19 ديسمبر، 2024 11:35 م

الرواية العراقية بعد عام 2003

الرواية العراقية بعد عام 2003

تعيش الرواية العراقية اليوم حالة فريدة لم تشهدها من قبل فهناك وفرة وغزارة في الإنتاج الروائي غير مسبوقة،وبالتأكيد ان الوفرة ليست تدل دائماً على الجودة ولكن هذا لايعني قطعاً عدم وجودها.
يعلل الكثيرون ماتتشهده الرواية العراقية الآن بالمأساة التي عصفت بالمجتمع العراقي بعد عام 2003فبرأيهم ان المآسي الكبرى غالباً ماتنتج أدباً عظيماً وهذا سبب وجيه ولكنه ليس بكاف وحده فلقد شهد العراق في العقود الماضية الكثير من المآسي والحروب والحصارات والجوع ولكن الرواية العراقية ظلت تراوح في مكانها..أعتقد أن اتساع هامش الحرية والتعبير الذي حظي به الكاتب العراقي هوالعامل الأهم في المعادلة أضف الى ذلك سهولة النشر التي لم تكن متاحة مثلما هو عليه الحال الآن،بالإضافة الى كل هذا وذاك إن نجاح تجارب بعض الروائيين قد أغرت الاخرين لكي يحذوا حذوهم وإن كان الكثير من هؤلاء مع شديد الأسف لايتمتعون بالموهبة الكافية.
من الملاحظ ان هناك الكثير من السمات التي تشرك فيها اغلب الروايات العراقية المكتوبة بعد عام 2003 ومنها اللغة فلغة معظم هذه الروايات هي لغة صحفية بسيطة وفقيرة أحياناً..صحيح إن بعض هؤلاء الروائيين هم أصلاً شعراء وهم يكتبون بهذه اللغة بقصدية لكي يكونوا أقرب الى القارئ وكنوع من الاحتجاج والرفض والمغايرة لمن سبقوهم من الكتاب والذين وقفت لغتهم الوعرة والمبهمة حاجزاً بينهم وبين القراء ولكن علينا ان لاننسى بأن من يكتبون الرواية اليوم ليسوا كلهم شعراء بالأصل فهناك الصحفيون واصحاب أنصاف المواهب والمغامرون الذين لايتمتعون بأدنى موهبة والذين قرروا أن يجربوا حظهم في الرواية فكانت النتيجة هذه اللغة الفقيرة والسقيمة التي باتت سمة من سمات الرواية اليوم.
أضف الى ذلك ثيمة العنف التي لاتكاد تخلو منها رواية عراقية ..صحيح ان الكاتب ابن بيئته والواقع العراقي مكتظ بالقتل والدمار والموت ولكن هناك مبالغة في سرد وإقحام مشاهد العنف والإشتغال على موضوعة العنف من قبل الكثير من الروائيين العراقيين الذين وقفوا عندها طويلاً ولم يتجشموا عناء البحث عن ثيم اخرى بديلة .
وثمة شئ آخر تشترك فيه معظم الروايات العراقية وأعني به الوثيقة وهي حيلة سردية مامن كاتب عراقي الا وجربها ولربما في اكثر من عمل روائي لاضفاء مزيد من المصداقيةعلى عمله فما من شئ بطبيعة الحال اقوى وأصدق من الوثيقة ولكن غالباً مايكون ذلك من دون مبرر وكنوع من التقليد للموضة السائدة .
هل يعني كل ماذكرناه أن الرواية العراقية ليست بخير؟ بالتأكيد لا فكثرة التجارب الهابطة لاتلغي وجود تجارب روائية مهمة ،واستشراء القبح لايعني مطلقاً عدم وجود الجمال..

أحدث المقالات

أحدث المقالات