدخل حيز التنفيذ مدعومة من قبل الكثير من الدول الخليجية التي ترغب بوجود هذا الميناء ليقطع على العراق فكرة مينائه ومصر التي ترغب ببقاء قناة السويس طور النشاط المستمر وكذلك الامريكان الذين يرغبون ببقائهم في العراق كورقة ضغط على الحكومة العراقية لاستمرار بقائهم في أهم منطقة غنية في البترول في العالم ويعطي مبرر لبقائه بضعف الحكومة العراقية.
فكرتي الميناءين مبارك والفاو متناقضتان بالأهداف فالأول مبني على سلب واستقطاع جزء من المياه الدولية العراقية برغم وجود قرار رقم 833 للأمم المتحدة ما بين العراق والكويت الذي غاب عنه العراق في حينه بسبب النظام السابق وطيشه والثاني مبني على زيادة ودعم الاقتصاد العراقي ودعم الاقتصاد العالم عبر الاستفادة من موقع العراق المتوسط للقارات العالم القديمة مما يؤهله الى المضي في هذا المشروع…
فمشروع مبارك سينفع الكويت جزئياً وسيضر العراق كلياً بينما ميناء الفاو سينفع العراق والكويت ومنطقة الخليج العربي وايران كلياً واحياء الخليج العربي بشكل كامل وكفوء.
وبالمختصر المفيد ميناء الفاو سوف يغير جغرافيا النقل في العالم هذا ماقاله أحد خبراء النقل في العالم عندما عرضت عليه الفكرة.
وأغلب الدراسات العالمية حول ميناء الفاو تشير الى أذا ما تم أنشاء هذا الميناء ان يصبح من أكبر الموانئ في العالم وأكبر ميناء في الشرق الأوسط وسيحول الفاو إلى مدينة عالمية تجارية اقتصادية ضخمة. وقد تم الاتفاق المبدئي في شهر أيلول 2009 مع شركات إيطالية حول بناء المشروع يرافق بناء هذا المشروع هو عملية بناء وتأهيل واعادة تشغيل عدة مصانع تكميلة في ميناء الفاو الكبير تسهم في تمتين الاقتصاد العراقي وتوفير عدة آلاف من فرص العمل للشباب حيث سيبلغ عدد العاملين في بناء الميناء 300الف فرصة عمل.
ونحن ندعو بحملة تثقيفية وإعلامية محلية ودولية على اعتبار انه احد المنجزات الوطنية المهمة والمصيرية التي تحتاج إلى التفاف جماهيري وإرادة سياسية موحدة تنطلق من مصلحة العراق الكبرى، كما أن المحيط العالمي سيكون دافعا ومحفزا لما يتوقعه من مردودات ايجابية من خلال هذا المشروع الكبير.