20 مايو، 2024 3:56 م
Search
Close this search box.

الرويبضة

Facebook
Twitter
LinkedIn

في مطلع سبعينيات القرن الماضي كَثُر عرض الافلام اليسارية في دور العرض في بغداد اذ كنا نرتاد دور العرض الجيدة مثل النصر و بابل و سميراميس و نبحث عن الافلام الهادفة. كنا مجموعةً بنفس الاعمار من طلاب الاعدادية، لا ننتمي لحزب او جهة دينية او سياسية او عسكرية بل كان انتماءنا هو حب وطننا و الاخلاص له و التضحية من اجله. دراستنا كانت من اجل الوطن، حبنا للوطن، نشيدنا للوطن اقلامنا للوطن و فصيلة دمنا هي العراق. رحل معظم افراد هذه المجموعة اما في الحروب العبثية او على يد المنون الجبارة القوية او اغتيالا لانهم (لا يتحلون بالروح الوطنية)!!! رحل هذا الجمع الخيّر بعد ان نال ارقى الشهادات في الطب و الهندسة و الاداب و العلوم العسكرية و كان كل واحد من هؤلاء يعادل مئة (دكتوراه) من شهادات اليوم، (شهادات مريدي و سوق جمالة) و شهادات (مشّيلي و امشيلك) (طمطملي و اطمطملك) و شهادات دول الجوار. رحل قصي الحداد و رحل رضا عبد الرسول و رحل تحسين و رحل عبد الجليل و مهند الشريفي و رحل اخي احمد الذي علمني كيف اكتب و كيف اُنشد للوطن و كيف اعيش مع الفقراء اصحاب الثورة و اصحاب منابع العلم و الادب .. فعُذبَ  و سُجن و رحل ولا اعرف كيف صعدت روحه الى بارئها. و رحل اخرون فأدموا لي القلب و ادمعوا لي الجفون فشاب قلبي قبل رأسي و العيون و بقيت اكرر ابيات علي بن ابي طالب (ع):
لا تسلني على ما بِك فأنـــي                  صبورٌ على ريب الزمان صليبُ
حريصٌ على ان لا يُرى بـي                  كآبة فيشمَتُ عادٍ او يُساءَ حبيبُ
 نرتاد دور العرض الجيدة في امسيات الخميس لاسباب عدة: اولها انا كنا نريد الترويح عن انفسنا ببراءة كبراءة الاطفال او كبراءة القرطاس مما عليه يُسَّطرون، بعد عناء اسبوع كامل في الجد و الاجتهاد و مواصلة الدراسة دون كلل او ملل و ثانيهما هو الرغبة الجامحة في تعلم اللغة الانكليزية كونها اللغة الاولى عالميا، و ثالثهما هو ما نحمله من حب لشعبنا و وطننا اذ نجد متنفسا في هذه الافلام. كان جُل هذه الافلام يبحث عن بناء الوطن و الفرد بالطريقة السليمة السويّة بعيدا عن التحزبات و المذهبيات ووو لذلك عشقنا هذه الافلام حتى انننا كنا نتقمص شخوصها و نرغب بخدمة وطننا على شاكلتها.         

تُظهر معظم هذه الافلام رجالا اكفاء من المخابرات او الامن او الشرطة او رجال القانون، رجالٌ نذروا انفسهم لخدمة وطنهم و التضحية في سبيله فلم توقفهم عصابات قوية او اسلحة جرثومية، لم تثنهم عن اداء عملهم ضغوطات خارجية او داخلية او رشاوى او تهديدات. واصل هؤلاء الليل بالنهار جهودهم للقضاء على الفساد الاداري و المالي و الاخلاقي في مجتمعهم و نجحوا بتظافر جهودهم و تضحياتهم مِن وضع ايديهم الطاهرة النبيلة على منافذ الفساد فشخصوه و حاصروه و هموا باجهاضه و وأده في مهده و القضاء عليه في حاضنته و هم فرحون بذلك لانهم قدموا الغالي و النفيس لوطنهم و ثأروا لرفاق دربهم و مسيرتهم التي ستكلل بالنصر و الانتصار على جحور الظلام و الفساد و لكنهم فوجئوا بان وزراء و مسؤولين كبارا يقفون وراء هذه العصابات الهدامة فخاب ظنهم و ضعُفت عزائمهم فاصبحوا يرددون ( لا حظت برجيلهه و لا خذت راغب علامة)!!! عندها بكيت على وطني و شعبي ما دام مدبر الامر و الكر و الفر و الجر و العر في هذا المجال هو الرويبضة. [email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب